كائنات هادي اللزجة !
الجمعة, 03 أغسطس, 2018 - 03:53 مساءً

يفشل هادي في المكان الذي كان يبرع فيه سلفه الرئيس الصريع صالح ، هذا الفشل هو من قاد اليمن للدخول في دوامة العاصفة الدامية التي اندلعت في مارس 2015 والتي لاتزال مثار جدل في أوساط النخب والمراقبين والمحللين اليمنيين ، حتى بعد كل هذا الدمار الشامل حيث يمكن ان يوقفك احدهم ليسألك  بسذاجة : ألا تتفق معي بأنه لم يكن للرئيس هادي خيار اخر سوى الاستعانة بعاصفة الحزم السعودية،  مع ان الوصول لهذا الواقع لم يكن سوى انعكاس طبيعي للقرارات الرئاسية الفاشلة التي اتخذت على مدار 3 أعوام والتي انتهت بالسيطرة على العاصمة صنعاء من قبل الحوثيين في 21 سبتمبر 2014 في واحدة من أسوأ مخططات التآمر الخارجي والداخلي المدروس والمعد له بدقة وإحكام من قبل الأطراف المستفيدة من وراء استمرار هذا الصراع الدامي حتى اللحظة .

 
والحقيقة ان هذه النقطة ليست مدعاة لنقاش بالنسبة لي ولم تكن سببا في كتابة هذه الاسطر ، فقضية السيطرة على صنعاء من قبل الحوثيين هو حدث لايزال يحيط به الكثير من الغموض واصابع الاتهامات والشك ، وهو يحتاج الى جهود مضاعفة لفك الطلاسم والألغاز المحيطة بواقعه ، ونحن بانتظار احكام التاريخ وأوراق الحقيقة التي ستتكشف لاحقا ، لكن الفكرة من هذه الاستهلالية تكمن في التذكير باستمرار وقوع الرئيس هادي في تكرار أخطاء المرحلة السابقة التي مهدت للسيطرة الحوثية حتى مع تعليق الشماعة على التحالف المزدوج الذي جمع قوات صالح في حينه بجيش الحوثي الجاهز للانقضاض على صنعاء وضواحيها ، ثم التوغل في الجنوب اليمني لاحقا .
 
ومكمن هذا الفشل هو استعانة هادي بنفس المستشارين الذين كانوا يحيطون بمرحلة صالح وان لم يكونوا بنفس المسميات فهم يتمتعون بذات القدرات العقلية المتواضعة والأنانية والمتسمة بالخفة والسطحية على السواء ، و التي تزين للرئيس انه من الحكمة مد حبال الصلة مع الشخصيات المتمردة والمصابة بالانفصام السياسي والأخلاقي وذلك بمحاولة إرضاء وجوه مرحلة صالح التي لم يعرف هادي غيرها خلال اكثر من  عقدين من الزمن ، ليتم الوقوع في الفخ بعيدا عن لغة الضرب بيد من حديد إزاء هذه النماذج ، فالسلطة القوية تحتاج الى حسم وعدم تمييع في التعامل مع المنتفعين والمتاجرين بالقضايا الوطنية ، كما ان هناك بعض المراحل الحساسة والمنعطفات في تاريخ الشعوب تستوجب الصرامة وعدم التساهل مع الأطراف التي تعبث بالمصالح العليا للبلدان وهذا ليس مدخل للتشجيع على الديكتاتورية ، ولكنه واقع افتقدناه فأصبح اللص بطلاً والجبناء على صدارة الواجهة في مرحلة يفترض ان يتم فيها انتقاء الرجال بعناية فائقة .

 
خذل هادي نفسه عندما قدم السلطة على طبق من ذهب للنماذج التي عادت للانقلاب عليه مجددا في عدن أمثال عيدروس الزبيدي وهاني بن بريك  وغيرهم من أعضاء المجلس الانتقالي الذين رغب هادي في استخدامهم كقفاز لتحقيق التهدئة في الجنوب فأعادوا له الصفعة مدوية وقاسية بعدم الاعتراف بتضحيات الدولة الاتحادية الفيدرالية التي يتطلع لها اليمنيون على اختلاف توجهاتهم مقدمين شلالا من الدماء ودفقا من الأرواح في مختلف مناطق ومديريات اليمن للوصول الى هذا الحلم ، ولاتزال المهادنة  مع هذه النماذج الانتهازية تثير كوامن الغموض والريبة لكنه واقع مرتبط بإملاءات خارجية أيضا.

 
والمؤسف ان مشهد الخديعة والطعن من الخلف في برنامج الدولة الاتحادية المرتقبة قد تكرر، مرات ومرات خلال مرحلة حكم الرئيس هادي منذ العام 2012  بداية بانقلاب المتمردين الحوثيين ثم مرورا برفاق الدرب في المؤتمر الشعبي العام وحتى انقلاب عدن الأخير، وانتهاء بسلوك بعض الأطراف في دول التحالف نفسها التي ارهقت اليمنيين بمساندة القوى المتمردة على هادي في أوقات عدة من احتدام الصراع اليمني ـ اليمني الداخلي حتى ضاقت الحياة باليمنيين في الجنوب والشمال بسبب كائنات هادي اللزجة في مختلف المواقع والمسئوليات، مع ان الرئيس هو نفسه من  أعاد لهذه الشخصيات الحياة من العدم  دافعا بها الى الواجهة ، ولا يقتصر ذلك على الشخصيات المتمردة بل امتد الأمر ليشمل تعيينات الشخصيات الفاسدة المعروفة بتوظيف مواقعها التنفيذية لصالح الأقارب من الدرجة الأولى والثانية وحتى العاشرة وهو الملف المسكوت عنه حتى اللحظة ، في واقع يجبر كافة اليمنيين على اختلاف اطيافهم الى رفع أيديهم للسماء والابتهال بتساؤل مغلف بالرجاء فحواه : متى يأتي وعد الله بتوقف هذه الحرب وتحقيق أسس ترسيخ الدولة الاتحادية اليمنية الواحدة بعيدا عن حسابات المتسلقين وبارونات القتل غير الرحيم .

*خاص بالموقع بوست 

التعليقات