حكومة بلا أنياب!
السبت, 02 يناير, 2021 - 07:14 مساءً

تبدو الحكومة اليمنية المشكّلة مؤخرا، برئاسة معين عبد الملك، من أغرب الحكومات في العالم، ليس بسبب توليفتها العجيبة، والتي جمعت أطرافا مشتتة ومتباينة، وإنما بسبب السياقات العامة التي جرى تشكيلها بهندسة سعودية صرفة.

كان الاستقبال الدّموي في مطار عدن مؤشرا آخر على المصير الذي ينتظرها داخل المدينة، وباقي المناطق المحررة.
 
رغم أن المؤشرات تذهب إلى أن مليشيا الحوثي هي المسؤولة عن الهجوم، فقد دلّ ذلك على جملة من التحدّيات التي تنتظر عمل الحكومة في المرحلة المقبلة.
 
من الواضح جدا أن اتفاق الرياض وآلية تنفيذه قد منحا المجلس الانتقالي "المدعوم من الإمارات" غطاء سياسيا للمشاركة في الحكومة قبل تنفيذ الشق العسكري والأمني من الاتفاق.
 
حتى -افتراضا- بعد الانسحاب الكامل من أبين والخروج من عدن وتسليم الأسلحة الثقيلة للدولة وضم قوات المجلس إلى أجهزة الدولة العسكرية والأمنية، ثمة واقع مختل على الأرض: ما تزال المواقع الاستراتيجية والحيوية خارج السيطرة الفعلية للحكومة.
 
ندرك جيدا نتائج هذا الواقع بناءً على تجارب سابقة كانت فيها الآمال والعواطف تتغلب على المؤشرات والمُجريات على الأرض.
 
يمكن النّظر إلى التطبيع المتجذر، الذي مارسته مليشيا الحوثي في مناطق سيطرتها، رغم الدعوات الناعمة إلى ضرورة انسحابها من المدن الرئيسية وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة للدولة.
 
تبدو الآن مليشيا الحوثي بؤرة خراب متجذّرة في حياة اليمنيين المليئة بالأوجاع والحسرة، وفي حسابات اللاعبين الإقليميين والدوليين أيضا.
 
مثلما جرى التماهي مع سيطرتها على صنعاء وباقي المحافظات، تتردد مفردات الخطاب نفسها بشأن قوات المجلس الانتقالي.
 
كيف يمكن الاطمئنان بعودة حكومة منزوعة الصلاحيات، وبدون حتى أفراد حماية رئاسية، وأيضا اشتراطات انتقالية بعدم عودة وزير الدفاع وهيئة الأركان العامة.
 
هذا مؤشر واضح على الرمزية التي تريدها السعودية والإمارات.
 
من المؤكد أن حرية الحركة ستكون في صالح الوزراء والمسؤولين المحسوبين على المجلس الانتقالي، وبما يعزز الواقع المختل الذي تريده الدولتان.
 
 وسوف يتم تمكين أعضاء الانتقالي وعناصره من التغلل أكثر في أجهزة ومؤسسات الدولة المنهارة، مما سيفاقم، إلى درجة الاستحالة، محاولات إصلاح هذا الخلل في وقت لاحق.
 
في تقديري، أي محاولات جادة لاسترداد مقدرات الدولة الحيوية، وكذلك العمل الحكومي لمصلحة اليمنيين، ستواجه بكثير من العراقيل والعقبات المستحيلة، وقد تصل إلى درجة اغتيال بعض الوزراء والمسؤولين.
 
في ظروف الاستقرار النسبي للدولة، كانت آمال اليمنيين تتبخر من وراء تشكيل الحكومات، بسبب المماحكات بين السلطة والمعارضة.
 
لنا أن نتصوّر الآن توليفة الحكومة الحالية والوليدة من رحم التناحر، وفي ظل حالة شتات وتمزق واستقطابات وأجندات إقليمية ودولية متضاربة تشهدها البلاد.
 
وجراء هذا التيه، صدّرت لنا وسائل التواصل الاجتماعي كمية وافرة من الأمنيات الشعبية، إذ اعتبرتها "بارقة أمل" لتطبيع جزء يسير من الانهيارات المتلاحقة.
 
لكن تبدو التركة ثقيلة، والواقع الذي ساعدت السعودية على بقائه ما يزال قائما ومتجذرا بقوّة.
 
هذه ليست نظرة تشاؤمية، ولكنها قراءة لواقع مضطرب، أنتجته ماكنة الشر والعبث "السعودية- الإماراتية".
 
أرادت الدولتان أن تكون هناك حكومة بلا أنياب ومنزوعة الصلاحيات، والأخطر أن تكون أداة شرعنة جديدة لواقع يجري تجذيره في مناطق استراتيجية ونفطية بالغة الأهمية للبلاد.
 

التعليقات