قطب المفترى عليه..
الاربعاء, 31 أغسطس, 2016 - 06:56 مساءً

وما الاسلام إذا لم يكن يتمثل فكرة لا إله إلا الله قولا وعملا ومنهاجا شاملا للحياة !. من هذه الفكرة فقط ينطلق سيد قطب في تصوره لكلية الاسلام، حيث لا اله الا الله، وحيث كل استغلال للانسان من اخيه الانسان هو من الجاهلية وليس من الاسلام في شيء. قد تبدو فكرته يسارية إلا إنها ليست مادية و انما هي قيمية و اخلاقيه تتمثل روح الاسلام المفترى عليه هو الآخر، والذي تم حرفه من دين للانسان بغض النظر عن لونه وجنسه، من دين لبلال الحبشة وصهيب الروم وسلمان فارس وراعي اغنام قريش ابن مسعود، إلى دين يصنف الناس لسادة وعبيد، وخيار من خيار، وقريش وغير قريش. الجاهلية التي كان يقصدها قطب هي تغييب روح الاسلام هذه، في أمة غابت وحضر نيابة عنها الطاغية الفرد الذي منهجه "لا أريكم إلا ما أرى"، وفقهاء السلطان الذين يصوغون كل ذلك على أنه دين. الاسلام ليس مجرد عقائد وطقوس وشعائر، فهو بدون فكرته الرسالية التي حملها ابن البادية ربعي بن عامر إلى كسرى "تحرير الناس من عبادة العباد وتعبيدهم لرب العباد"، يفقد جوهره وجاذبيته، وحين لا يتمثل المسلمون هذه الفكرة كما تمثلها المسلمون الأوائل فهم كمن يخون عهد الله، ولا يحملون الاسلام بحقه و بما يتطلبه من جهد. لا يدعوا قطب إلى الثورجية وإلى الإرهاب لأجل فكرته، كما افتريى عليه، وإنما كان واعيا بإنها تتطلب إلى تدرج وسنن تماما كما حدث مع الرسول في البداية الأولى، وهذا الأمر واضح في كتابه الفلسفي هذا الدين، ما كان يهمه فقط هو تمثل الفكرة في زمن فقد فيه المسلمون الثقة في كل شيء بما في ذلك ثقتهم في رسالية دينهم وجوهره، فهو دين الأحرار لا العبيد في أوضح معنى للا إله إلا الله. ولأنها فكرة فمجالها المثال "الثابت"، لا التطبيق "المتغير" وقد دفع قطب روحه ثمنا لها كما ينبغي لأي فكرة عظيمة، ووحدهم السذج وسدنة الحكام من يتهمونه بتكفير المجتمع، فهو لم يكفرهم وكل الذي قاله لهم : للاسلام جوهر رسالي لا يكتمل إيماننا به إن لم نتمثله، لا نكون مسلمون حقا إن لم نكن أحرارا.. و هو يشبه كلام الرسول "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه" ، فإن كنت لا تحب أن تظلم وتقبله لغيرك فإيمانك غير كامل، وكذلك قوله لأحد الصحابة حين عير صحابيا آخر بأنه ابن السوداء، انك أمرء فيك جاهلية، فتلك الجاهلية لا غيرها من تكلم عنها قطب، وهي لمن يفهم العربية لا تعني الكفر بأي حال من الأحوال. لا يحب قطب إلا حر، و ان لم يتفق معه، ولا يكرهه إلا عبد أو جاهل به و بفكره وما أكثرهم، ما أنا واثق منه أن الزمن سينصفه، فكل الأفكار العظيمة تبدأ غريبة في العادة. 

* من صفحة الكاتب على فيس بك

التعليقات