الجيش في الجبهات بلارواتب منذ بداية العام.. والانتقالي يسطو على 80 مليار ريال في عدن من أموال البنك المركزي ..
الآلاف من المواطنين عالقين في عواصم العالم يبحثون عن منقذ يعيدهم وآخر يشبع بطونهم من الجوع، واللصوص وزعماء العصابات والمليشيات يقيمون في أجنحة ملكية في الرياض.
الحقيقة التي يتداولها قادة الشرعية في الغرف المغلقة أن التحالف خذل الرئيس وانحرف عن أهدافه المعلنة وكان وراء إطالة المعركة وخذل جميع القوى السياسية التى قدمت للشقيقة الرياض الكثير من التنازلات لتعزيز مصداقية الشراكة معها حتى وجدت نفسها مجردة ومكبلة ومحاصرة من اتخاذ أية قرارات سيادية..
تحالف الشرعية مع التحالف ليس زواجاً كاثوليكياً.. ولايمكن أن تقدم اليمن للتحالف شيكاً على بياض .. فالمتغيرات الإقليمية والدولية تجعل من موقع اليمن الجغرافي محطة اهتمام العالم، ولذلك مازالت خيارات الحكومة الشرعية مفتوحة خاصة نحو توسيع دائرة التحالف من أجل تحقيق هدف إنهاء الانقلابات وإعادة مؤسسات الدولة وعودة الشرعية..
ووفقاً لمقتضيات ذلك فإن هذا الوضع الذي يهدد وجودية الدولة الشرعية بات يفرض على الرئيس ونائبه والحكومة ومجلس النواب وقادة الأحزاب أن يحترموا مكانتهم بقدر عظمة اليمن، وأن يتعاملوا بندّية كدولة.. وأن يدرسوا بجدية كل الخيارات وأن يضعوا شركاءنا في التحالف أمام خيارات واضحة ولهم الخيار .. بين أن يستمروا في دعم المليشيات المسلحة ضد الشرعية ، أو دعم الشرعية وإنهاء كل أشكال المليشيات بما يضمن بسط الدولة سيطرتها على كل أراضي اليمن ، وبصورة أكثر وضوحية، على الشرعية أن تكاشف الأشقاء, أنتم مع دعم الشرعية كما أعلنتم ورحبنا بكم، أم أنكم مع دعم المليشيات؟ ولكل حادث حديث..
أما أن يبقى الموت البطيء يغزو الشعب من كل مكان واتجاه بسبب هذا الوضع الضبابي، فأنتم يا أصحاب الفخامة والمعالي وسادة مجلس النواب وقادة الأحزاب تتحملون مسؤوليته ونتائجه امام الله أولاً والتاريخ والشعب ثانياً ،فلولا ارتعاش أياديكم ما تجرأت الإمارات علينا وعلى العبث ببلادنا..
ولولا تخاذلكم في دعم الجيش بالسلاح الثقيل والنوعي وصرف مرتباتة وتعزير دور قيادة وزارة الدفاع وهيئة الأركان للمعركة وإبقاء دور التحالف داعم للجيش وشريك في إدارة المعركة ما توقفت المعارك على أطراف صنعاء حين تركتم الأمر كله للتحالف.. ولولا ترددكم في وقف عبث الإمارات في الجنوب ما كان هناك انقلاباً ثانياً وثالثاً في عدن .
واليوم بات الأمر واضحاً للجميع كوضوح الشمس في كبد السماء ، أن التحالف لايريد لليمن أن تعود كدولة متماسكة موحدة الجغرافيا والجيش بل يريد لها أن تبقى دولة ضعيفة هشة تحاصرها الملشيات من كل مكان..
وإذا كانت تلك أهداف التحالف التي ينفذها على الواقع وغير المعلنة فماذا أنتم فاعلون يا قادة اليمن الكبير؟! يمن التاريخ والعزة والشموخ..
الناس تعيش واقعاً محبطاً من هذا الضياع الذي تسيرون بِنَا إليه, نحو ضياع لكل شيء ، ضياع الدولة ووحدة البلاد وتعزير المناطقية ، لصالح سلطة المليشيات الإنقلابية شمالا وجنوباً ..
ما يحدث في أبين حالة من القهر هي الأخرى، تضاف إلى إحباطات ضياع ست سنوات من الحرب كان يمكن حسمها في شهور، هانحن اليوم نجد أن معركة أبين التي يفترض أن يحسمها الجيش في أيام أو بالمبالغ أسابيع تأخذ مسار مثيلاتها من الجبهات في نهم والضالع وتعز والساحل الغربي، والسبب هو ذات السبب لوقف حسم معارك الجبهات الأخرى ، التحالف أو بالأخص الأشقاء يرفعون في وجه السلطة الشرعية (الفيتو) لعدم حسم معركة تمرد ميليشيات الإمارات ..
ينتزع التحالف من الشرعية سلطاتها بصورة أشبه بجزار يسلخ جلد نعجة دون حتى أن يسمح لها بالصراخ , فلا هو الذي ذبحها فيريحها من جور الألم والعذاب ، ولا هو الذي تركها تتدبر أمر نفسها..
هل رأيتم دولة يتم انتزاع سلطاتها دون أن تقاوم أو ترفض أو تصرخ؟.. لن تجدوا ذلك إلا في اليمن ، فقد تحولت قرارات التحالف إلى نصوص مقدسة لا تملك قيادة الدولة الشرعية مناقشتها..
ثمة شيء غامض ومريب يحدث في الرياض لن يعصف باليمن وحدها بل سيعصف بشبه الجزيرة العربية..
