تناقض الحوثي
السبت, 06 أكتوبر, 2018 - 09:01 مساءً

خلال العام 2014م وأثناء تظاهرات الحوثيين بكامل سلاحهم ضد ما وصفوه بالجرعة وتردي الوضع الاقتصادي جرت اشتباكات أمام رئاسة الوزراء بين حرس المجلس وعناصر حوثية بعد استفزازات من الحوثيين.
 
استنفرت الجماعة الحوثية نفسها وخرج ناطقها الرسمي محمد عبدالسلام يتوعد ويهدد بأن من حق الحوثيين التظاهر، بينما أطل عبدالملك الحوثي برأسه متوعدا بالتصعيد في حال المساس بالمتظاهرين.
 
كان العديد من الصامتين آنذاك مبتلعين ألسنتهم باعتبار أن الحوثيين جاؤوا لإسقاط حكومة الوفاق الوطني، وهو أمر لا يعنيهم، فسقطت وسقطت معها البلاد برمتها، في يد الحوثيين وصالح أولا، ثم في يد الحوثيين لوحدهم بعد قتلهم لصالح.
 
كانت حالة التشفي واضحة، بينما كانت الاصوات تتعالى أن هذه الجائحة الحوثية أو الانتفاشة كما سماها محمد قحطان ستلتهم كل شيء في طريقها، ولكن لا مجيب.
 
اليوم الحوثيون يرمون بكل ثقلهم وقوتهم في وجه قليل من المتظاهرين من طلاب وطالبات الجامعة الذين خرجوا احتجاجا على تردي الوضع الاقتصادي، وسبق ذلك إطلاق ألفاظ مسيئة وتهديدات من قبل قيادات حوثية لمن سيخرج للتظاهر ضد التدهور الاقتصادي.
 
اختطف الحوثيون مجموعة من الطلاب بعد الاعتداء عليهم، وبعد ساعات نشرت وكالة سبأ للانباء التابعة للحوثيين خبرا يقر بعملية الاختطاف، وذهبت الجماعة كعادتها لتوجيه تهم الاسترزاق والعمالة لهؤلاء المتظاهرين من الطلاب، وأنهم يتلقون دعما من "العدوان" وهو التوصيف الذي تطلقه الجماعة التحالف العربي.
 
هذا التهم كافية لإنزال كل البطش والتنكيل بهؤلاء، وتعريضهم للقمع والانتهاك والتعسف، الذي سبق للجماعة ممارسته ضد من اختطفهم من قبل.
 
يقع الحوثيون في تناقض واضح وعجيب بين الشعارات التي رفعوها في 2014م وبين ما يمارسوه اليوم، وهذا التناقض بات واضحا حتى في تصريح زعيمهم قبل يومين حين اعتبر الانتفاضة ضد الجوع في عدن حقا مشروعا، بينما الانتفاضة ضد جماعته أمرا مرفوضا.
 
اليوم تلقي تصرفات الحوثيين الضوء على النكبة الكبيرة التي تسببت بها، فهي لا تريد صوى صوتا واحدا، ولونا واحدا، في مناطق سيطرتها، وهو لونها وصوتها فقط، فقبل سقوط صنعاء كانت العاصمة صنعاء تشهد حراكا سياسيا لمختلف الأطياف السياسية التي عبرت عن نفسها، وكان من حق الجميع الخروج والتظاهر ورفع الصوت بمختلف الوسائل المتاحة.
 
انقلبت الجماعة على تلك الحكومة، وساعدها الكثير إما بالصمت أو التأييد والمساندة، وكان الدافع الوحيد هو الحقد والنيل من الخصوم والتخوفات الخيالية، واليوم يدفع الجميع الثمن باهظا، فبجانب أولئك الذين جاء الحوثيون لإجتثاثهم، بات لدينا قوى جديدة تعاني من صلف الحوثي وغطرسته، وهم من كانوا حلفائها بالأمس.
 
أساء الكثير من اليمنيين فهم الجماعة الحوثية وأهدافها، ووصفها البعض بالقوة الصاعدة والفتية، والمخلص من القوى التقليدية، وساعد هذا الجماعة في الإيغال بمخططاتها وتوسعها حتى ألتهمت كل شيء.
 
لكن ما يسيئ فهمه الحوثيين اليوم أن قناعات كثير من اليمنيين قد تغيرت، وأن التذمر الشعبي منها اليوم لم يعد حصرا في قوة سياسية معينة، بل لقد شمل وطال كل اليمنيين، ومن المؤسف أن هذا يأتي بعد طابور طويل من الضحايا الذين سقطوا، وحمام من الدماء التي سالت.
 
والملفت أكثر في خضم هذه الأحداث أن الأسباب التي أدت لصعود الحوثيين ستكون هي نفسها من ستطيح بهم، إذ أن الوقت لم يعد يسمح لأحد بأن يقف موقف المتفرج، فالجوع لا يرحم، والتنكيل والنار لن يمثل أي عائق تجاه أصحاب الحق ليتمسكوا بحقهم، وينتصروا لكرامتهم.
 
 

التعليقات