[ عناصر حوثية في صنعاء ]
قال موقع ملخص السياسة الدولية " International policy digest" إن الاضطرابات في اليمن لا يمكن تحميلها مسؤولية اي طرف او فصيل بعينه بل هي نتاج تنافسات اقليمية طويلة الامد وتحالفات متغيرة وانقسامات داخلية متجذرة في تاريخ البلاد المعقد.
وأضاف الموقع في تحليل ترجم أبرز مضمونه إلى اللغة العربية "الموقع بوست" إن الصراع في اليمن صراع طويل ومعقد تغذيته الانقسامات التاريخية والتنافسات الإقليمية والمصالح الدولية، مما أدى إلى أزمة إنسانية مدمرة.
وأكد أن الصراع المنسي في اليمن هو تذكير مؤلم بالتحديات العميقة الجذور التي قد تنشأ عندما تتصادم المظالم المحلية والطموحات الاقليمية والمصالح الدولية مما يترك وراءه دمار لا يستطيع العالم ان يتجاهله.
وتابع أن "صراعات اليمن، التي تعد واحدة من أكثر صراعات القرن الحادي والعشرين قتامة ومأساوية، يتجاهلها الغرب إلى حد كبير، ففي دولة متجذرة في التاريخ، بدأ الصراع المستمر في اليمن يشتعل في عام 2004 عندما حاولت الحكومة اليمنية اعتقال حسين بدر الدين الحوثي، الذي قاد تمردا على الدولة وهو زعيم شيعي زيدي من شباب المؤمنين وعضو سابق في البرلمان".
وبحسب التحليل فقد أدت محاولة الاعتقال إلى اندلاع صراع مسلح مع جماعة الحوثي، مما أدى إلى مواجهة عنيفة. وقُتل الحوثي بعد تمرد طويل الأمد. وعلى الرغم من العفو المؤقت الذي أصدره الرئيس اليمني علي عبد الله صالح لأتباعه في عام 2005، استمرت الحكومة في اعتقال وإصدار أحكام على العديد من أتباع الحوثي، مما أدى إلى استمرار التوترات.
وأردف "وفي وقت لاحق، زعمت الحكومة اليمنية أن الحوثيين سعوا إلى الإطاحة بالنظام لفرض الشريعة الدينية الشيعية. ومع ذلك، صاغ الحوثيون أفعالهم على أنها دفاع عن النفس، وحماية مجتمعهم ضد التمييز والعدوان الحكومي. ومع تفاقم الصراع، أشارت السلطات اليمنية إلى إيران باعتبارها القوة الدافعة وراء الانتفاضة، زاعمة أن قيادة طهران ودعمها المالي للمتمردين.
وذكر أنه في أغسطس/آب 2009، أطلق الجيش اليمني عملية الأرض المحروقة ضد مقاتلي الحوثيين في محافظة صعدة، مما أدى إلى نزوح مئات الآلاف من المدنيين. وتوسع نطاق الصراع بسرعة عندما امتد القتال إلى الحدود السعودية، مما أدى إلى جر القوات السعودية إلى المعركة. وبحلول الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني، كان المتمردون الشماليون والقوات السعودية يشتبكون علناً.
وطبقا لموقع ملخص السياسة الدولية فإن المملكة العربية السعودية بدأت هجوماً ضد الحوثيين، حيث أكد زعماء الحوثيين أنه بحلول الرابع عشر من ديسمبر/كانون الأول، تدخلت الولايات المتحدة بـ 28 غارة جوية، مما يمثل تصعيداً دولياً كبيراً. وعلى الرغم من وقف إطلاق النار في فبراير/شباط 2010، سرعان ما استؤنفت أعمال العنف في العديد من المحافظات اليمنية، بما في ذلك صعدة، وحجة، وعمران، والجوف، وحتى امتدت إلى الأراضي السعودية.
يضيف "في عام 2015، سيطرت جماعة الحوثي على اليمن وحلت البرلمان، وهي لحظة حاسمة في تاريخ اليمن. ونسقت المملكة العربية السعودية ومصر أولى الهجمات العديدة ضد الحوثيين في مارس/آذار من ذلك العام، واستمر الصراع دون هوادة. ومع ذلك، فإن الاضطرابات في اليمن ليست مجرد ظاهرة حديثة؛ بل هي جزء من تاريخ أطول متشابك مع صراعات القوة الاستعمارية والتعقيدات الإقليمية".
ولفت إلى أن صراعات اليمن الحديثة متجذرة في تاريخها الاستعماري. في القرن التاسع عشر، تم تقسيم اليمن، واستولت بريطانيا على عدن في عام 1839.
