مجزرة إرهابية، في خدمة إيران !
الجمعة, 04 مارس, 2016 - 08:51 مساءً

ثمة خلط للأوراق واضح يستهدف تأكيد مخاوف العالم المزعومة، عن إنتشار الجماعات الإرهابية في اليمن.. 
المجزرة الإرهابية بعدن التي إستهدفت طاقم طبي أجنبي، بصورة فظيعة، بدت كما لوكانت محاولة تأكيد أن لدى مجلس الأمن الذي تحدث عن مخاوف العالم من إزدها جماعات القاعدة وداعش في اليمن، ما يقلقه حقا، لفرض تسوية سياسية..كهدف رئيسي للمستفيد من الهحوم..!

تشبه المجزرة من حيث الطابع، العملية التي استهدفت مستشفى جبلة بمحافظة إب نهاية ديسمبر 2002 . 

وقتها هاجم إرهابي المستشفى الذي يشغله طاقم أجنبي فقتل 3 أطباء امريكيين وأصاب رابعا كانوا يقدمون خدمات طبية وإنسانية في المشفى .. 

تشترك دوافع الواقعة الوحشية في دار المسنين بعدن مع هجوم جبلة ظاهريا، بإستهداف أطباء أجانب، مغايرين دينيا " مسيحيين" او " هندوس " تكريسا لفكرة تقديم الإسلام بأبشع صور الكراهية!
لكن إستهداف دار العجزة في الظرف الراهن، يضيف دوافعا أخرى سياسية مرتبطة بالحرب والوضع الميداني، وهذا ما يجعل الميليشيات الآن ومن خلفها إيران أحوج ما تكون لهذا الإنقاذ "البليغ " فعلا وقولا...
لقد أصبح البلد ميدانا لأجهزة الإستخبارارت الأجنبية، وهذا مؤكد، وكانت إيران تعمل بكل طاقتها للوجود بكل الصور في اليمن، في وقت كانت بقايا مسميات أجهزة دولة مازالت قائمة..
أما بعد سقوط اليمن في قبضة طهران بطريقة جعلتها صاحبة القرار الأول بالنسبة لسلطة الأمر الواقع التي تديرها أذرعها فقد نالت الجائزة حقا ..

لن تتوقف دولة معادية كإيران،ذات طموحات توسعية في المنطقة وتمارس شكلا من الهيمنة المسموحة بواسطة قوى كبرى، عن العبث والوصول الى أقصى مدى ممكن من الإستنزاف الأمني والعسكري والمالي لليمن أولا وللتحالف العربي على حد سواء ..

والثابت أن اليمن والتحالف العربي في حالة مواجهة مع إيران، كدولة تحارب على الأرض بصورة مباشرة بالعتاد والعناصر الى جانب ذراعها الميليشياوي في أجزاء من البلاد .
لكن هذا الجزء الواضح من الحضور الإيراني، أحيانا يفلت من مدى الرؤية وخطاب السلطة والتحالف.

المؤكد أن نشاط جهازطهران الإستخباري في هذه الحال سيكون في الذروة مع كل المتغيرات العاصفة منذ الأنقلاب في 21 سبتمبر 2014 .

لا زالت الدولة الفارسية ،تتعامل مع صنعاء كعاصمة محتلة، وغدت مقراتها الدبلوماسية وكرا لأنشطة إستخبارية وعسكرية وفقا لتصريحات تيار حوثي غاضب في صنعاء...

لقد ذهبت الامور أبعد من محاولة العمل الإستخباري الى التصرف بقرار الجهاز الأمني الذي أصبح بحوزتها ببساطة، فقد أفرجت الميليشيات عن عناصر استخبارية إيرانية ولبنانية تابعة لحزب الله في الأربعة الأيام الأولى من الإنقلاب، ولاحقا إختطفت إيران مع ميليشياتها اللواء في جهاز الإستخبارات اليمني، المراني المسؤول عن ملف الإختراق الإستخباري الإيراني لليمن !

علينا ان لا ننسى أن إيران كانت تتعاون مع عناصر القاعدة في العراق، وفقا لروايات مرجعيات شيعية، كالكويتي ياسر الحبيب، الذي أكد في مقطع فيديو ان ضباطا كبار في الحرس الثوري أعترفوا له بأن عناصر القاعدة التي تقوم بالتفجيرات في العراق، تحصل على العناية الطبية والدعم من طهران..!

" هذه مصلحة أمن قومي إيراني " أجاب عناصر الحرس الثوري ردا على سؤال الحبيب عن مصلحة إيران من ذلك !

