في عام 1955م عندما قام الشهيد أحمد يحيى الثلايا بمحاولة انقلاب على الإمام أحمد ، محاصرا قصره في تعز، وكان قائد الجيش آنذاك ، استمر ذلك الحصار عشرة أيام ، وكاد الانقلاب أن يتم ، لولا أن نسوة القصر قمن بقص بعض شعرِهن ، ووضعنه في ظرفٍ بعد أن كتبن عليه " يا غارة الله بنات النبي " ، ثم قمن بإرسال هذه الرسالة إلى القبائل لطلب نجدتهم ، الذين بطبيعة الحال انقادوا بغباء وراء عواطفهم ، ونسوا كل مآسيهم ، وهبوا لنجدة بنات النبي وإنقاذهن .
الأمر الذي كلّف الرجل - الذي ضحى بنفسه ليمنحهم الحياة - رأسه وحياته ،وهو الشهيد الثلايا ، ليس هذا وحسب ، لم يكن الأمر مجرد تضحيته ، وفزع أولئك ضد أنفسهم مع بنات النبي ، ثمة خذلان أكبر من هذا بكثير ، أكبر من أن تموت ليعيش غيرك ، من أن تضيع وتغرس أقدامك في الوحل ، لكي لا يضل هو ..
الأكبر من هذا كله ، أن نسمح باستغلال عفويتنا و عاطفتنا الجياشة، وقبيلتنا المتقدة بغباء ، حتى ضد أنفسنا ، أن ينظر إلينا الآخر مجرد قطيع ، يرفع له الشارة الحمراء متى ما أراد ، وفي الاتجاه الذي يريد !
هل تعرفون ما حدث للثلايا ، ببساطة بعض ما يحدث الآن في عدن وغيرها ، لمجموعة من الرجال الوطنيين الأوفياء الصادقين ،باختصار شديد بعض الرجال اليمنيين ،وعندما أقول يمنيين ، أي أنهم عند مستوى البعد الدلالي لهذا اللفظ ، والذين يبدو أن حياتهم تمثل عثرة كبيرة ، في طريق أصحاب المشاريع التخريبية والضلالية ، أيا كانوا ومموليهم .
لقد جعل الإمام أحمد الشعب من يقرر مصيره ، ويحكم عليه بالإعدام ، ظل يسألهم مرارا عن ما يستحقه الثلايا ، وظل حكمهم عليه هو الإعدام ، فلم يتبق على الإمام السياف إلا قطع رأسه ، وأحلام كل من تسول له نفسه القيام بمثل ذلك ، لهذا السبب قال الثلايا قبل موته :
"قُبّحتَ من شعبٍ أردتُ لك الحياة ، وأردتَ لي الموت"
وهذا نفس ما يحدث لأولئك الرجال في عدن ، والضالع ، عندما يُغتالون بأيادي أبناء شعبهم ،وهم خيرة الرجال ، بشهادة الجميع ، وفوق هذا وذاك مدنيون عزل ، يتم قتلهم غدرا وظلما وعدوانا ،ولو أن الشعب والوطن ، براء من كل قاتل مجرم ومخرب ومدمر ، فما هم إلا أدوات يُدَمر الوطن الحبيب من خلالهم .
هذا ما يحدث في عدن وما جاورها ، ماذا عن صنعاء ؟
تتفاقم المجاعة ، ويكثر الموت ، يضيق الخناق أكثر فأكثر ، ينهب الناهبون ، تهبط العملة ، ترتفع الأسعار ، ينفد الصبر ، تكبر كروش ، وتتساقط أجساد من الجوع ، يستيقظ الجائعون ، ترتفع بعض الأصوات نيابة عن الجميع ، تنتفض الأفعى ،وتحاول بث سمها قبل وقوع أي شيء !
ثم ماذا بعد؟
بنات النبي !!
ماذا حدث لبنات النبي ؟ أرسلن رسالة استنجاد ؟
لا أبدا ، هؤلاء بيكمونات مطورة من بنات النبي السابقات ، اللاتي كان شَعرهن وما يطلقن على أنفسهن من نعت ، كل مايملكن من وسائل الدفاع عن البقاء .
إذن ماذا حدث ؟
بنات النبي خرجن بعدتهن وعتادهن ، لمواجهة جحافل من يصرخن من الجوع لا أكثر ، وعثن فسادا ، بداية بالاعتداء عليهن بالضرب ، وانتهاء باعتقالهن وأخذهن لأقسام الشرطة ، ليس هذا كل شي ، البيكمونات المطورة لم تطب أنفسهن بذلك ، بل قمن بحملة تفتيش لهواتف وحقائب بقية الطالبات اللاتي لم يكن ضمن من خرج للتنديد بقبح أفعالهم .
إذن بعد هذا العيب الأسود ، على من الدور الآن في قص شعرِه وإرساله لكتائب المنقذين " القبائل "؟!
سأفعل ذلك أنا نيابة عن الأخريات : وأقص لهم شيئا من شِعري :
الجوعُ و الحوثيُ و التقتيلُ!
وجعٌ و أوجاعُ البلادِ تسيلُ
لا شيء يكبرُ غيرُ حزنِ بلادنا!
وكأنها بجيوبهم منديل !!
تمشي ولا يمشي بها إلا ؛ الذي
نُسميهِ موتا والطريق ُ طويلُ
قطفوا ابتسامةَ شعبِها وحياتَه
فالموتُ يجحفُ من بها ويكيلُ
والآكلون قلوبَهم من جوعِهم
واللابسون الخوفَ كيف يُطيلوا؟
والمالئون من الدموع جرارَهم
والسابقون إلى القليلِ قليلُ
ماذا سنكتبُ ؟والرياحُ تهبُّ من
وجعِ الكتابة ِ ! والشراعُ هزيلُ؟
لم يبقَ في بحرِ النجاةِ قواربٌ
لم يبقَ للموتِ الأكيدِ بديلُ
فمتى سيصرخُ شعبُنا من جوعِهِ؟
كي لا يصفق للطغاةِ ذليلُ!
قهرُ الشعوبِ وجوعُها مفتاحُها
وسلاحُها الفتاك ُ و الإزميلُ
حتما سيفتحُ بابَهُ ويصيحُ من
فرحٍ : تعالى اللهُ ليسَ يميلُ
ويعلّمُ الأجيالَ أنّ مساسَه ُ
كفرٌ ، وقتلُ الأبرياء ِ دخيلُ!
سيقولُ إنّ الشعبَ سيدُ أرضهِ
وبأنّهُ القانونُ و التعديلُ
وبأنّهُ الكبريتُ حين يفزُ من
جوعٍ ، وأحلامُ الطغاةِ فتيلُ
وبعدها أقول بعد ماحدث من الزينبيات :
ياغارة الله من بنات النبي !!
* أي نبي ؟ نبي أوهامهم . تنزه نبينا الكريم- صلى الله عليه وسلم -وبناته ، أن يكون لهم علاقة بأوباش قتلة مجرمين كهؤلاء .
* المقال خاص بالموقع بوست