د. مروان الغفوري

د. مروان الغفوري

طبيب يمني مقين في ألمانيا

كل الكتابات
في صنعاء.. عاصمة المملكة الهاشمية
الأحد, 01 ديسمبر, 2019 - 02:49 مساءً

وزارة الصحة تصادر كل وسائل منع الحمل من المراكز الطبية والصيدليات. الناطق باسم وزارة الصحة يفسر هذا الإجراء: لحماية المرأة من المخاطر. ملحوظة: تقول المعلومات أن هناك حوالي 6 مليون امرأة في سن الإنجاب.
 
وزير الإعلام الملكي يتحدث في مؤتمر صحفي عن الاستخدام الضار للإنترنت، ويلمح إلى إمكانية أن تلجأ وزارته إلى توزيع قسائم "الحق في استخدام الإنترنت" على المواطنين بعد اجتيازهم دورات تدريبية وتثقيفية.
 
الحقد، الشره، الحسابات الخاطئة، الكراهية المتبادلة، النظام الحزبي المسيطر عليه من قبل أربعة أحزاب شمولية شبه ديموقراطية، الطفيليات الإعلامية، والترتيب القبلي للنظام الثقافي .. كل هذا أدى إلى دخول اليمن في المشهد التشا?يزي أو الموسوليني، حيث سيطرت قوة تمثل 3% على كل شيء.
 
المقاربة التي طرحها جوان لينز في العام 1978، وتلك التي طرحها الكاتبان لي?تسكي وزيبلات حول الطريقة التي تنهار من خلالها الديموقراطيات الوليدة والراسخة وصلت إلى الاستنتاج ذاته. ففي العام 98 وصل تشا?يز إلى السلطة وهو الذي قاد انقلابا فاشلا ضد السلطة سنة 1993، وسبق له توعد النظام الديموقراطي بكل وضوح. كانت أتوود، الروائية الكندية المهتمة بالظاهرة النازية، تردد بسخرية مرة: لم يفاجئ هتلر أحدا، فقد فعل كل ما قال في كتابه كفاحي إنه سيفعله، بما في ذلك المحارق.
 
كانت ?ينزويلا هي أقدم ديموقراطية في أميركا اللاتينية، غير أن صراعات الأحزاب والحسابات الخاطئة دفعت الحزب الحاكم للاستعانة بالنمر ضد خصومه، إلى أن دمر النمر كل نظام ?ينزويلا وآلت إلى ما ترونه الآن: ملايين اللاجئين على الحدود، وسفن الذهب تهرب إلى البلدان البعيدة.
 
لنتذكر أن موسوليني دخل على الملك مساء العشرين من أكتوبر، 1922، وهو يرتدي بزة سوداء، بزة البلطجية في شوارع روما. قال للملك "جئت من المعركة"، وكانت روما تعج بالفوضى السياسية والحسابات الخاطئة والمكائد البرلمانية. من حاصل 535 مقعدا برلمانيا كان حزب موسوليني يملك فقط 35 مقعدا. ومع ذلك فقد أشارت بعض الأحزاب الكبيرة إلى الملك قائلة "اعط السلطة لموسوليني لكي يؤدب هؤلاء". كانت الأحزاب مقتنعة أن موسوليني الذي دخل روما مع حشوده قادما من ميلان إنما يريد جامعة الإيمان والفرقة الأولى مدرع وسيعود أدراجه. قال رئيس أكبر الأحزاب أمام الملك: بعد شهرين سندفعه إلى الزواية وسنجعله يجهش بالبكاء ثم سنركله خارجا.
 
في كل المشاهدات حول انهيار نظام الديموقراطية في دول العالم كانت الكراهية والحسابات الخاطئة للساسة هي الباب الذهبي للتفكك. وبلا استثناء استعانت أحزاب ومؤسسات بديماغوغيين متطرفين أعداء للمؤسسة، وكانت النتيجة أن دخل البلد في العهد الفاشي. استطلاع سيرة كل البلدان حيث انهارت الديموقراطية يضعنا في الصورة نفسها، بالميكانيزم نفسه.
 
تذكروا أن الحوثي، بعد دخوله إلى صنعاء، دعي لإلقاء خطاب في المؤتمر العام للحزب الاشتراكي، وقال ياسين نعمان، متحدثا إلى أولئك الذين لم يكونوا موجودين: من أراد أن يلتحق بنا ضمن قواعد العمل المشتركة فليفعل. وكان الحوثي حاضرا وملتحقا. كذلك فعل حزب صالح، والقادة الانفصاليون، وتنظيمات ثقافية واجتماعية يصعب حصرها.
 
كلف إخراج موسوليني من السلطة تدمير كل إيطاليا. وكلف إخراج هتلر من الحكم تدمير كل أوروبا، وكلف إزاحة نظام تشا?يز من السلطة، ولم يحدث بعد بصورة كاملة، زعزعة استقرار القارة اللاتينية برمتها.
 
في كل الحالات كان الفاشيون نمورا محدودة العدد (لا أتحدث هنا عن الانقلابات العسكرية) ولكن أحزابا وجماعات ومنظومات سياسية قررت ركوب ظهر النمر للإيقاع بخصومها السياسيين، وكانت النتيجة مدمرة. قال أحد مستشاري ملك ألمانيا: لقد ارتكبت أكبر جريمة في حياتي حين تحالفت مع أكبر ديماغوغي في التاريخ. وكان يعتقد أن هتلر سيفتك فقط بالماركسيين الذين أزعجوا الملك كثيرا، ثم سيركلونه بعيدا. وقد اعتقد صالح وأبناؤه، وهم يشرحون لمحمد بن سلمان خطتهم التي ستؤدي إلى "إعادة الحوثي إلى مران"، أن ذلك ممكنا.
 
اقترح لي?تسكي وزيبلات، في تطويرهما لمقاربة لينز، ما أسموه معيار الفاشية. وهي مقاربة من أربعة نقاط تساعد الإجابة عنها في الاكتشاف المبكر للنزوعات الفاشية للأحزاب السائدة. فقد تحول حزب أوربان، حاكم هنغاريا، من مدافع قوي عن الديموقراطية في ثمانينات القرن الماضي وفي فترة حكمه 1998-2002 الأولى إلى نظام فاشي يعتقل كل هنغاريا حاليا.
 
هذه هي الأسئلة:
  رفض المبادئ والقواعد الديموقراطية للعبة السياسية، أو عدم إبداء حماس جاد لها.   2- رفض الاعتراف بالخصوم السياسيين باعتبارهم خصوم مشروعين، والإصرار على القول إنهم مجرمون ولا يستحقون البقاء في اللعبة.
 
3- التسامح مع، أو الترحيب بظواهر العنف والقوة المحفزة سياسيا.
 
4-الاستعداد ل، والترحيب بكل إجراء سلطوي يستهدف تقليص الحقوق المدنية للخصوم السياسيين، بما في ذلك حق التعبير وحرية الإعلام.
 
تكفي نقطة واحدة من كل سبق لوصف التنظيم السياسي بالفاشي، واعتباره خطرا على الحياة الديموقراطية، وعلى حياة الناس. ذلك أنه سيقود شعبه إلى عهد اللجوء والقنابل والسفن الهاربة، بطريقة أو أخرى>

التعليقات