منذ طفولتها تشتري زميلتي التركية أولفيا أواخر كل عام أوراق اليانصيب، في اليوم التالي من رأس كل سنة تعيش أحزانها المعتادة، لأنها تدرك أنها خسرت مجددا فرصة الفوز باليانصيب ودخول عالم الثراء السريع.
علاقتنا نحن اليمنيين مع السلطة الشرعية تشبه كثيرا أوراق اليانصيب لدى أولفيا التركية، كل تحركاتها وإجراءاتها التي تتخذها تؤكد لنا أننا دائما نخسر معها، وأن فرصة التقدم الذي كان يمكن أن يُدرك في أي ملف تلاشت مرة أخرى.
الحرب الأخيرة التي تخوضها السلطة الشرعية بقيادة الرئيس هادي في جبال نهم تؤكد أن هذه الحكومة تفشل على مستويات كثيرة، نحن ندرك أنها حرب جزئية، وأن خسارة مجموعة جبال أو التراجع في أماكن قتالية ومواقع ليست نهاية الحرب، ولا تعني خسارة المعركة كليا، وكما قال خالد الرويشان، فإن اليمن أكبر من جبل، ولكن يتنامى هذا الشعور بالفشل إذا ما ارتبط بملفات أخرى على مدى سنوات الحرب. تخسر الحكومة في الجنوب والشمال على حد سواء، وفي معظم الملفات نراها تخسر على مستوى المعارك السياسية والقرارات.
هذه الخسارات الصغيرة الموزعة هنا وهنا في السياسة والاقتصاد والحرب والأداء الحكومي، والفشل في إدارة المناطق المحررة، والخدمات، والصحة، وعدم القدرة على مكافحة الأمراض والأوبئة، جميعها ستقودنا إلى خسارة عظيمة وكبرى سيدفع ثمنها الشعب الذي يعيش الآن حربا مفتوحة ونزوحا قاسية وهجرة قسرية. معظم هذه المشكلات ناتجة من كوننا لم نقم علاقة ندية ومشتركة مع السعودية والإمارات منذ التدخل، بل كان هذا التحالف أشبه بالتفويض المطلق والتورط مع حليف دون حدود.
ما يهم الحكومة من هذه الخسارات التي تلقتها بالتراجع في مناطق بالجوف وفي السلاسل الجبلية بنهم وفي جبل هيلان بصرواح هو شيء آخر، إرضاء السعودية وعدم إغضابها أو جرح مشاعرها، فأمام هذا التراجع العسكري طلب وزير الداخلية أحمد الميسري توضيحا من التحالف السعودي الإماراتي بشأن الهجوم الدامي على معسكر تدريبي للجيش الوطني في مأرب وقع الأسبوع الماضي، وأودى بحياة مائة وأحد عشر قتيلا وجرح العشرات، وأكد الميسري على ضرورة أن تكون العلاقة مع السعودية ندية.
أمام تصريح الميسري هذا وتصريحات أخرى استغرب مصدر في الحكومة على موقع وكالة سبأ التابعة للسلطة الشرعية، تصريحات الميسري، وقال إنه يرفض الإساءة إلى المملكة العربية السعودية، سواء تلميحا أو مباشرة، وقد وصف تصريحات الميسري بأنها غير مسؤولة، ولهذا يتنامى شعور يمني واسع بأن الحكومة قد ترهن مستقبل اليمن وتجازف به، أو على الأقل قد تتخلى عنه إرضاء للنزوة السعودية.
