في كتاب جديد ظهر بعنوان "تحقيق المقال في أقسام العباهلة والأقيال" لمؤلف يدعى الشيخ المفضال أبي محمد عبد الحميد بن يحيى بن زيد الزُعكري الحجوري الزُعكري.
الكتاب من أربعين صفحة، وواضح من إسم مؤلفه ربما أنه من السلفيين بحكم دلالة اللقب (الحجوري) ولست متيقن من هوية المؤلف أكثر.
الكتاب حاول صاحبه الرد على ما يصفه بتيار العباهلة والأقيال، وهو تيار ينادي بالهوية اليمنية ولديه محاسن ولايخلو من عيوب أيضا.
هذا التحفز بالرد بحد ذاته دليل على التأثير الذي أحدثته الفكرة، ووجع المناوئين لها من وقعها عليهم، مع العلم أن أكثر من أعرب عن مناوئته لتيار الأقيال قيادات في جماعة الحوثي، وكيير ممن يؤمنون بفكرة الإصطفاء السلالي في اليمن.
الكتاب جاء بالطريقة السلفية عند تأليف المنشورات الورقية والمطويات الدعائية المعروفين باتقانها وتوزيعها خلال العقود الماضية، مع سرد المضمون باستنادات مرجعية لأدلة تاريخية جرى تكييفها وفقا لمزاج المؤلف وخلفيته الدينية لكي يصل لمراده من النشر.
ليس الكتاب جدير بالقراءة لهبوط الفكرة نفسها، والغرض اللئيم منها، إضافة لطريقة العرض المملة، والتي تظهر كخطبة كئيبة تجلب الملل والضيق، ومن يلقيها يبدو كخطيب أرعن ومتطرف يعاني من انفصام بين شخصيته والواقع الذي يعيشه، والمحيط الذي يتحرك خلاله.
من ضمن الفقرات التي وردت في الكتاب تكفير المؤلف لكل من أبغض الرسول الكريم أو علي بن ابي طالب والحسن والحسين أو القرآن الكريم.
ولاحظ هنا خيارات الشخصيات التي أوردها، حين جعل الرسول وعلي وعياله والقرآن في منزلة واحدة ويسري عليهم حكما واحدا هو التكفير لمن أبغض واحدا منهما، إضافة لعدم التفريق بين شخص الرسول من حيث المكانة وصحابي آخر مثله مثل باقي الصحابة.
والتكفير يعني استباحة الدم وقتل أي شخص بحجة إبغاضه لواحد من هؤلاء، رغم إن القرآن حرم قتل النفس البشرية، والرسول عزز هذا التحريم حين جعل قتل أي نفس في منزلة واحدة من الجريمة كمن يهدم الكعبة بما لها من رمزية دينية في العبادات.
لايعرف بعد إن كان المؤلف فعلا سلفي، وإن كان كذلك فهذا يشير للخلفية الدينية التي يتشبع بها هؤلاء في خدمة الفكر السلالي، من حيث يعلمون أو لايعلمون.
الكتاب قدم فكرا داعشيا بامتياز، حين تحدث عن سبب اعتزاز اليمنيين بشخصياتهم التاريخية والتي وصفها بالأصنام، وتضمن عبارات تحريض ضد أحزاب يمنية، وسرد العديد من الأوصاف بحق المؤمنين بتيار الأقيال كالزناديق والكفار والماسونيين واليهود... إلخ.
الكتاب برمته جرس إنذار من خطورة هذا الفكر التدميري المتلبس بالدين على المجتمع، وشرعنته للقتل والعنف والدم، وترسيخه لفكرة السلالية المنقرضة والتي يدفع اليمن واليمنيون اليوم الثمن غاليا بسببها.
وهو أيضا سيكون سببا في كراهية العديد من اليمنيين للدين ورجال الدين والحركات الدينية جراء الغلو الذي يقدمه، والتطرف الذي يشجعه، والتمييز العرقي الذي يصنعه في المجتمع، خاصة عند مقارنة من يقدمون اليوم أنفسهم كحكام لليمن وما يمارسوه من جرائم وانتهاكات وهم يدعون أنهم ينحدرون لسلالة علي بن أبي طالب الذي أورثهم حكما وسلطة حتى قيام الساعة.
كان جديرا بمؤلفه أن يقدم حججه ويقارع من يؤمنون بهذا التيار، وأن يدرس أيضا الأسباب التي أدت لظهور هذا التيار وأحيت هذه النزعة في الوقت الراهن.
مؤلف الكتاب ينتمي لتيار مخيف في أفكاره، ومقلق في طرحه على عقول الناس، فهو يحفز على الإرهاب والتعدي على حقوق الآخرين، وممارسة الوصاية الدينية والكهنوتية بأبشع صورها.
جدير هذا الشخص بالحجر عليه، ومنع تكاثره، ومحاربة الفكر الذي يحمله، واستئصال النزعة الشيطانية المترسخة في تفكيره، وجدير أيضا بمن يناظره ويحاججه ويدحض فكره الرجعي المتخلف.
مع التأكيد بأن التيار السلفي فيه شخصيات أكثر رزانة وتعقلا وحكمة من هذا الطرح، وهذا الأسلوب، وهذا التطرف.