السنباني جريمة لها عدة أطراف
الجمعة, 10 سبتمبر, 2021 - 02:52 مساءً

حين يفلت المجرم من العقاب تتحول الجريمة لسلوك يومي يسهل ارتكابها، فتتكرر مرارا، ويرتفع رقم الضحايا.
 
عدة مارة ومسافرون تعرضوا للاختطاف والتنكيل لمجرد عبورهم من عدن ولحج خلال السنوات الماضية.
 
لم يتعرض الجناة لأي عقاب منذ الجريمة الأولى، بل ارتفعت وتيرة الاستهداف للأبرياء بمبررات مناطقية بغيضة، وبفعل الضخ الإعلامي المزور للحقائق، والتساهل، بل وربما الرعاية من تحالف السعودية والإمارات المشرفتان على الوضع في عدن.
 
لم يحدث هذا النفخ في النفس المناطقي الذي تشهده عدن والمدن المجاورة لها إلا في عهد الاحتلال البريطاني الذي شجع التطرف ضد اليمنيين القادمين من الشمال إلى عدن، وضد العرب القاطنين في عدن أيضا، وفي المقابل قدم الامتيازات لعملائه الأجانب الذين استقدمهم من الهند وبقية مستعمراته، بما في ذلك حق الاقتراع والترشح.
 
جرائم تاريخية تتكرر مجددا، وتجد لها مؤيدين ومنفذين في عهد الاحتلال الجديد للسعودية والإمارات، واللتان حولتا عدن وباقي الجنوب إلى ملعب وساحة للمليشيا الممولة منهما، لتفعل ما تشاء.
 
اليوم جريمة مقتل الشاب عبدالملك السنباني، وبالأمس اختطاف وإخفاء الشيباني، وقبلهما الكثير من حالات الاختطاف والإخفاء والتعذيب التي تمارس أمام أعين التحالف وتحت مسؤوليته، ونظره وسمعه.
 
هل جرى تقديم أحد للمحاكمة؟ هل جرى محاسبة أحد من المتورطين؟ بالتأكيد لا، بل يجري تنميق المبررات، وتقديمها بشكل أهوج، وبطريقة فجة للمغالطة التي تستهين بالدم والنفس، ولا تضع أدنى اعتبار للإنسان.
 
جريمة القتل اليوم جرت كنتاج لحملات التحريض ضد كل يمني يعبر من عدن وغيرها، من قبل وسائل إعلام وصحفيين ورجال دين، ولعل الجميع يتذكر فتاوى هاني بن بريك، وتحريضه المستمر على استهداف الأبرياء، وتشجيعه للعنف والتطرف ضد المعارضين والخصوم.
 
وهذا التحريض أوجد مثل هذه البيئة الملغومة التواقة للقتل والدم، فمارست جرائمها بكل برودة، غير عابئة بقانون ولا محاكمة، ولا حتى شعور بالخزي وتأنيب الضمير.
 
مثل هذه الجريمة لها العديد من التداعيات، وتعمق الحقد والكراهية بين أبناء الشعب الواحد، وتجر إلى جرائم أخرى مماثلة، والسكوت عليها أيضا يشجع القتلة والمأجورين واللصوص لارتكابها مجددا.
 
السؤال الآن كيف يمكن محاسبة هؤلاء الجناة، وهم أصلا مجرد مليشيا لا ترتبط باي جهة قانونية، ولا تتبع أي حكومة، وكرت ميلادها هو أنها ممولة من السعودية والإمارات، ووجدت من الدولتين الحظوة والرعاية، كما أسلفنا.
 
ندرك أن الأغلب في الجنوب ينبذون هذه الجريمة ويستنكرونها، ولا تعبر أو تعكس طباع الجنوبيين في كل محافظاتهم، ولكنهم اليوم أمام موقف حقيقي للتبرؤ من هؤلاء القتلة، وتعزيز المطالبة بالقبض عليهم، وتقديمهم للمحاكمة، وإنزال العقاب القانوني والرباني بحقهم، وبمثل هذا المصير سيرتدع هؤلاء.
 
أما أن تمر الجناية بلا عقاب، فلا يعني إلا استمرار الجريمة، وتوسع رقعتها، ونقول لأصدقائنا في الجنوب: يكفي، أرهقتمونا مظلومين وظالمين.
 

التعليقات