أيتام صالح
الجمعة, 27 نوفمبر, 2020 - 10:49 مساءً

كارثة ما آلت إليه أوضاع البلاد، يجب أن لا تعمي بصائركم عن المتسبب الرئيس في هذه المأساة.
 
يود المرء، أحيانا، أن يشاطر أيتام صالح بعض الحُزن الزائف حول الكارثة الماثلة في البلد، لكن، وفق مفهومنا لتطورات الأحداث، وليس وفق تصوّرهم العالق عند ثورة 11 فبراير.
 
مايزال أيتام صالح عالقين حول مجاورة شباب عُزل لخيمة الحوثيين في "ساحة التغيير"، أو عند تصريحات انتقائية لم تثمر واقعا كارثيا كخيانة الجمهورية، وتسليمها إلى مليشيا الحوثي.
 
ثمة محاكمات ساذجة على أحلام التحرر والديمقراطية والحياة الكريمة، بل حالات استغفال فاضحة لعقود من الحُكم الديكتاتوري وترسانة سلاح ومعسكرات جرى تسليمها، جهارا نهارا، إلى المليشيا.
 
صالح هو من بعث الحوثيين من مراقدهم في كهوف صعدة، لا شك في ذلك.
 
أراد الرّقص على رؤوسهم كبقية الثعابين، لكنّهم رقصوا على جثته في مشهد تاريخي نادر ونهاية شديدة البُؤس.
 
تحالف معهم بشكل مُعلن، كما كشفت مُراسلات وتسجيلات صوتية كواليس المؤامرة الفاضحة. 
 
أما الثورات العربية فهي، كما قال أحدهم، تشبه "ثمرة ناضجة سقطت بشكل طبيعي، فسقطت معها بقية الثمار".
 
إنها ثورات عفوية ومُلهمة، بسبب سنوات من القمع والفساد وانتهاك الكرامة الإنسانية.
 
علينا أن نتذكّر جيدا أنه، خلال العام 2011، خرجت مظاهرات في: إيطاليا، وأسبانيا، وأمريكا، واليونان، واسرائيل، مستلهمة أحداث "الربيع العربي".
 
صرخت إحدى المتظاهرات أمام أجهزة وسائل الإعلام "لسنا أقل شأنا من العرب". لسنا بحاجة إلى تشفيكم ونصائحكم. ندرك المآل الكارثي الذي آلت اليه الثورات الآن.
 
لكن -للأسف- لا يوجد نموذج جيّد للتشفي. فاشية الحوثي طالت الجميع، على كل المستويات.
 
على سبيل المثال، إجراءات القمع والقتل والتعذيب، التي تطال أفراد وأعضاء حزب "الإصلاح"، ليست أسوأ من انهيار حزب ظل لعقود متصدرا المشهد، حتى بدا لكأنه نموذجٌ لنهاية التاريخ اليمني.
 
التنظيم، الذي كان يُوصف بالوسطية والاعتدال والبراغماتية السياسية -وصفها صالح يوما متأففا من مطالب أعضائه، قائلا "أنتم حزب 'هب لي زد لي'"- أضحى الآن موزّعا بين صنعاء ودُبي والقاهرة والرياض.
 
لا يوجد  شيء بدون ثمن. هذا ما يدركه شباب الساحات جيّدا. إلا أن الثمن الذي قبضه صالح وأنصاره مختلف تماما، بل مخيف جدا في نتائجه.
 
العار الذي خلفته خيانة الجمهورية يحتاج إلى سنوات للتطهّر من دنس المؤامرة على الجمهورية، عوضا عن الاستمرار فيها.
 
بإمكانكم الآن أن تذهبوا حتى إلى الشيطان نفسه لعقد صفقة تحالف معه وستجدون أنه أقل سوءا من نتائج مؤامرتكم على الجمهورية.
 
الحقيقة أن حالات اليُتم التي تعبّرون عنها عجيبة جدا، هي مزيج من التباكي على مرحلة ليست خالية من الرذائل والتشفّي بنتائج خراب عمّت الجميع.

*نقلا عن حائط الكاتب في فيسبوك

التعليقات