علي أحمد العمراني

علي أحمد العمراني

برلماني يمني، وزير الإعلام السابق، والسفير السابق لليمن لدى الأردن.

كل الكتابات
ثمانية ومشروع فوضى!
الجمعة, 14 مارس, 2025 - 11:32 مساءً

عادةً، السياسي ليس زاهداً في المناصب المرموقة، ومن الطبيعي أن يتطلع إليها، لكن هناك من يحجم عنها إذا شعر أنها ستخصم من رصيده المعنوي وسمعته، إن كان هناك رصيد معنوي جيد وسمعة طيبة بطبيعة الحال!
 
وهناك من يندفع إليها ويسعى في كل الأحوال والظروف حتى أن أحدهم أجاب على من سأله لماذا تقبل المنصب في هذا الظرف فقال: من أجل أضيف ذلك إلى السيرة الذاتية!
 
لا أظن بن مبارك كان يشعر أنه سيحقق أي نجاح يتعلق بحياة الناس وأمنهم ومعيشتهم وتطلعاتهم، لكنه قبَل المنصب، أو بالأحرى سعى إليه مع  أنه يدرك أنه لن يقدم شيئاً معتبراً في ظروفنا الراهنة، وينطبق الحال على من سيأتي بعده، إن لم تتغير الظروف على نحو جذري، وخاصة ما يرتبط بتبني ودعم مشروع الانفصال؛ وهو المعيق لكل شيء؛ من تحرير صنعاء، حتى لقمة عيش المواطن اليمني وأمنه وكرامته.
 
المتسابقون على مثل هذه المناصب في ظروف بلادنا الراهنة، يدركون كم هي المعيقات لتحقيق أي شيء يشرفهم ويجعل للمنصب معنى، ويفيد الناس.
 
كان التعثر والصعوبات متعددة وكثيرة حتى بوجود رئيس واحد أثناء تعقيدات الحرب وترويج مشروع الإنفصال وتغليبه ودعمه، وإعاقة عدن أن تكون عاصمة طبيعية ومنطلق لتحرير صنعاء، أما مع ثمانية، متشاكسون في الغالب، فما أصعب العمل والنجاح حتى لو كان الوضع طبيعياً، دون حرب، ودون مشاريع تجزئة.
 
ونعرف أن بعض الثمانية ليس سيئاً في نواياه، لكن ذلك البعض لا يستطيع حتى إنجاز القليل من أجل اليمن.
 
وتكمن العلة في تبني المشروع الإنفصالي؛ والرغبة في تجزئة اليمن وتقسيمه، وهذا مشروع فوضى خطير ومدمر، وقد اتخذ المجلس الرئاسي قرارات، وتبنى مواقف تصب في خدمة مشروع الإنفصال؛ وضد وحدة البلاد، وكأن هناك من فهم أن هذه هي مهمته التي جيء به من أجلها، والتي سترضي عنه الممولين الداعمين.
 
ومع ذلك؛ فهاهم الذين خدموا مشروع الإنفصال من غير الانفصاليين التقليديين، وروجوا له أو تغاضوا عنه، ابتداءً من رئيس مجلس الرئاسة، ورئيس مجلس الوزراء، لا يجدون لهم موطئ قدم محترم في عدن!
 
يبدو موقف المملكة تجاه وحدة السودان حازماً وصارماً ومشرفاً، ولو أوضحت السعودية موقفها من وحدة اليمن على غرار موقفها من وحدة السودان، لتغيرت أوضاع كثيرة.
 ليس هناك عالَمان أو شعبان أو عدة شعوب في اليمن تستدعي النظر في الفصل والتجزئة والتقسيم، وإنما هناك صراع على السلطة منذ 1994, ولا مانع من أن تسلم السلطة الآن لعيدروس أو آخر غيره صاحب كفاءة وقدرة، من الجنوب، ويعمل من أجل اليمن كلها. 
وحينذاك لن تكون صنعاء وصعدة بعيدتين. وما يجعلهما بعيدتين الآن ومنذ البداية، هو تبني مشروع الإنفصال وتغليبه ودعمه، وهو مشروع فوضى أكثر من أي شيء آخر.
وحصيلة ما حدث لحد الآن ومنذ اندلاع الحرب في 2015 هو البؤس والهوان والخراب والدمار والشتات لليمن واليمنيين، كيفما كانت نوايا الداعمين.   
وإذا كان ما يحدث في جانب الشرعية؛ بسبب خلاف السعودية والإمارات، في اليمن أو على اليمن أو بسبب اتفاقهما، فإن حصيلته كارثية على أربعين مليون عربي يمني.
وإذا كنا ما نزال نعاتب السعودية أو نلومها، فلأنها هي المسؤولة عن اليمن بحكم تداعيات الواقع المؤلم وما آلت إليه الأمور، وربما ما يزال هناك أمل، أما الإمارات، فيبدو أننا قد تجاوزنا معها مرحلة العتب واللوم والأمل، مع أن ثقتنا فيها كانت كبيرة. ولا مبرر لوقوفها ضد وحدة اليمن. وكان وما يزال، لا يليق بالبلد، الذي احترمه اليمنيون كثيراً، واحترموا قيادته، إلا أن يكون مع اليمن ووحدته وسلامة أراضيه، وإذا لم تنفع الإمارات اليمن فكان أولى أن لا تضرها.
 
ومن الطبيعي وأنت تعاتب أو تلوم جهات خارجية، وإن كانت عربية شقيقة، تجاه ما يحدث في بلدك، في ظل تفاقم الأوضاع إلى مستوى عجز ذاتي، أن تشعر بغصة وألم وحزن؛ لكن الواقع صار بائساً، هكذا، إلى هذا الحد. ولكن عسى أن يكون إلى حين.  وبالتأكيد لا بد أن يكون إلى حين، فهذا حال هذه الدنيا!
ولا يدوم على حالٍ لها شأن!
*من صفحة الكاتب على فيسبوك

التعليقات