قبل عام نهاية الماضي وبداية ديسمبر كانت صنعاء بركان يغلي وكانت على جولة جديدة من العنف بين حلفاء الانقلاب زعيم الفساد وميلشيا الحوثي وبداء العد التنازلي لحليفهم وكان "جزاء سمنار" بدلا ان ينصب الحوثيين تمثال للزعيم الذي سلم لهم صنعاء في طبق من ذهب ، هذه نهاية الخونة حتى لو كان قاتلة أيضا خائن مثله !
اللهم اضرب الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين لقد طويت صفحة صالح الذي باليمن عبث لنحو أربعة عقود وهو من أوصلنا لهذا الحال وسينتهي حليفه الحوثي حتما على يد أبناء اليمن أنفسهم وليس غيرهم .
خلاصة المشهد في اليمن رغم انه يبدو صراعا داخليا على السلطة منذ أكثر من نصف قرن الجديد انه اليوم بغلاف طائفي مرهونا بمشاريع وأجندة خارجية ، واستمرارا لحالة الارتهان للخارج منذ نحو أربعة عقود مضت ، وكل تفاعلات المشهد اليمني لنحو ثمان سنوات عجاف هي تراكم فساد العقود الأربعة الماضية .. فإذا كان الرئيس صالح قد قسم اليمنيون سياساً ، فأن فأن رؤية الحوثي تقسم اليمنيين طائفياً وجهوياً ،
غدا اليمن للأسف أداة لابتزاز ممالك النفط وليكون بين كماشة العرب والعجم وما بينهما ما يسمى بالمجتمع الدولي والأمم المتحدة الغير متحدة !
لقد كانت اليمن تفتخر بتجاوز محنة الربيع العربي ومنحت من لا يستحق حصانة ولكن هوسة السلطة والتوريث ودم الخيانة أبت بصاحبها إلا ان يفسد المرحلة الانتقالية لتتعقد الأمور بطريقة درامية من بديات 2014م مرورا بسقوط عمران ثم صنعاء فانتقام الساسة جعلت من الحليف عدوا ومن الخصوم حلفاء فسقطت صنعاء بتواطئ الجميع وتجاهل اقليمي ،لقد كانت الفتنة نائمة ايقضها الحوثي ، فتراكمات الماضي ستتوارى خلال الفترة الانتقالية المفترضة ولكن اريد لها ان تشتعل مجددا وبصورة أطول لقد كان الإقليم وقوى دولية تتربص باليمن فتناقضات وفساد أربعة عقود كانت تحتاج لعود ثقاب لتفجير الصراع الحوثية كانت عود الكبريت الذي أعطى مسوغ للإقليم في هذا التدخل ولم تقفز تلك الميلشيا على الإجماع بالغلبة وبتواطئ الداخل والخارج عربا قبل ان يكونوا عجم لكنا في غنى عن كل هذا.
من أخطاء حكومة هادي انها سمحت للحوثي بالانخراط في مؤتمر الحوار لتسعة اشهر وهم بسلاحهم ، ويتكرر الخطاء بوعود للحوثي في حصة مستقبلية من الكعكة بمعنى حارب وتمرد وانقلب وفي نهاية الأمر رغم انك تلغم البر والبحر والعقول وحوثنة الدولة مكانك محجوز لرسم ملامح المستقبل.
لم يتعلم اليمنيون والعرب تأريخهم ويستلهمون دروسا لها دلالاتها فممالك الطوائف في الأندلس تمحور أسبابة في هوس السلطة والملك فتقلص نفوذ الوجود العربي الإسلامي أمام تماسك قوات الفرنجة الصاعدة والذين انقضوا على تلك الممالك واحدة بعد اخرى ولم تصمد سوى مملكة غرناطة الصغيرة وانتهت هى الأخرى بسقوط مدوي ، فلم تعد السلطة مغرية في وطن متهالك منهك متناحر فبئس الكرسي الذليل !
من يعتقد ان عدو اليمنيين الاول هو (ميلشيا الحوثي) ، او هادي فكلاهما نتاج تراكم فساد وتخبط وفشل لأربعة عقود ، ومن يعتقد ان عدو اليمن الأساسي هو التحالف فهذا الاخير أيضا تحيل حاصل ونتيجة وليس سبب ... مشكلتنا نحن اليمنيين عاطفيين ولا نفكر بما وراء الاسباب ، ونسمي الاشياء بمسميا تها مشاكل اليمن كلها منذ ما يقارب اربعون عاما هو زعيم الفساد ومن يعتقد غير ذلك فهو فاسد المزاج يحتاج إلى علاج.
* كاتب وسفير في الخارجية اليمنية