كنت أفكر دائما : لماذا لا يسقط الثلج في بلادنا ؟ ولماذا في البرد لا نجتمع حول مدفئة كما يفعل العالم ؟ لماذا لم نهتم لذلك أبدا أبدا ؟؟ وعندما كبرت ، عرفت أن رغيف الحبِّ الذي كنا نتقاسمه جميعا يكفي لتدفئة كل القلوب ، وتبديد أي صقيع لن يصل ..
في أزقة هذه البلاد ، نبتت أشجار الحب ، وعلى طاولات مقاهيها كان البسطاء يشربون الأحلام البيضاء ، مع كل رشفة يرشفونها من قهوة صباحاتهم ، الأمل ممتد من أقصى اللاشيء الذي يملكونه إلى أقصى كل شيء كانوا يحلمون به .
لم نكن نمتلك أشياء كثيرة ، لكنّ قلوبنا كانت تشدّ بعضها بعضا ، وكان الحبُّ الذي يزين أفئدتنا أغلى ما نملك على هذه الأرض ، الزاد الذي قاومنا به كل خيبات الحياة لسنين ٍ طويلة ، كان يكفي دوما أن نُسند رؤوسنا على أكتاف من نحب، من إخوةٍ وأحبابٍ وجيرانٍ وأصدقاء ، دون تفريق ! كلما حاولت السقوط.
في الحيّ الواحد ننسى من أين أتينا ، ونصبح عائلة واحدة ، ننتمي إلى قدرٍ واحدٍ ، قصةٍ واحدةٍ ، الدمعة الواحدة تُذرف من أعين الجميع ، والابتسامة الواحدة تمر من شفاهنا جميعا ، المكان الذي لا يكفينا جميعا لا يعنينا ، واللقمة التي لا تمر من حلوق الجميع لا تمر من حلق أحد ، أملاكنا واحدة ، عادتنا واحدة ،مصيرنا واحد ...
والآن هل بإمكان أي خلافٍ أن يمحو ذلك ؟ أن يجتث جذورنا ؟ ويستأصل جينات قلوبنا ؟؟
هل بإمكان أي شيء مهما عظم ، أن يفعل ذلك ؟؟ حتى لو كان خدعة كبيرة كالحرب مثلا !
* المقال خاص بالموقع بوست