التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز في حال منع إيران من تصدير نفطها والتي تزايدت مؤخرا هي الرد الطبيعي على التصعيد الأمريكي الذي يستهدف تجويع واذلال الشعب الإيراني وتصفير صادرات النفط الإيرانية في تصعيد خطير ضد إيران التي بدأت تستخدم كل أوراقها وخياراتها لمواجهته ومن هذه الخيارات إغلاق مضيق هرمز وهذه التهديدات بإغلاقه هي تصعيد إعلامي ايراني الهدف منه إظهار القوة وامتلاك إيران لزمام المبادرة والجاهزية العسكرية لإغلاق المضيق الذي تمر من خلاله حوالي 30 إلى 40% من تجارة النفط عبر البحار في العالم بمعدل يزيد على 17 مليون برميل يوميا إضافة الى كون هذا التهديد رسالة جادة للدول الخليجية مفادها كما صرح الرئيس الإيراني حسن روحاني في 2 يوليو/تموز 2018 بأن منع بلاده من تصدير نفطها يعني أن لا أحد بالمنطقة سيتمكن من تصدير نفطه فالمضيق اما ان يكون للجميع أو يغلق على الجميع ولذا عليها ادراك العواقب الوخيمة المترتبة على دعم وتشجيع هذا التصعيد الأمريكي ضد ايران ومراجعة سياساتها الداعمة لهذا التصعيد الأمريكي الذي يدفع بالمنطقة إلى أتون حرب مجهولة النتائج .
الكثير من المتابعين يرون بأن القضية ليست في إغلاق مضيق هرمز أمام الصادرات النفطية لأن هذا الإجراء غير وارد لدى الإدارة الأمريكية فالمضيق لن يغلق أمام البواخر الإيرانية ولكن العقوبات الأمريكية ستركز على الدول والجهات التي ستشتري النفط الإيراني بعد يوم 2 مايو آيار 2019 م بمعنى أوضح لتعبر البواخر الإيرانية مضيق هرمز وكل المضايق والبحار ولكن من سيشتري النفط الإيراني ؟!
* هل ستغلق ايران مضيق هرمز فعلا ؟!
برأي الكثير من المتابعين فإن السؤال الأهم هو : هل ستقوم إيران باغلاق مضيق هرمز في حال منع دول العالم من شراء نفطها ؟!
وفي حال اتخاذها خطوة كهذا فما هو الرد الأمريكي والخليجي ؟!
من المؤكد ان إيقاف تصدير 17 مليون برميل نفط يوميا اي أكثر من ثلث الإنتاج العالمي سيؤدي إلى أزمة كبيرة في أسواق النفط العالمي وان واشنطن ودول الخليج لن يقفوا موقف المتفرج على قيام إيران بإغلاق هذا المضيق - في حال حدوث أمر كهذا - لأن إيقاف تصدير دول الخليج لنفطها يعني ارتفاع مخيف في أسعار النفط ستكون الولايات المتحدة ابرز المتضررين منه إضافة إلى ان دول الخليج لن تتفرج على إيران وهي توقف شريانها الاقتصادي اذ أن إجراء كهذا يعني ضرب الإقتصاد الخليجي في مقتل وهو إجراء يتجاوز بتأثيراته السلبية إقتصاد دول الخليج إلى الإقتصاد العالمي .
