السعودية واللعب على التناقضات في اليمن
الإثنين, 30 سبتمبر, 2019 - 10:00 مساءً

مبررات اسقاط صنعاء في 2014 بعد تماهي السعودية و الأمارات بحجة صعود حزب الإصلاح للسلطة عقب ثورة 2011م هي نفسها التي تتحكم بالمشهد اليوم من قبل كلا الدولتين.
خانت السعودية حلفايها الدينيين من السلفيين في صعدة وتواطأت لاخراجهم منها لصالح الحوثيين.
 
ثم صمتت الدولتين عن دخول الحوثي صنعاء للقضاء على الإصلاح، وبعدها شنت السعودية الحرب وظن الجميع أنها قد أدركت خطورة ما صنعت، وأدت لسقوط صنعاء.
 
عادت السعودية من جديد لحزب الإصلاح، وزجت به في معاركها مع الحوثيين في أكثر من جبهة داخل اليمن، وحينما نتكلم عن الإصلاح هنا لوحده فذلك يعود لأنه الوحيد الذي أيد تدخل التحالف عسكريا في اليوم الأول للحرب، ودفع ثمن ذلك كثيرا من الخسائر في قياداته ومقدراته.
 
مضت الحرب في عامها الأول ثم عادت السعودية والإمارات من جديد للتآمر ضد الإصلاح، وهذه المرة عبر السلفيين الذين عادت لهم مجددا بعد خذلانها لهم في صعدة.
 
سعت السعودية ومعها الإمارات لتصدير السلفيين من جديد إلى الواجهة عسكريا، وتم تصعيد قيادات منهم لمناصب عسكرية في تشكيلات خارج سياق الحكومة، وأمدتهم بالسلاح والمال، وخلقت معركة داخلية بين الأطراف المؤيدة لها.
 
استخدم السلفيون في عدن وتعز وصعدة ومحافظات أخرى، وجرى الزج بهم في المهرة وفشلت المحاولات رغم بقائها حتى اليوم بشكل ضئيل.
 
اليوم القيادات السلفية التي تقاتل وتتلقى دعما من السعودية والإمارات تعمل خارج وزارة الدفاع الحكومية، وتتفق جميعها على مناهضة الإصلاح، وكل طرف كان له حضور في 2011م.
 
اللعب على هذه التناقضات في اليمن من قبل السعودية والإمارات لايتوقف، فطارق صالح الذي وقف وتحالف مع الحوثيين منذ 2014 حتى بعد مقتل عمه على يد الحوثي أصبح خيارا مفضلا لدى التحالف الذي يدعمه بالمال والسلاح بعيدا عن الحكومة الشرعية ودون الاعتراف بها.
 
تدير السعودية هذه التناقضات وتشجعها وتمولها، وتستخدم اليمنيين كأطراف وأدوات ووكلاء ضد بعضهم البعض، بينما تواصل هي تنفيذ أجندتها في ملشنة اليمن، وتعميق الأحقاد بين اليمنيين، وصناعة ألغام قابلة للانفجار في أي لحظة.
 
لا هدف واضح من التدخل السعودي في اليمن، فليس هناك بوصلة للرياض، فهي لم تعمل على ضم الجميع من اليمنيين المخاصمين للحوثي في كيان واحد تحت قيادة واحدة، بل تكتفي من هؤلاء بتأييدها، وتضع كل طرف في خانة، وتنفخ كل طرف لينتقم من الطرف الآخر.
 
يستفيد الحوثي من هذا الوضع بشكل كبير، فهو الوحيد الذي ظهر متماسكا كطرف داخل اليمن، بينما تظهر الشرعية كطرف مدعوم من التحالف شكليا أكثر تدهورا وتمزقا، ولم يكن ليحدث ذلك لولا السياسة السعودية المتخبطة.
 
في المحصلة قد تسعى السعودية للملمة المليشيا التي تدعمها وتجعل منها جيشا يطابق مواصفات الرياض، وهو جيش لاينبغي أن يملك السلاح، ولاتكون له قوة، ويكتفي الملتحقين به براتبهم الشهري.
 
وليس من المستبعد أيضا أن ترمي بكل هذه المليشيا التي تصنعها الآن وتقدمها للحوثي عندما تتصالح معه، فهو وحده الذي تلتقي أهدافه بأهداف السعودية ويشبهان بعضهما البعض، ويختلفان فقط بجزئيات معينة.
 

التعليقات