علي أحمد العمراني

علي أحمد العمراني

برلماني يمني، وزير الإعلام السابق، والسفير السابق لليمن لدى الأردن.

كل الكتابات
إنفصاليون في صنعاء..
الاربعاء, 17 أغسطس, 2016 - 06:53 مساءً

لو قَدَّر علي عبد الله صالح أنه لن يكون الرئيس في 1990، لما دخل في مشروع الوحدة أصلا، وهو بعد ذلك لم يقبل أي شراكة حقيقية في أي ظرف بما في ذلك الشراكة مع قيادة الحزب الإشتراكي، شريكه في تحقيق وحدة اليمن .. كان إنهيار الإتحاد السوفييتي السند الرئيس للدولة في الجنوب، محركا ومحفزا للقيادة في الجنوب في الإندفاع تجاه وحدة إندماجية سريعة، تمت في مجملها لصالح سلطة صنعاء.. وأبرز ما حصلت عليه تلك السلطة ، هو الرئيس والعاصمة معا.. وتساءل مراقبون حينها، كيف لكل ذلك أن يكون ..؟ بعد زالزال غزو العراق للكويت عام 1990، وحدوث متغيرات إقليمية جراء ذلك، وتفاقم الخلاف بين شريكي الوحدة ، كانت قضية نقل العاصمة من القضايا التي ركز عليها السيد البيض كثيرا ، وتحدث مرة مقترحا تعز عاصمة ، وذكر جبلة أيضا.. وكثيرا ما حاول البيض التصرف كرئيس آخر، وكانت جاذبيته الشعبية أكثر من صالح، لتبنيه قضايا تهم الرأي العام.. كان الييض متحدثا لبقا ومؤثرا..وكثيرا ما عرَّض بصالح، وندد بسوء إدارته وفساده ، وتدنت شعبية صالح جراء ذلك إلى أدنى مستوى قبل 1994، مقابل تعاظم شعبية البيض الخطيب البليغ، ثم انهارت شعبية البيض بعد ما تبين أنه يجنح نحو الإنفصال.. ولو قُدَّر للبيض أن يكون محل صالح رئيساً، لربما تغيرت الأدوار والمواقف، واستمر البيض وحدويا، وربما أن صالح العشائري المتشبث بالسلطة إلى درجة الهوس، هو الذي سيكون الإنفصالي، ولن يعدم في سبيل ذلك الذرائع والمبررات .. أصل الصراع في اليمن، صراع على السلطة، 
وقد يتدثر بغطاء جهوي أو طائفي، لكن يبدو أن الصراع على السلطة مع صالح يقتضي دائماً ثمنا باهضا من مقدرات الوطن ومكتسباته ولحمته وحياة أبناءه ومعيشتهم ..وخلافا لكل الزعماء الذين سبقوه، لا يتصرف صالح بمسؤلية وطنية، وحِرصٍ على مقدرات البلد ولحمتها، وإن حاول إدعاء خلاف ذلك.. صراع صالح مع البيض على السلطة كلّف اليمن حرب 1994، ونتائجها الفادحة، وتشبث صالح بالسلطة منذ 2011 تسبب في كارثة وطنية، ونكبة تاريخية، لم تعرفها اليمن منذ قرون ..
الحوثي، حليف صالح الجديد وعدوه القديم ، كان يتذرع بحقوق المذهب الزيدي منذ بداية حروبه مع صالح ، ووصل عمران وهو يقول : هناك خمس محافظات زيدية لا يمكن إلغاؤها أو تهميشها، وهو يعلم أن كلامه غريب وعجيب وبعيد عن الحقيقة .. وعندما أحاط الحوثي بصنعاء بدأ يتبنى حقوق كافة الشعب اليمني الذي "ظلمته" حكومة الوفاق بزيادة أسعار المشتقات النفطية ..! أما الآن فالحوثي مع صالح الحليف والعدو في آن ، يتبنيان قضية صد العدوان .. مع أنهما من تسبب في كل بغي وعدوان.. ولم ينس صالح هذه المرة ، أن يقول : الصراع مع السعودية طائفي ، ويضيف أيضاً : نحن زيود..! ربما قالها ليرضي الحوثي، الذي صار يتحدث باسم "الشعب اليمني العزيز لكن لا هم له في الدين والدنيا سوى حق الولاية والإصطفاء والإحتكار.. في الجانب الآخر، لم يعد البيض، وهو نائب رئيس الدولة اليمنية السابق، وأمين الحزب الإشتراكي اليمني، يذكر شيئا أسمه اليمن، وصار مع الجفري من أنصار الجنوب العربي..! صالح والحوثي إنفصاليان مع سبق إصرار وتصميم جامح في الهيمنة والإستحواذ على كل شيء وبأي ثمن ، وإلغاء أي شكل للشراكة الوطنية الحقيقية، مع أهل الجنوب أو أهل الشمال، ويبدو أن ما يهم تحالف الإنقلاب هو السلطة وحدها ، ولو أقيمت على رقعة صغيرة من أشلاء الوطن العزيز الكبير.. قال صالح أمس أنه سيشكل حكومة مع "أنصار الله".. ولا شيء أكثر مدعاة للسخرية أكثر من ذكر "أنصار الله" على لسان علي عبد الله صالح، فما بالك بأن يشاركهم في تشكيل حكومة من أي نوع.. وأبسط وصف وتشخيص لمثل تلك الحكومة المزعومة أو أي سلطة إنقلابية أخرى، فضلا عن عدم المشروعية، هو أنها إنفصالية وجهوية وحتى طائفية ، ولو جيء لها بأعضاء ورئيس من الجنوب ، ما دام الهيمنة للسيد والزعيم.. اليمن الكبير يغيب تماما في حساب سلطة الإنقلاب، على نحو ما عبر الاستاذ خالد الرويشان.. ونعيش اليوم حقبة المشاريع الصغيرة بتنوعها وأشكالها، عيانا وبيانا، وهي مشاريع بائسة لن يكتب لها البقاء.. عندما كنا دولة بسيطة، عمليا ودستوريا، كان من الصعب تقبل كثيرين لدولة اتحادية، أما وقد مزق بلادنا الجشع والأنانية ، وفتكت بها الحرب، وتبعات الإجتياح والإنقلاب، وسيكون إعادة البناء من جديد ومن الصفر تقريبا، وما دون الصفر ، في مجالات عدة ، فلعل الدولة الإتحادية الحل المناسب، لتوزيع السلطة التي تؤجج الصراع في القمة، واعتاد البعض الإستحواذ عليها بأي ثمن، حتى لو كان الثمن، شرذمة اليمن وتقسيمها..
* من صفحة الكاتب في الفيس بك
 

التعليقات