* السيناريو المتوقع لتداعيات اغلاق مضيق هرمز
من المؤكد بحسب الكثير من المتابعين ان الصادرات النفطية الإيرانية لن تصل إلى الصفر في كل الظروف والأحوال ولكنها ستنخفض وقد تصل إلى النصف تقريبا اي ما يقارب 700 ألف برميل يوميا كما يتوقع البعض من الخبراء والمتابعين اذ ليس من المتوقع ان تستجيب كل الدول للعقوبات الأمريكية دفعة واحدة ولكن الاستجابة ستكون تدريجية ومن بعض الدول اذ أن هناك بوادر رفض واعتراض على هذه العقوبات كما يبدو من موقف تركيا والعراق والصين كما ان السيناريو الذي يتوقع الكثير من الخبراء والمتابعين حدوثه في حال تم منع دول العالم من شراء النفط الإيراني ان تضطر إيران لإغلاق مضيق هرمز و من المؤكد ان خطوة كهذه ستؤدي إلى أزمة كبيرة في سوق النفط العالمية وارتفاع مخيف في أسعار الطاقة وخصوصا في الولايات المتحدة واوربا وهو الأمر الذي سيدفع واشنطن والدول الأوروبية لإجراء مفاوضات مع طهران وقد تكون بوساطة عربية عمانية أو عراقية مثلا ومن المتوقع أن تفضي هذه المفاوضات لاتفاق تقدم خلالها كل الأطراف تنازلات كبيرة استجابة لمطالب إيرانية تتعلق برفع أو تخفيف العقوبات المفروضة عليها وان حدوث اشتباكات عسكرية بين القوات العسكرية الأمريكية والإيرانية حول مضيق هرمز - في حال حدوثها - لن تدوم طويلا اذ ستتدخل دول عديدة لإيقاف هذه الحرب واحتواءها خشية من توسعها ونتائجها الكارثية على دول المنطقة وأولها السعودية والإمارات ومن المؤكد ان اي اتفاق أو تفاهمات ستعطي حينها ايران الحق بتصدير نفطها وترفع ولو بشكل جزئي المنع الأمريكي من شراء النفط الإيراني وسيعود مضيق هرمز للجميع كما قال الرئيس الايراني حسن روحاني .
* هل سيتحقق الهدف من العقوبات الأمريكية على إيران ؟
العقوبات الأمريكية على ايران والتي بدأت بشكل تدريجي منذ انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مايو/أيار 2018 م من الاتفاق النووي الإيراني و تجديد العقوبات على إيران وإقرار عقوبات إضافية دخلت حيز التنفيذ في الرابع من نوفمبر تشرين الثاني 2018م والتي ستدخل أشدها حيز التنفيذ في 2 مايو آيار 2019 م والتي تهدف لتصفير الصادرات النفطية الإيرانية الهدف من هذه العقوبات هو صفقة أمريكية جديدة مع ايران تفضي لاتفاق نووي جديد معدل عن الاتفاق السابق الذي تم التوقيع عليه في 2015م بحيث يتضمن الاتفاق الجديد تفاهمات واتفاقات أمريكية ايرانية بخصوص قضايا المنطقة ولعل الشروط التي حددها وزير الخارجية بومبيو في 21 مايو آيار 2018م لابرام اتفاق نووي جديد تحمل الكثير من ملامح الاتفاق النووي الذي تسعى له واشنطن من خلال هذه العقوبات القاسية ضد إيران والتي تتضمن الكشف عن كل تفاصيل برنامج ايران النووي ووضعه تحت تصرف الوكالة الدولية للطاقة وايقاف تخصيب اليورانيوم ووقف برنامج تطوير الصواريخ البالستية وتصفية النفوذ الإقليمي الإيراني في المنطقة والانسحاب من سوريا وايقاف دعم الجماعات المسلحة الموالية لإيران في المنطقة وغيرها من الشروط التي ترى إيران انها تعجيزية وأن تنفيذها مستحيل ولذا تسعى ايران إلى التواصل المكثف مع الصين واوربا وروسيا والهند ودول المنطقة بغية ايجاد جبهة دولية رافضة للعقوبات الأمريكية ضد إيران واستمرار شراء النفط الإيراني فإلى اي مدى ستنجح إيران في مساعيها ؟
وإلى اي مدى ستنجح واشنطن في فرض عقوباتها ومنع دول العالم من شراء النفط الإيراني ؟
وهل سترضخ إيران لهذا التصعيد الأمريكي وتضطر للجلوس إلى مائدة مفاوضات جديدة مع واشنطن للخروج باتفاق نووي جديد يقدم فيه الجانبان بعض التنازلات ؟
هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة والغد القريب لكننا على قناعة ان إيران لن تتنازل عن نفوذها ومصالحها في المنطقة ولن تتخلى عن المجموعات المسلحة المرتبطة بها وحركات المقاومة الموالية لها في كل الظروف والأحوال ولدينا توقعات كبيرة بأن تنجح إيران في جهودها الحثيثة الرامية لإيجاد جبهة عالمية قوية ترفض العقوبات الأمريكية ضد ايران وتكون بداية فعلية لكسر الهيمنة الأمريكية على دول العالم خاصة وأن طهران تدرك ان واشنطن بدأت تنسحب عسكريا من المنطقة حيث أعلنت الانسحاب من سوريا وتتفاوض مع حركة طالبان تمهيدا لانسحابها من أفغانستان .
* باحث في الشأن الإيراني