واليومين الأخيرين كشفت أمريكا ما هو مكشوف ، وقالت إن إيران تعاونت مع بن لادن وتنظيم القاعدة ووفرت لهم التسهيلات المالية واللوجستية، مقابل حماية " مراقد أئمة الشيعة"..!

هناك مصالح إيرانية مهمة توفرها هذه التنظيمات، فهي تبدو في صورتها البشعة كتنظيمات مستنسخة لأسوأ الفرق التي شهدتها تجربة المسلمين خلال تاريخهم، كمثيلاتها من تجارب الأديان الأخرى.

لكن ما تحرص إيران عليه هو التركيز على منطلقات هذه التنظيمات " السنية" وهذا ما يجعل طهران ذات حظوة، على المستوى الطائفي في المنطقة ووجودها المباشر مطلوبا أكثر في مناطق صراع عمدت على صبغها طائفيا لتصبح منقذا لا بد منه كما هو حاصل في العراق وسوريا..!
بالإضافة الى ذلك تسعى دولة " المرشد" لإقناع العالم بأنها طرفا مهما في " لعبة محاربة الأرهاب "رغم أنها مازالت توضع ضمن تصنيف الدول الداعمة للإرهاب .
غير هذا، هناك طرف داخلي مهم، فصالح الذي يحتفظ بسجل حافل من العلاقات مع هذه التنظيمات، هو نفسه الذي يقاتل جنبا الى جنب مع إيران وما بات عليه من صلة وثيقة تجعلهما أكثر قدرة على اللعب بورقة الإرهاب ..

هذا يرتب مسؤولية كبيرة على السلطة الشرعية والتحالف، فالهدف الإيراني أبعد من اليمن بالتأكيد، وهو يرسم خارطة فوضى يريد إبعادها الى أقصى حد جغرافي ممكن في خارطة الجزيرة والخليج .
هذه الهجمات والوقائع، بمثابة تحديات توجب وضع الملف الأمني في المناطق المحررة على خط مهام الطوارئ الملحة، بالنسبة للتحالف والسلطة الشرعية التي ينبغي أن تتحرك بأدوات نظيفة غير مرتبطة بشبكة عفاش ومخلفاته، والإستعداد بخطط جاهزة لضبط الأمن في المحافظات التي توشك على السقوط..

تدخل اللعبة، المرحلة الأخطر، فصالح وميليشيات إيران،مع إقتراب الجيش الوطني والمقاومة من صنعاء لن تسلم بسهولة. 

سيُلقون بكل أوراقهم ، بالتناغم مع خطاب دولي مفتعل حول مخاوف إنتشار المنظمات الإرهابية،بهدف الضغط لفرض تسوية سياسية تلبي شروط الميليشيات وصالح ومن خلفهما إيران في الحد الأدنى على الأقل.
أما شبكة إيران الإستخبارية فموجودة في كل مكان على الأرجح، وقد استغلت علاقات سابقة في الجنوب والشمال لخلق المزيد من الفوضى ودعم المزيد من العنف . 
هذا الوجود الإيراني ثمرة تخطيط وترتيب طويل ربما بدأ عمليا بالتعبير عن نفسه بصورة ملموسة مع النسخة الأولى من حرب صعدة ... ولاحقا وجد نفسه صاحب القرار وجميع أجهزة الدولة المفترضة المساندة للإنقلاب، تخضع لأجندته ..

أما الجهود التي بذلتها إيران لبناء مصانع صواريخ في صعدة وفقا لما قاله الرئيس هادي فلم تكن سوى تتويجا لحالة أمان أشعرت إيران بأنها قادرة على فعل كل شيئ بمافي ذلك التباهي بإسقاط العاصمة العربية الرابعة ومايترتب على ذلك من دلالات عسكرية وسياسية وإستخبارية..

غير أن إلقاء اللائمة على هؤلاء لا يعفي السلطة الشرعية من المسؤولية.

كل هجمة يفترض اأن تواجه بنشاط إستثنائي لترتيب الملف الأمني، وليس الإكتفاء بالحديث عن مؤامرة، فعفاش وإيران سيفعلون كل شي وهم غريم لن يكف عن الأذى، ويطلق لكل التنظيمات الإرهابية أيضا العنان لفعل ما تريد .

لكننا بحاجة الى أداء يوقف كل ذلك ويمنح المواطنين الطمانينة بأن الامور تمضي الى الأمام..

تحمل المسؤولية الواجبة لمواجهة كل هذه الحرائق هو الرد الوحيد، وبات وجود الرئيس ونائبه بكل أعضاء الحكومة في عدن أمرا ملحا لا يحتمل التردد والتأخير..
على الأقل ستمثل مخاوفهم الشخصية، دافعا للعمل من أجل مواجهة المخاطر في الميدان .. !

التعليقات