قامت ثورة 26سبتمبر في عام 1962م واعلن الثوار يومها القضاء على حكم الامامة الكهنوتي العنصري الظلامي وعلى انقاض الحكم الامامي الاسري العنصري قام النظام الجمهوري الذي يعني نقل احتكار السلطة من الفرد والاسرة الى الشعب كله لكن الثوار ومن بعدهم لم يقواموا بالتسوير للازم للنظام الجمهوري لم تكن محصونه منيعة بالشكل الذي يمنع عنه عوادي الزمان ومكر المتربصين من بقايا الحكم البائد والذين بقوا في حالة هدوء منتظرين فرصة الانقضاض على الحكم في اي لحظة وبقا في جداره غير المتين ثقوب وثغرات تزداد اتساعا كلما مرت السنين وخلال العقود التي تلت قيام الثورة تعاقبت انظمة متعددة على حكم اليمن وكلها قصرت او اهملت في اقامة الاسوار المنيعة لتحصين النظام الجمهورية وسد تلك الثقوب والثغرات في جداره واحيانا تعمدت بعض تلك الانظمة ترك تلك الثقوب والثغرات دون ان تهتم لها غير مدركة خطورة بقا تلك الثقوب مفتوحة غير حريصة على النظام الجمهوري المنجز الذي ضحى من اجله الثوار والاحرار وناضلوا حتى تحقق حلم الشعب ومايريدون.
كان من هذه الثقوب التي بقت في الجدار الجمهوري مفتوحة دون ان تسد بل وتركت تزداد اتساعا مع مر السنين حتى انه لم يبق من النظام الجمهوري غير الاسم فقط وكانت كل مؤسسات الدولة غير مستقلة بل كانت تحت سيطرة الحاكم حتى بدأ التفكير بتوريث الحكم للابناء والاسرة.
ثقب الفكر
كان لابد ان يوازي العمل الثوري والعسكري جهد فكري لا يتوقف مع توقف المعركة العسكرية واعلان قيام الثورة والقضاء على الحكم الإمامي بل لابد ان يمتد ويتواصل مع العقود اللاحقة لقيام الثورة ويتم التطوير من وسائله ومؤسساته ومنابره .
وكان لابد ان يشترك في هذا الجهد الفكري جهات عديدة تشمل المدرسة والمسجد والجامعة والصحيفة والكتاب ووسائل الاعلام المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية ورجال العلم والفكر من خلال هذا الجهد يتم توعية الاجيال بحقوقها وواجباتها ويحصن الشعب من الخرافة وان يفهم انه لا قداسة لاحد من البشر مهما كان وان الجميع متساوون في الحقوق والواجبات وجميع الشعب بكل فئاته شركاء في السلطة والثروة وان من حق اي واحد من ابناء الشعب ان يكونوا شركاء بناء الوطن وخدمته وان اساس الاعتبار والفضل في ديننا الاسلامي هو التقوى ولا كرامة لاحد من البشر عند الله بغير هذا فلا النسب ولا المذهب والاسرة ولا اللون ولا المنطقة .
وكان على النظام الجمهوري ان يسعى بكل يملك وبطاقته الكاملة في تعليم الشعب حتى لا يبقى احد بدون تعليم فلو كان النظام الجمهوري منتبها ومهتما في معركته مع الكهنوت ما اهمل الجانب الفكري وما رأينا شابا في ايامنا هذه يرى قيمة في ملازم الهالك حسين الحوثي وهي عديمة القيمة الفكرية والعلمية ولا سمعنا شخصا يعظم شخصا آخر لعرقه ونسبه وسلالته ولا من يعتقد ان نطفته ونطفت ابيه خير من نطفنا ونطف آبائنا.
بعد الثورة وضعف مؤسساتها التي كانت قائمة وكان الشعب اليمني يستحق بعد صبره وتضحياته ان تقوده دولة قوية بمؤسسات فاعلة ولكن الحقيقة لم يعرف الشعب اليمني في العقود الستة التي تلت قيام ثورة 26سبتمبر دولة حقيقية بمؤسسات فاعلة ومستقلة.
ومعروف في علم الاجتماع ان اسباب الصراع في المجتمعات تختفي وتنعدم في ظل دولة عادلة تعطي شعبها فرصا متساوية في ممارسة حقوقه كاملة غير منقوصة ومنها حقوقه السياسية فتكفل له حق انتخاب الحاكم وحق عزله وحق محاسبته وحق تولي اي موقع في مؤسسات الدولة وحق الترشح لنفسه والترشيح لغيره في مجالس الدولة المختلفة.
ولا يصلح في الدولة التي تعتمد النظام الجمهوري احتكار السلطة من قبل فرد او أسرة كما أن دولة المؤسسات لا تسمح ابدا بقيام كيانات على اسس غير وطنية و تكون بديلة للدولة او تقوم بوظيفتها او تسمح لاي كان بتمزيق النسيج الاجتماعي واللعب على التناقضات الفكرية والاسرية والمناطقية من اجل اضعاف الدولة او ان تشكل من لون طائفي او مذهبي معين او تسمح بتبني افكارا لمدارس فكرية غير التي تشكل القناعة الفكرية لغالبية الشعب او سكان الدولة.
فمع وجود الدولة القوية القائمة على النظام الجمهوري تختفي كل الامراض المناطقية والمذهبية وتنتهي كل اسباب الصراع على السلطة والثروة.
فمن خلال هذه الثقوب وغيرها تسللت الامامة الكهنوتية الى مواقع حساسة في النظام الجمهوري حتى اطلت برأسها من جديد في حياة اليمنيين بثوب خلق اسمه الامامة الحوثية وبطبعة اخرى للظلم والكهنوت ذات ارتباط فارسي معاد لكل ما هو يمني وكل ماهو عربي وسيطرة على مؤسسات الدولة بالقوة واجهزت على الحياة السياسية وعلى ما تبقى من النظام الجمهوري وقتلت وشردت واعتقلت كل من تظن انه سيقف في طريق مشروعها السلالي العنصري او يحمل فكرا جمهوريا لايتفق وما تحمله من قناعات وما تبيته من تغيير في واقع اليمنيين وفي قناعاتهم الفكرية مستخدمة العنف والقوة في تحقيق ذلك.