فيصل علي

فيصل علي

إعلامي وأكاديمي يمني.

كل الكتابات
حلب .."عم ننباد"
السبت, 30 أبريل, 2016 - 09:03 مساءً

سَيَذْكُرُنـي قـومـي إذا جَــدَّ جِـدُّهُـم
ْ وفــي اللّيـلـةِ الظَّلْـمـاءِ يُفْتَـقَـدُ الـبَـدْرُ
ذكرناك يا أبا فراس الحمداني ذكرناك، ومدينتك حلب اليوم يحرق أهلها وتهدم بيوتها على رؤوس أهلها، وتقصف مشافيها، وكل الويل فيها، وهذا العالم المنافق يرى ويسمع بحرق أقدم مدن الأرض، ولا يحرك ساكنا، ويقول أهلها للعالم "عم ننباد" ولا مجيب..
 
نتيجة للخطأ الفادح الذي ارتكبه الزعيم البعثي أكرم الحوراني- وهو من العرب السنة وأصله من مدينة حماه- وبحكم نفوذه في الجيش السوري قام بتجنيد العلويين المنبوذين في الجيش ليحقق الاشتراكية على أيدي الطبقة المسحوقة التي كانوا يمثلونها، مما مكن من وصول عسكر الطائفة العلوية إلى حكم سوريا منذ منتصف الستينات في القرن الماضي.
لم يكن يعلم أن الطائفة التي لا تزيد عن 7% من سكان سوريا ستمسك السلطة بالقوة وتزيحه هو و ميشيل عفلق، وصلاح البيطار مؤسسي البعث، ومن ثم ستزيل السكان العرب والسنة بالتحديد من سوريا.
 
الطوائف لا تؤمن بالحزبية ولا بالوطنية ولا بالشعب فقط تؤمن بالطائفة والسلالة، وهذا الذي حدث في سوريا بالفعل مع وصول حافظ الأسد إلى السلطة عام (1970)، كان ضباط الطائفة العلوية قد أحكموا احتلال مفاصل الحكم والمؤسسة العسكرية، وسيطروا على السلطة.
 
كانت أهم أعمال العلوي حافظ الأسد في حياته إبادة ما استطاع من سكان مدينة حماة السنية بسبب أنهم "إخوان مسلمون"، وهاهو بشار ولده يفعلها في حلب التي يتجاوز تعداد سكانها خمسة مليون نسمة، و يشكل العرب السنة فيها أكثر من 85%، لكن هذه المرة لا تهمة لسكان حلب إلا أنهم عرب سنة، فلم تعد تهمة الإخوان هي السبب الوحيد فهم أيضا دواعش وقاعدة وإرهابيون.
 
لولا دعم الروس والأمريكان والأوروبيين للطائفة العلوية لما استطاعت البقاء في الحكم إلى الآن، فهي من ستنفذ ما يطلب منها دوما، فمن يحاربون الإرهاب يطالبون دوما بتجفيف منابعة، ومنابع الإرهاب عندهم هي الشعوب العربية المسلمة، وحماة من أهم مدن السنة في المنطقة، ولذا يتم احراقها بالبراميل المتفجرة والعالم صامت، ولن يتحدث بان كي مون، ولن يعرب عن قلقه - رغم أنه في قلق دائم - ومجلس الأمن الراعي الأول للمليشيات في العالم ينظر بإعجاب لما يحدث في حلب.
 
حلب التي تشبه إلى حد ما تعز في المواصفات الديمغرافية، لن ينقذها أحد، وسيعملون على تهجير سكانها، كما يفعلون في مديرية الوازعية بتعز، والعالم صامت ، فهذا جزء من إعادة تشكيل المنطقة، وهؤلاء السنة مازالوا يتكاثرون ويقاومون المستعمر ووكلاءه الحصريين من طائفة الشيعة، فلا فرق بين علي صالح الشيعي، وبشار الشيعي وبين حسن نصر اللات، وعبد الملك الحوثي، فهذه أدوات الإجرام المدعومة دوليا.
 
كان هناك حديث عن تحالف عربي لإنقاذ اليمن، لكنه تناسى تعز ذات الستة ملايين مواطن سني، وأُعلن عن تحالف إسلامي  موجود في صحيفة الشرق الأوسط وقناة العربية فقط، وإلا ما الذي يؤخره عن إنقاذ حلب؟
 
مادام السنة بلا مشروع واحد في المنطقة فإن وجودهم عالة على العالم، وسيتخلصون منهم واحدا واحدا، و كما تخلصوا من نظام صدام حسين "البعثي العربي"، فإنهم يدعمون نظام بشار "البعثي العلوي" للغرض ذاته، فمقاييس "أميركا العلوية" واضحة تماما ولا فرق بينها وبين مقاييس "روسيا الشيعية"، فقتل السنة يوحد بين أبناء الحسين عليه وعليهم السلام، والذين لم يعودوا إثني عشر "معصوما"، بل زادوا ثلاثة أبناء؛ بوتين الأكبر، وأوباما الأسمر، وروحاني الأحمر، "  و" انا اعطيناك الكوثر" حيدر حيدر حيدر ..
 
أهلنا في حلب أنتم مثل أهلنا في تعز، لا مجال أمامكم للهروب ولا للهجرة، لا أحد يريدكم لا أحد يقبلكم، وما يجري هو نتيجة لسكوتكم عن حكم الطوائف من السبعينات، المقاومة هي الطريق الوحيد، وقد قال عنكم جدكم أبو فراس الحمداني يا أهل حلب:
ونَـحْــنُ أُنـــاسٌ، لا تَـوَسُّــطَ بيننا
 لـنـا الـصَّـدْرُ دونَ العالـمـيـنَ أو الـقَـبر...

*مقال خاص للموقع
 

التعليقات