المتحري .. الطريق الى الساحل.. أيش الجديد ؟
الإثنين, 14 ديسمبر, 2020 - 10:06 مساءً

منذُ انتهى عرض الفيلم الاستقصائي الطريق إلى الساحل الذي أنتجته قناة الجزيرة و أعده الصحفي جمال المليكي؛ إستمرت ردود الأفعال مابين مؤيد لما جاء في الفيلم ومعارض ومنتقد، سنقف هنا في السطور القادمة على وجهة نظر المنتقدين والمعارضين، بإعتبار المؤيدين مدركين أهمية الموضوع و طريقة عرضه و أهمية ما ورد فيه على شاشة أهم القنوات العربية على الإطلاق.
 
لا يكاد يخلو عمل سينمائي أميركي عن الشرق الأوسط من ذكر قناة الجزيرة، لما تمثله هذه القناة من أهمية و تأثير في مخيال صانع القرار و بطبيعة الحال المجتمع الغربي عموماً. وبالتالي فإن كل ما يعرض فيها هو محل إهتمام عالمي. لو أدرك اليمنييون هذه الأهمية لاستطاعوا فعلاً التعامل مع كل ما يرد في قناة الجزيرة بما يخدم قضيتهم و نضالاتهم بغض النظر حتى عن مستوى رضاهم عنه.
 
على كل مآخذ الخلاف الخليجي وما تسبب به من ضرر في الشأن اليمني؛ إلا اننا نستطيع القول أن المجال الذي أُتيح لقناة الجزيرة لتعرية دور التحالف السعودي الإماراتي في اليمن بعد تحللها من الإلتزام بمراعاة المزاج السعودي؛ أعطى اليمنيين فرصة للتعبير عن مخاوفهم و الحديث بحرية عن انحرافات التحالف في حربه التي بدأها بدعوى دعم الشرعية و باتت الان أقرب إلى (دعم) الشرعية بمعناها الشعبي في بعض مناطق دول الخليج العربي حيث تشير كلمة ( دعم) إلى معنىً آخر يُقصد به (الصدم) فيُقال دَعمَ سيارته أي صدمها أو تسبب بحادث  أضر بها.
 
للأسف و في ظل حالة التيه التي يعيشها اليمنييون اليوم و إختلال إتجاه بوصلة النضال اليمني، يتخبط الجميع على قاعدة ( الطارف غريم)؛ فبدلاً من توحيد الجهود و الإستفادة من كل ما يمكن الاستفادة منه للدفع بإتجاه تصويب إتجاه المعركة الوطنية الكُبرى؛ فإن الجميع يبدو منشغلاً بحلفاءه تاركاً خصومه يحققون مكاسب على حساب تفرق أيدي سبأ، والحديث هنا عن مكونات الشرعية اليمنية و داعميها وهم السواد الأعظم من اليمنيين الذي يملكون قرارهم إذا ما استثنينا الواقعون تحت رحمة الحوثي كرهائن وهم بالملايين.
 
بالعودة إلى موضوع الفيلم، فقد بذل مُعده و منتجه جهوداً  إستمرت لأشهر ليخرج بخلاصةٍ صاغها في خمسين دقيقة تقريباً مُدعمة بوثائق ولقطات تُعرض لأول مره عن قوات عسكرية مجهزة بأحدث العتاد العسكري لا تمتلكه وزارة الدفاع اليمنية في مناطق محسوبة على الشرعية كمناطق (محررة)، وهنا يأتي السؤال: محررة مِن مَن ؟ ويبدو أنها نبوءة البردوني:
 
بلادي من يدي طاغ
إلى أطغى إلى أجفى
و من مستعمرٍ بادٍ
إلى مستعمرٍ أخفى
 
لم يألو الفيلم جُهداً في حشد كل ما يمكن لفضح وتعرية ما يتم في مناطق الحديدة و أجزاء من تعز مدعماً بالأدلة و الشواهد و الشهادات، وفي حين باتت هذه المناطق ملكيات خاصة يتسحيل على المواطنيين اليمنيين دخولها، وبات الدخول إليها بتصريح خاص كما بشَر بذلك مُحافظ الحديدة الدكتور الحسن طاهر محذراً  ومتحسراً على ما آلت إليه أوضاع بلاده وكيف باتت تُحكم من غير اليمنيين بحسب وصفه.
 
و بينما يتلقف الحوثي ومن والاه كل تقرير ظللت به الناشاطات المحسوبات عليه الرأي العام الدولي، ويستفيد من تقرير هنا و تصريح هناك متكئاً على السمعة السيئة للمملكة السعودية في عقول الرأي العام الدولي، فإن الوضع الطبيعي أن يتلقف الوسط الإعلامي والسياسي و الحقوقي المحسوب على الشرعية ما ورد في الفيلم و الاستفادة منه عبر تصعيد منظم مستندين إلى ماورد فيه في سبيل الرصد و التوثيق على الأقل و بالتالي الضغط بإتجاه تسليط الضوء على مايحدث في واحدة من أهم المناطق اليمنية (المحررة) من مليشيا الحوثي الإنقلابية، لكن المتابع لبعض ردود الفعل وبالذات من المحسوبين على الشرعية يتحسر على ما وصلت إليه حالة النخبة اليمنية من التيه والعجز والتخبط، فينما يُشكك شقاة السفير السعودي بنوايا منتج الفيلم؛ يتبعهم عدد من المساكين بعلم وبدون علم، تحت حجج و مبررات واهية، لاسيما العبارة المكرورة: أيش الجديد ؟
 
 و على افتراض حسن النوايا؛  لا أدري مالذي يقصده البعض فعلاً بقولهم: أيش الجديد ؟ يقول مُعد الفيلم هده لقطات حصرية ووثائق تُنشر لأول مرة وصور للآليات وللتدريبات العسكرية و هذه أدلة على تورط مؤسسة الهلال الأحمر الإماراتي (الإنسانية) في أعمال استخباراتية وعسكرية، و يستضيف الخبراء والمعنيين ويعرض كل ذلك على واحدة من أهم المنصات العالمية، فيأتي الرد بكل بلادة: أيش الجديد؟ بالله عليك، أعرنا سكوتك، على الأقل عملاً بالمبدأ الإسلامي الأصيل قل خيراً أو اصمت.
 
أخيراً، كان المتوقع  أن تكون سنين الحرب قد علمت النخبة اليمنية على الأقل أساليب أكثر نجاعة وفِطنة في استغلال ما يمكن استغلاله لصالح معركتهم الوطنية، على الأقل من خلال تراكم الخبرات و الإستفادة من التجارب السابقة التي ضاعت فيها جهود مثمرة كانت لتُشكل فارقاً مهماً في مسار المعركة العامة في بلد أنهكته معاركه التي يبتدعها أبناءه كل يوم.
 
 

التعليقات