مالم يقله بيان الإصلاح الأخير
الجمعة, 12 يونيو, 2020 - 04:40 مساءً

بقدر  ما نال بيان حزب الإصلاح الأخير من إعجاب وإشادة من متابعين خارج الحزب إلا أنه بحاجة لقراءة مختلفة عن الإعجاب و الإشادة..!
 
فالإصلاح حزب وليس "برنامج مايطلبه المستمعون" مع أهمية أن يحوز البيان على إعجاب قاعدة شعبية عريضة وواسعة بالإضافة إلى أعضاءه بالطبع.
 
ابتدأ البيان بالإشارة إلى ما أقدمت عليه جماعة الحوثي مؤخرا  ((وما أثير حولها من نقاش فكري وإعلامي)) بحسب البيان، وبهذا يأتي البيان متأخراً.. لكنه يبدو تأخيراً مستحباً يُحسب له لا عليه..!
 
والمتتبع لخط أداء الإصلاح السياسي مؤخراً بإمكانه أن يلحظ هذ التوجه من التأخر الإيجابي إن صحت تسميته، فدأب الإصلاح المستمر على التصدر في القضايا الوطنيه جعله عرضةً لابتزاز  و انتهازية شركاءه قبل خصومه، ووفر لهم ذلك التصدر فرصة واهية للتخاذل والتحجج بأن  المعركة معركة الإصلاح  والدليل أنه في الصورة دائماً، على أن المرونة والاستجابة للمتغيرات وفق قراءة سليمة ومستمرة من عوامل كفاءة الأداء لأي حزب سياسي .
 
 ثم يشير البيان مجرد إشارة عرضية لم تاخذ حقها من التأكيد وهي أصل المعركة بالأساس بقوله: ((فضلاً عن كونه صادراً عن جماعة انقلابية لا تمتلك أية شرعية في تصرفاتها تجاه الشعب ومؤسساته))! وما إشارته بعد ذلك إلى الذين انطلت عليهم خطابات جماعة الحوثي التضليلية في بداية مشوارها رغم تحذيرات الإصلاح -بحسب البيان- إلا نوعٌ من اللؤم السياسي الجائز وفيه ما يكفي من التقريع لمن يقصدهم .
 
 لكن اللافت حقيقةً هو إشارة البيان بكل وضوح إلى الشخصية التاريخية  ((المدعو يحيى الرسي الذي أسس فكر الإمامة وقاد مشروعها منذ أواخر القرن الثالث الهجري، وما الحوثية إلا امتداداً لها )) حيث يرى بعض المتابعين هذا الأسلوب في التناول خروجاً عن اللغة السياسية التي ينتهجها الحزب ومجاراةً لخطابٍ شعبويٍ يجتر الماضي وشخصياته الجدلية قد يتطور إلى ما لايحمد عقباه في ظل وضع مليء بالألغام الفكرية التي ما تلبث ان تنفجر بوجوه اليمنيين كل حين .
 
وقد كان على الحزب أن يترفع ويرتقي بلغة الخطاب وفق معايير المصلحة الوطنية العليا استراتيجياً وليس لمجرد إثارة الإعجاب اللحظي كما يرى بعض النُقاد، ثم يورد البيان مجموعة من النقاط التي يؤكد عليها الإصلاح، جاء في النقطة الثانية منها .
 
- تُعَدُّ الهوية اليمنية الرابط والانتماء والتوصيف الوحيد لكل المواطنين، ومن لا يزال يتوهم أن شرف الانتماء لليمن بما تحمله من تاريخ وثقافة وإرث حضاري عريق لا يكفيه فهو مريض يحتاج للعلاج والعقاب، وفي هذا السياق تتجدد أهمية تجريم كل الدعوات والأصوات المريضة التي تنتقص من تاريخ اليمن وتجهر بالفخر والانتساب لغيرها، وتبحث بموجبه عن امتيازات أو تسعى لفرضها على اليمنيين.
 
وهنا ما يستحق التوقف والقراءة بتمعن، ومع انه لا جدال في كون الحزب حزباً يمنياً وطنياً، إلا أن المتابع بإمكانه أن يلحظ أن هنالك فرقا واضحا بين خطاب الإصلاح  الرسمي وبين ما يتم تداوله عن بعض أعضاءه وبعض الشخصيات المحسوبة عليه، فالإصلاح نفسه بحاجة إلى تمثل هذه النقطة بقدر ما يحتاجها غيرهم، فإذا عاد الخطاب الرسمي للحزب لتسمية المعركة مع الحوثيين بغير اسمها كالروافض و الشيعة و المجوس  وغيرها من المصطلحات الطائفية - استجابة لأهواء داخليه وخارجية -  فإنه حينها سوف  يتناقض مع فكرة الهوية اليمنية و حقيقة تعريف الإصلاح للمعركة وتوصيفه للحوثي..!
 
 و إذا  كان في معركته ضد الحوثي كجماعة انقلابية استولت على السلطة بقوة السلاح والتزم بذلك مهما طال أمد المعركة فيمكن القول أنه صادق بتمثله لهذه النقطة، أما إذا فاجئنا لاحقاً باستخدام تعريفات مناقضة للمعركة الوطنية فسنذكره بهذا البيان الرسمي الذي نأمل أن لا يكون مجرد رد فعل عاطفي أو أن الإصلاح لا يعني ما يقول فيه..!
 
 ومن ثم يأتي البيان بنقطة ثالثة يقول فيها ((وأفكار بالية تفرز الشعب إلى يمنيين وهاشميين)) يبدو فيها الإصلاح أنه فقط يكرر ما يقوله الحوثي على قاعدة أن ناقل الكفر ليس بكافر؛ إلا أن كثيرين رأواْ في ذلك استجابة من الإصلاح لخطاب طائفي خطير كان ينبغي عليه فيه أن يُلمح ولا يُصرح .
 
ويبرز هنا تساؤل مهم : هل كاتب هذا البيان أخذ بالاعتبار كل الأبعاد الواجب مراعاتها بما في ذلك البُعد الدولي..؟!
 
و هل سيترجم العالم هذا البيان بأنه ذو محتوى طائفي مثلاً ويتذرع به لإثبات نظرية معينة في تعريفه للحرب وأطرافها في اليمن..؟!
 
 وأخيرا يختتم الإصلاح بيانه بدعوة البرلمان إلى إصدار قانون  (( لتجريم كل  أشكال العنصرية وصنوف التمييز الطبقي)) وهذا البرلمان نفسه الذي يمتلك فيه الإصلاح ثاني أكبر كتلة برلمانية لم نرى كمتابعين من الحزب الجهد الذي يستحقه في الضغط لإنعاش الحياة البرلمانية و إعادة تسيير جلسات البرلمان والسلطة الشرعية، وفي هذا مدخل آخر حول الحديث عن تجنب إثارة غضب الرئاسة..!
 
 ولكن ليُثبت الإصلاح ذلك ولتتبني كتلته البرلمانية مشروع القانون وليُخرس كل الألسنة التي تتهمه  بأن الفكرة مجرد مزايدة سياسية أراد الإصلاح من خلالها مجاراة المزاج الشعبي الغاضب من تصرفات الحوثي كما يبدو عليه هذا البيان.
 
 ختاماً : هل يعي كاتب البيان بأنه يعبر فيه عن موقف أكبر حزب سياسي يمني وأن كل كلماته مرصودة ولها ألف حساب ..؟!
 
 و يبقى لنا حق السؤال  هل سيُبنى على هذا البيان مواقف الإصلاح القادمة..؟
 
 
 

التعليقات