والآن وفي هكذا وضع كارثي تعيشه اليمن شعباً وإنساناً وجغرافياً يشهد الاقتصاد انهياراً متتالياً للعملة المحلية..
والعجيب الغريب أن تقف دولة الإمارات الحليف الثاني في التحالف من خلال سطوتها على العاصمة عدن والموانئ والمطارات ومنع الدولة بانقلاباتها في عدن من العودة إلى أرض الوطن ، لتأتي مؤخراً حاملة حقداً يتماثل مع حقد إيران المجوسية ضد اليمن حين تدفع عملاءها نحو شراء العملة الصعبة وسحبها من السوق مما يتسبب بانهيار العملة والاقتصاد, وليتها وقفت عند ذلك بل أذنت لمرتزقتها في عدن بسرقة ثمانين مليار ريال يمني من أموال البنك المركزي ، وتمثل خطورة هذه الخطوة أنها ستؤدي إلى انهيارات غير مسبوقة للريال اليمني في حال تم تسريب تلك الأموال للسوق وإغراقه بهذا المبلغ الكبير ..
ووفقاً لكل ذلك نجد أن دولة الإمارات تدفع بكل ثقلها لتدمير الدولة اليمنية لصالح ميلشياتها المسلحة، وهكذا أفعال هي في الواقع الملموس حرباً تشنها هذة الدويلة ضد الدولة اليمنية وتحت مظلة التحالف التي تقودة الشقيقة الرياض .
وفِي المقابل نجد عجزاً لدى الرئاسة والحكومة والبرلمان والقوى السياسية الحية عن فعل أي شيء، سوى طرق أبواب سعادة الأمراء والسفراء ، ليعودوا بوعود كسابقاتها لن يتم الإيفاء بها، وخاصة وعود منح البنك المركزي وديعة جديدة توقف حالة التدهور الجاري للعملة الذي يتسبب بحدوثه الشريك الثاني للشقيقة في التحالف ..
حتى هذا التذلل المؤلم لكل يمني للأسف لايقابله الأشقاء بما يمكن أن يحفظ لليمن عملتها وقيمتها وكيانها وجغرافيتها ووحدتها ووحدة جيشها أو حتى بما يحفظ للرئاسة والحكومة والبرلمان التي سلمت للشقيقة كل شيء ماء وجهها..
ندرك أن ما نمر به أشد وأصعب مرحلة على مر تاريخ اليمن الحديث, والتي تشبه في كثير من تفاصيلها وأحداثها تفاصيل تدخل الجيش المصري لدعم الثورة السبتمبرية العظيمة لتحقيق أهدافها وتأمينها من أية مخاطر داخلية أو خارجية، ولكن سرعان ما تدخل الجيش المصري في كل تفاصيل إدارة الدولة،لكن ذلك التدخل قابله الأحرار الثوار السبتمبريون بالرفض والمعارضة من داخل الثورة دون أن يفرطوا بالحليف المصري..
قال القاضي الإرياني في مذكراته: عندما قررنا الاستقالة من الحكومة (حكومة العمري) وكان بسبب انحراف الحليف (الجمهورية العربية المتحدة وحكومة السلال والعمري) عن تنفيذ ما أجمعنا عليه وعن تنفيذ أهداف الثورة الستة، كنا ندرك أن رفضنا ذلك لايمكن أن يشمله مطالبتنا بخروج الجيش المصري ، كوننا ندرك ان انسحاب الجيش المصري يعني تهديدً للثورة وقد يكون نهاية الثورة.. لكن كان لابد أن نعيد ذلك التدخل إلى مساراته الصحيحة لتحقيق الأهداف الستة للثورة .. وأضاف: لقد قال لنا المشير عبدالحكيم عامر وانور السادات .. لم نأتِ بالجيش لكي نحمي الفاسدين بل جئنا به لحماية الثورة وتحقيق أهدافها وإنهاء التمردات التي تهدد الثورة اليمنية).
كلام المشير عبدالحكيم عامر وأنور السادات، يكرره اليوم قيادات المملكة العربية السعودية ، غير أن الفارق أن عبدالحكيم عامر وأنور السادات وجمال عبدالناصر نفسه، وجدوا أمامهم معارضة شرسة من قادة ثورة 26 سبتمبر ترفض أي انحراف في مسيرة تحقيق أهداف ثورة ..
كم نحن اليوم بحاجة لشخصيات تشبه القاضي الإرياني والزبيري والنعمان والشيخ عبدالله بن حسين الأحمر وصبره والفسيل والشيخ سنان والشيخ محمد علي عثمان والشيخ مجاهد، هل يعقل أن اليمن أصبحت عقيمة ولَم تلد مثل أولئك الأحرار!!..
إن اليمن الآن في أمسّ الحاجة والحاجة الشديدة لأصوات معارضة وصادقة وناصحة تدفع إلى إعادة إصلاح وترتيب هذه الفوضى الذي تسبب بها التحالف وحساباته الخارجة عن أهداف تواجده في اليمن وكذلك الناتجة عن سوء الإدارة للدولة (رئاسة وحكومة وبرلمان)، تلك مهمة وطنية يتحمل مسؤوليتها من في داخله ضميراً صادقاً ولديه إرادة التغلب على مصالح الذات وتقديم مصلحة اليمن واليمن وحدها..
وختاماً.. أقولها للتاريخ, ما يتم من عبث باليمن دولةً ومجتمعاً وجغرافيا تتحمل مسؤوليته الرئاسة والبرلمان والحكومة والقوى السياسية قبل غيرها .
ولله الأمر من قبل ومن بعد,, والعاقبة للمتقين..