هل اقترب خيار الحسم العسكري؟
الاربعاء, 25 مايو, 2016 - 04:39 مساءً


يبدو أن هناك توجها حقيقيا من قبل السعودية التي تقود التحالف العربي لحسم الأمر عسكريا في اليمن، خاصة مع رفع الوفد الحكومي المشارك في الكويت لسقف مطالبه مؤخرا، بعد حديثه عن معرقلي العملية السياسية في البلاد والذين شملتهم القرارات الدولية، وبعد مضي أكثر من شهر على بدء المشاورات التي لم تفضِ إلى شيء.

الترتيبات الجارية على الأرض، أرعبت الانقلابيين، وقد بدا ذلك جليا في البيان الصادر عن رئيس المجلس السياسي للمليشيا صالح الصماد، الذي شجب وبقوة تلك الترتيبات، خاصة مع حديثه عن التحشيدات العسكرية التي وصفها بالهائلة والقادمة من السعودية إلى عدة جبهات منها البيضاء ومأرب.

ومن غير المستبعد أن ينطلق الحسم من مدينة البيضاء، التي ستستخدم للضغط على صنعاء، ويؤكد ذلك قرار وزارة الخزانة الأمريكية الذي طال محافظ البيضاء نايف القيسي، بعد إضافته إلى قائمة ممولي الإرهاب، أو من نهم الواقعة على تخوم صنعاء، وتعد صنعاء المعركة غير السهلة، والتي يتجنبها الجميع، لكن بإسقاطها سيقسط مشروع الانقلاب وتحديدا المخلوع صالح، الذي تعد صنعاء رمزية له أكثر من الحوثيين، ولا تستبعد تعز خاصة مع حديث رئيس الوزراء أحمد بن دغر عن تغييرات كبيرة ستشهدها الساحة في المدينة، كما أن تعز تمثل نواة مشروع الدولة المدنية، وقد أذاقها الانقلابيون أشد الويلات طوال فترة الحرب.

وتزامنت تلك التحركات مع الكشف عن التزام التحالف بإنشاء ثلاثة ألوية عسكرية ستتركز في باب المندب والعند وأبين، كون دعم استقرار الجنوب المحرر سيساهم في نجاح الحسم العسكري.

يحاول الانقلابيون في هذه المرحلة تجاوز خلافاتهم، التي تزايدت كثيرا وتنذر بتفكك ذلك التحالف، والتستر على تلك الخلافات، حتى أن المخلوع صالح دعا لتجاوزها، وكذلك الصماد الذي قال أن تلك الخلافات لا تمثل القيادات السياسية للمكونيين الحوثي وحزب المؤتمر، ومع استمرار تلك الخلافات سيؤثر ذلك بشكل مباشر على أتباعهم، وهم لا يريدون ذلك خاصة في هذا التوقيت الذي اقترب فيه خيار الحسم العسكري أكثر من أي وقت مضى.

كما هو معلوم فإن الحسم العسكري قد لا يشمل كل المدن، سيكون كورقة للضغط حتى يخضع الانقلابيون لشروط الوفد الحكومي، فالحرب هي لأجل التوصل في نهاية المطاف إلى حل سياسي، لكن دون الالتفاف على قرار 2216 و 2140، حفاظا على استقرار اليمن بشكل دائم.

إذا ما تحدثنا عن قدرة التحالف العربي والمقاومة الشعبية على الحسم، فلديهم القدرة على ذلك، على الرغم من أن المنطقة العربية غير مستقرة، واستقرارها كان سيؤثر كثيرا بشكل إيجابي، كذلك فإن السعودية باتت تمتلك ترسانة أسلحة نوعية، وعملت على تشكيل تحالفات عدة، كما أن طرف الانقلابيين ضعف طوال فترة الحرب، خاصة مع استمرار منع تهريب الأسلحة لهم، وقد خاضت السعودية حربا مصيرية، وبعد رفعها العصا في وجه الانقلابيين، لا خيار آخر إلا أن تحسم الأمر وبجرأة، والتأخير ليس في صالح اليمن والمنطقة، وعلى الرغم من الضغوط والابتزاز الذي تتعرض له السعودية لتأخير الحسم، إلا أن ذلك لا يجعلنا نغفل عن حجم المصالح- الاقتصادية تحديدا- بين السعودية والدول التي تضغط باتجاه دعم الانقلابيين، وهو ما لا يمكن تجاوزه.

وتكمن أهمية الحسم العسكري في مواجهة المخطط الغربي الإيراني القائم  على إشعال فتيل الصراعات في المنطقة، ومواجهة التمدد الإيراني الذي يتم التحضير لأن تبتلع ناره العديد من الدول، بالإضافة إلى حماية اليمن من ذلك الخطر الذي جاء به الانقلابيون، وأشعلت من خلاله الحرب في أغلب المدن اليمينة، ويتطلب نجاح الحسم دعم ومساندة شعبية لاستقرار اليمن، والتخلص من كابوس الحرب، وقد عاش الشعب وشاهد حجم التخريب الذي طال كل البلاد بسبب الانقلابيين، وقد تجرع الشعب مرارة تلك التصرفات غير الوطنية والتي أفضت أخيرا إلى الانهيار الاقتصادي للبلد، والذي يهدد بوضع إنساني سيطال الملايين من المدنيين.

أخيرا لا يجب أن لا نغفل إمكانية تسليم الانقلابيين للمناطق الخاضعة لسيطرتهم للتحالف والحكومة، ليحافظوا على بقائهم، فالزيزدية تحرص على استنزاف خصومها، ويجدر الإشارة إلى إمكانية استخدام ورقة الإرهاب لإفشال الحسم العسكري، في حال لم يكن هناك رضا عن توجه التحالف العربي.

 

التعليقات