ونوه إلى أن موقع عدن الاستراتيجي قدم لبريطانيا ثقلاً موازناً ضد العثمانيين الذين توسعوا في شبه الجزيرة العربية وموقع إمداد لطريق التجارة إلى الهند. ارتفعت قيمة عدن بشكل أكبر عندما تم افتتاح قناة السويس في عام 1869، التي تربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر. أصبحت عدن مستعمرة بريطانية، مرتبطة ارتباطًا وثيقًا ببريطانيا، في حين حكم الحكام المحليون المناطق الداخلية بموجب اتفاقيات الحماية البريطانية. توسعت منطقة الحماية البريطانية بمرور الوقت، لتشمل في النهاية ما سيصبح جنوب اليمن.
وأردف في شمال اليمن، قاوم الأئمة الزيديون باستمرار الحكم العثماني، وقادوا الانتفاضات في أعوام 1891-1892، و1898-1899، و1904-1907، و1910-1911. وأعلن اليمن رسميًا استقلاله عن الدولة العثمانية في عام 1918 تحت حكم الإمام يحيى محمد حميد الدين، الذي أعلن نفسه ملكًا على اليمن في عام 1926. واستمرت مملكته حتى عام 1962، متنقلاً بين تحالفات وتوترات إقليمية مختلفة. وعلى الرغم من الثورات الداخلية، احتفظت الملكية بالسيطرة حتى ثورة عام 1962 في شمال اليمن، والتي أدت إلى تأسيس الجمهورية العربية اليمنية بدعم مصري، بينما دعمت المملكة العربية السعودية الملكيين.
وفي الوقت نفسه، يقول التحليل إن جنوب اليمن خضع لعملية تحول. فقد وحد اتحاد الجنوب العربي، الذي تشكل في عام 1962، مستعمرة عدن البريطانية مع الدول المحمية، مما أدى إلى إنشاء اتحاد فيدرالي من 17 ولاية. وتكثفت الحركات المناهضة للاستعمار، وبلغت ذروتها بالانسحاب البريطاني في عام 1967. مهد هذا الطريق لجمهورية اليمن الشعبية، التي أصبحت فيما بعد جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ذات التوجه الماركسي في عام 1970.
وقال "نفذ جنوب اليمن تغييرات اجتماعية جذرية، حيث قدم قوانين الأسرة التقدمية وعزز حقوق المرأة، لكن الصراع الحزبي الداخلي أدى إلى صراع أهلي في عام 1986. وفي الوقت نفسه، صمد شمال اليمن في وجه محاولات الاغتيال والاضطرابات القبلية، مع ظهور الرئيس علي عبد الله صالح في عام 1978 كشخصية مستقرة".
بحلول عام 1990، يشير إلى أن شمال وجنوب اليمن اتحدا تحت قيادة صالح، مدفوعًا جزئيًا بالرغبة في الاستفادة من موارد النفط الحدودية. ومع ذلك، أثبت توحيد اليمن أنه أمر صعب. واستمرت الأزمات الاقتصادية، وتفاقمت بسبب رفض اليمن الانضمام إلى تحالف حرب الخليج، الأمر الذي أدى إلى طرد 850 ألف عامل يمني من دول الخليج. واندلعت التوترات إلى حرب أهلية مرة أخرى في عام 1994، مع انفصال الجنوب لفترة وجيزة تحت اسم جمهورية اليمن الديمقراطية قبل أن تستعيد القوات من الشمال السيطرة.
وقال "في السنوات التالية، أصبح اليمن ملاذاً لما سماها الشبكات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى السيطرة المركزية المحدودة والاستقلال القبلي. وكانت عمليات الاختطاف والنشاط المتمرد متكررة، وبحلول عام 2009، واجهت حكومة اليمن تهديدات متزايدة من جانب كل من تنظيم القاعدة وحركة الحوثي الناشئة. ووجدت هذه الحركة، التي ترسخت جذورها في المجتمعات الزيدية الشيعية المهمشة في الشمال، الدعم في إيران وسرعان ما تعززت. ومع اكتساب الحوثيين الزخم، أطلقت المملكة العربية السعودية حملتها العسكرية ضدهم، مما أشار إلى بداية صراع طويل ومتعدد الأوجه.
وأكد أيضا أن الصراع في اليمن أدى إلى انزلاق البلاد الى واحدة من اخطر الازمات الانسانية في العالم حيث يواجه الملايين المجاعة والنزوح والوصول المحدود الى الرعاية الصحية وهذا الوضع المأساوي والذي يتجاهله الغرب الى حد كبير يعكس الحقائق المعقدة والتي غالبا ما لا يتم الابلاغ عنها عن الصراع المستمر في اليمن.