بثت قناة العربية قبل أربعة أيام تقريبا حلقة تلفزيونية يقدمها الاعلامي السعودي الجهادي سابقا مشاري الذايدي، وتحدث فيها عن حزب الإصلاح وتوكل كرمان والحوثيين وقطر واسماء عديدة.
بالنسبة لتوكل كرمان فليس جديد على الإعلام السعودي أن يهاجمها، لكن هجومه على حزب الاصلاح الذي تقيم قيادته في الرياض هو الملفت، خاصة في ظل ما يتعرض له أعضاؤه من حملات، آخرها ما كشف عنه موقع بازفيد وتقريره عن استئجار الامارات لمرتزقه ينفذون الاغتيالات لصالحها في مدن الجنوب، خصوصا تلك المنتمية لحزب الإصلاح.
الذايدي اتهم الحزب بأنه متطابق في رؤيته مع الحوثيين، وان الطرفين وقعا اتفاق في 2014م على التعايش بينهم، وهذا ما يفسر العلاقة بينهما، وفق كلامه، وهذا الربط غير بريئ، فقد سبق وردتته عدة وسائل إعلامية سعودية وإماراتية مؤخرا، وتحدث عنه محسوبين على السعودية والإمارات، لذات الأغراض والأهداف.
يتسائل الذايدي عن الدور الاصلاحي في تحرير اليمن وماذا قدمه حزب الاصلاح في هذا الجانب، وهو استفسار يأتي في سياق الانكار لدور الحزب والتقليل منه، والأمر هنا ينم إما عن جهل من قبله لطبيعة الدور الذي قدمه الاصلاح، أو يأتي في سياق عين السخط التي لا ترى إلا المساوئ، والأخير هو الراجح.
الحلقة ركزت على ما وصفه بالتيار القطري داخل حزب الإصلاح، متهما العديد من الشخصيات منهم بالانتساب إليه كتوكل كرمان وخالد الانسي ووسيم القرشي والشيخ حمود سعيد المخلافي.
اعتبر الذايدي هذه الشخصيات سبب لمعاقبة الاصلاح، فهو يلومها على موقفها من قطر، ويريد منها أن تكون بيد السعودية فقط، وفق مفهوم كلامه، ومن وجهة نظره فهذا الأمر يعقد مسار الحل في اليمن، وهو تلويح غير بريئ، بقدر ما يوحي بتمسك هؤلاء بالتفاهات، بقدر ما يشير إلى الذهنية المستبدة التي يتعامل بها هؤلاء، وهم يريدون من الجميع أن يكون مجرد أداة تابعة لهم، وتدور في رحاهم، كوضعهم في الداخل السعودي تماما.
عندما تستمع لما يطرحه تدرك كم يجني الاعلام السعودي على نفسه، وكيف يلفق ويزور ويقدم أشياء مغلوطة ويقفز على حقائق واضحة.
لكن الملفت بشكل أكبر في الحلقة إن مجمل ما قاله الذايدي هو ما يردده بعض المؤتمريين المتواجدين في الرياض كنجيب غلاب والشرفي والغباري والبخيتي، ومن إلتحق بهم حاليا من المسوري والخوذاني وبقية القطيع، وعودة لمنشوراتهم والاستماع للحلقة نفسها ستلمس مدى التطابق في الأمر.
بل إنها ذاتها ما يردده إعلام دولة الامارات العربية المتحدة منذ سنوات، والذي نجح بشكل كبير في اختراق الإعلام السعودي، وبث رسالته من واجهة هذا الإعلام، الذي يقدم في اساسه عمل دعائي فج اكثر من كونه أداء إعلامي.
استخدم الذايدي توصيف الملح لوصف الإصلاح، وهذا التوصيف هو ذاته الذي أطلقته بنت البخيتي ذات مرة في أحد منشوراتها، وبالتأكيد ليس هي بل أبوها.
لم يعد الأمر غامضا أن هؤلاء يمارسون الفجور الاعلامي والتدليس بكل وضوح، ويستغلون ارتباطهم الاستخباراتي لتوجيه الضربات لخصومهم المفترضين.
وهم بذلك يريدون التغطية على زعيمهم "صالح" الذي تحالف مع الحوثيين وفجروا الحرب داخل اليمن، ويسعون لتضخيم الإصلاح كعدو أمام السعوديين في محاولة لتجاوز إرث العار الذي ارتكبه صالح وحزبه، وتقديم أنفسهم أيضا كمخلصين، ولو كان ذلك من بوابة الدس الرخيص، والإفك المبين.
بالطبع قناة العربية لا يمكن أن يعرض فيها شيء إلا بعد أن يمر على المخابرات السعودية، وكل رسالة لها دلالة تُبث منها هي رسالة من داخل الاستخبارات وفريقها تحديدا.
يتناسى الذايدي إن حزب الاصلاح هو أول من أيد العمل العسكري لدولته في اليمن، وتعرض أعضاء بسبب ذلك للتنكيل والمطاردة من قبل الحوثيين حتى اليوم، ويغض الطرف عن مجمل التضحيات التي قدمها الاصلاحيون وهم يسحلون من قبل الحوثيين، ويتساقطون في مختلف الجبهات ضمن الجيش والمقاومة الذي تدعمها دولته.
ويتجاهل إن دولته هي من طلبت من حمود المخلافي مغادرة تعز، واشترطت الاستمرار في دعم المقاومة والجيش في تعز حتى يخرج حمود المخلافي من تعز.
يتناسى أيضا ويتجاهل إن دولته هي من دعمت الحوثيين للانقلاب على مخرجات الحوار الوطني، واسقاط الشرعية في العام 2014م، وأنها من تقود حربا جلبت لليمن واليمنيين كل هذا الشتات والدمار، دون ادنى أفق للحل.
يلقي هذا الكلام الذي قدمه في القناة التي تعكس السياسة السعودية الضوء على ما يتعرض له الإصلاحيين من محاولات اغتيال في مدن الجنوب على وجه التحديد، وكيف أن تلك الأعمال لا تلقى حتى مجرد إدانة أو استنكار من قبل التحالف نفسه.
من المؤكد اليوم أن قيادة الاصلاح تستشعر بكل هذا، لكنها أيضا في موقف لا تحسد عليه، فقد وضعت بيضها في سلة السعودية المخروقة، لكنها لا تعلم أن السعودية مثل الطفل المدلل الذي إن خالفته عضب، وإن سكت على تصرفاته تجاهك استبد بك، وفي كلا الحالتين أنت عرضة لطيشه.