التحالف ضحية نفسه
الخميس, 30 أغسطس, 2018 - 12:54 صباحاً

انحرف التحالف العربي عن أهدافه ومساره في اليمن فانحرفت الحقائق ومفهوم الصراع تبعا لذلك، و يدفع اليوم ثمنا كبيرا جراء أخطائه وسياسته التي اتبعها في اليمن طوال السنوات الماضية.

أول أمر انحرف فيه التحالف هو التوصيف الذي يقدمه لما يجري في اليمن، فقد تدخل في البداية وفق ما كان قائما، وهو وجود انقلاب قامت به أطراف محلية على الحكومة الشرعية، ممثلا بتحالف جماعة الحوثي وحزب علي عبدالله صالح، وكانت اليمن عند انطلاق عاصفة الحزم منقسمة بين الطرفين، طرف انقلابي و طرف يمثل الشرعية.

لكن التحالف حوله من توصيفه السياسي إلى حرب دينية طائفية مع إيران باعتبار الحوثيين هم أحد وكلائها في اليمن، ولذلك كانت أبرز ملاحظة خرج بها التحالف والحكومة اليمنية على فريق الخبراء هو انه أغفل الدور الايراني باعتبار الحوثيين وكلاء لهم.

لا يملك التحالف اليوم استراتيجة واضحة في اليمن، ولا يريد أن يملك أي استراتيجية.

وكان من المقرر أن تكون هناك شرعية يلتحق فيها كل المؤمنين بها، ويتم دعمها لتكون نموذج أمثل وأفضل من الانقلاب، ومن خرج من صف الانقلاب فلينضم لراية الشرعية وعبرها تكون عملية التحرير ومفهومه.

لكن التحالف يريد أتباع فقط، ويريد ولاءات متعددة تدين له وتتبعه فقط، فيتحكم بالجميع كيفما يريد.

ماذا فعل التحالف لمن خرج عن الحوثيين بعد أحداث ديسمبر؟

خلق لهم كيانات عسكرية بعيدة عن سلطة الحكومة الشرعية، وجعل منهم تيارات متعددة،  ويستقطب هذا، ويدفع بذاك إلى الواجهة، من دون أن يكون هناك أي استراتيجة واضحة تجعل جميع الأطراف اليمنية تنصهر في بوتقة الشرعية، فيستغل طاقاتها في سبيل التحرير واسترداد البلد.

جنى التحالف ثمار سياسته وتعامله مع القضية اليمنية، فلا هو أوجد حكومة قوية على الأرض، ولا قدر على محاربة الحوثيين وإحراز تقدم ميداني، ولا هو استطاع أن يحافظ على سمعته من التشوه والتورط.

لذلك مثل تقرير فريق الخبراء الأخير ضربة قاسية للتحالف العربي، ووصلت حد تصنيف قياداته العليا في السعودية والإمارات ضمن خانة مرتكبي جرائم الحرب، والمسؤولين عن الوضع الذي وصلت له اليمن، وباتوا في درجة واحدة مع قيادات جماعة الحوثي التي تدخلوا لمحاربتها في اليمن.

هذا التقرير جاء بعد عدة تقارير حقوقية وصحفية وجهت أصابع الإتهام للتحالف، وكشفت كثير من إجراءاته الخاطئة في اليمن، وسلوكه على الأرض سياسيا وعسكريا، ومن أبرز تلك التقارير التي تحدثت عن علاقة التحالف بالقاعدة، وقبلها وضع قوات الحزام الأمني وما ارتكبته من انتهاكات في عدن، ثم جاءت الغارة على أطفال ضحيان في صعدة لتضع التحالف في مأزق لا تزال تداعياته مستمرة.

فقد التحالف كثير من المناصرين له بسبب ممارساته وأخطائه، والأسلوب الأرعن الذي يتعامل به، وها هو اليوم يدفع الثمن باهظا، ليس أمام اليمنيين فقط، بل أمام العالم.
 

التعليقات