مستقبل اليمن بين الوحدة أو الإنفصال
السبت, 24 أكتوبر, 2015 - 03:49 صباحاً

خمسة وعشرون عاماً مضت منذ تحقيق الوحدة اليمنية بين شطري اليمن في الثاني والعشرين من مايو 1990م.
بالنسبة للشطر الجنوبي فتبدو تلك الفترة التي قضاها تحت سقف الوحدة اطول بكثير من تلك التي قضاها في زمن التشطير منذ تحرره من الاستعمار البريطاني في العام 1967م.
اليوم تبدو قضية الوحدة اليمنية واحدة من اكثر القضايا السياسية تعقيداً بالنسبة للاطراف المختلفة داخل اليمن، وعلى مستوى الدول الخليجية التي قدمت خارطة طريقة ممثلة بمبادرتها في العام 2011م.
وطوال فترة مؤتمر الحوار الوطني الذي انعقد خلال العام 2013م، كأحد أهم متطلبات مؤتمر الحوار كانت القضية الجنوبية المحور الأكثر اهتماماً وحضوراً لدى القوى المتحاورة، والتي قدمت كلاً منها منفردة تصورات ومقترحات تعكس رؤاها لمعالجة القضية الجنوبية وكيفية تجاوزها.
تلك الحلول والتصورات غلب عليها المثالية الزائدة التي جعلتها شبه مستحيلة في تطبيقها على الارض عملياً، واتضح بأنها لامست القضية لكنها لن تستطيع حلها وحلحلتها، وبالرغم من ان مؤتمر الحوار الوطني انتهى بإنقضاض مليشيا الحوثي المتمردة على مخرجاته، لكنه يعد بمثابة البداية الاولى والخطوة الجريئة للوقوف امام قضية خطيرة تهدد كيان الدولة اليمنية.
من المؤكد اليوم ان الاتجاه نحو تشطير البلاد واعادتها الى ماضيها كشطرين، لن يخدم مواطني الشطرين والانظمة السياسية التي ستحكم كل شطر في المستقبل، وسيؤثر على زعزعة المنطقة برمتها وبالذات دول الخليج العربي التي ستكون المتضرر الاكبر من هذا الوضع.
لتشخيص الوضع بدقة أقرب ينبغي ان نعلم ان المخلوع صالح الذي يدعي انه من حقق الوحدة اليمنية هو من قوض تلك الوحدة من مضمونها الوجداني والجغرافي، وكانت سوء إدارته للدولة، هي من أعادت المواطنين في الشطر الجنوبي للحنين نحو التشطير بعدما لمسوا وعايشوا بانفسهم تلك التصرفات والسلوكيات التي انتهجها صالح بحقهم، مع العلم ان إنتهازية صالح في حكم الجنوب هي ذاتها التي اتبعها في حكم الشمال.
وبالتالي فإن رحيل صالح عن الحكم وإزاحته من المشهد السياسي يمثل احد المداخل الرئيسية والمهمة لإعادة الإعتبار للوحدة اليمنية بين الشطرين، ورفض كل المساعي الهادفة لإعادة التشطير، ومقدمة لحل ما يسمى بالقضية الجنوبية، فصالح هو من اوجد تلك القضية، وهو من استغل الوحدة اليمنية وقدمها كمنجز شخصي يتعلق به فقط، ولذلك سعى الى تهديد وجودها ونسف مشروعها بمجرد إستشعاره بأنه بات خارج السلطة ولا يمكنه العودة إليها.
يفترض ان تسعى دو التحالف العربي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية لوضع حداً للنعرات الانفصالية في الجنوب، ولجم لهجة التعالي من القوى النافذة في الشمال.
ويصبح من الضرورة وضع نظام سياسي يتكون من شقين الاول رئاسة الجمهورية التي لا يجب ان تحظى بكافة الصلاحيات التي اعطيت للرئيس المخلوع صالح وجعلته متفردا واستبداديا في إدارة الدولة اليمنية.
والشق الثاني هو انتخابات برلمانية تفضي الى تشكيل مجلس النواب بطريقة شفافة ونزيهة تفضي الى تشكيل حكومة وحدة وطنية، وفقاً لحجم كل طرف سياسي موجود على الارض، بحيث يمارس المجلس مهاماً اختصاصية تتعلق بالرقابة على اداء الحكومة والرئاسة معاً، بعد وضع معايير لا تساعد على الإلتفاف على تلك المخرجات.
إن التفكير بإعادة اليمن الى عهود التشطير ليس سوا إعادة لها الى عصور الظلام والفوضى التي ستؤثر على المنطقة، خاصة اذا ما علمنا ان الحوثيين قد يتفردوا في حكم الشمال ويخضعوا مناطقه لحكمهم، اذا ما وقع الانفصال، بينما لن يتمكنوا من ذلك في حال ظل الجنوب بجانب الشمال، وشكلا معاً كتلة واحدة لمواجهة مخططات الطائفية والمشاريع الايرانية الموجهة.

التعليقات