بروكينغز: السعودية والإمارات لديهما إستراتيجية كارثية باليمن (ترجمة خاصة)
- ترجمة خاصة الثلاثاء, 17 يوليو, 2018 - 08:01 مساءً
بروكينغز: السعودية والإمارات لديهما إستراتيجية كارثية باليمن (ترجمة خاصة)

[ محمد بن سلمان ومحمد بن زايد وليي عهد السعودية والإمارات ]

قال الباحث دانيال بايمان في مقال نشره بمعهد “بروكينغز″ إن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لديهما إستراتيجية كارثية في اليمن.
 
واضاف بايمان في المقال الذي نشره بموقع المعهد، ترجمه "الموقع بوست" إن تدخُّل السعودية ودولة الإمارات المتعمق في اليمن هو بمثابة انتصار الأمل على الخبرة.
 
وبحسب التقرير "بدأت حملة السعودية الأخيرة في اليمن في عام 2015 للإطاحة بالمتمردين الحوثيين الذين كانوا منتصرين آنذاك، والذين اعتبرهم القادة السعوديون أنهم مقربون جداً من إيران، وبدلاً من ثني رفاقهم الجيدين في الرياض عن هذا المسار الخطير، فإن الإمارات أيضاً انغمست في هذا المستنقع، على أمل أن يصدوا إيران، على عكس مصر، حيث ساعد الاثنان في إحداث نقلة وضعت الرئيس عبد الفتاح السيسي في السلطة، وكانت النتيجة كارثية.
 
وأشار التقرير إلى أنه يوماً بعد يوم تزداد الحالة الإنسانية سوءاً في اليمن، وهذا لا يقلق اليمنيين فقط، -حسب التقرير- ولكن أيضاً يقلق الإمارات والمملكة العربية السعودية، بسبب زيادة النفوذ الإيراني.
 
وتطرق بيمان إلى تدخلات السعودية في اليمن منذ عقود عديدة، وقال في تقريره إن "الرياض تدخلت بشكل دوري في اليمن منذ بداية الدولة السعودية الحديثة، لقرون عديدة، سيطرت الإمامة الزيدية اليمنية على جزء من الأراضي يعرف الآن بإقليم عسير في المملكة العربية السعودية، وخاضت الدولتان حرباً حدودية في عام 1934، لافتا إلى أن الزيديين شيعة، وأحفاد قادتهم يشكلون جوهر الحوثي اليوم، استمرت الاشتباكات الحدودية في أواخر التسعينيات، ولم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي يحدد الحدود إلا في عام 2000.
 
إلى جانب الخلافات الإقليمية، قال التقرير إن السعودية خشيت من وصول الفصيل الخاطئ إلى السلطة في صنعاء، في عام 1962، عندما دخل اليمن في حرب أهلية بين الإمامة والفصائل القومية العربية من الجيش اليمني، تدخّل السعوديون بالإضافة إلى إيران والأردن نيابة عن الإمامة، بينما تدخلت مصر لدعم القوميين العرب، معتمدين على الدعم السوفييتي. أدى التدخل إلى تأجيج الحرب لكنه ترك القوى الخارجية منهكة. في عام 1970، وضع اتفاق تفاوضي مفاده أن القوميين العرب في موقع المسؤولية، لكن فصيل الإمامة حصل على عدة مناصب بارزة ونصيب من المحسوبية.
 
في عام 1990، اتحد الجنوب والشمال اليمني تحت قيادة رجل الشمال القوي على المدى الطويل، علي عبد الله صالح، الذي أثبت براعته في التهرب من أعدائه الكثيرين وتعزيز سلطته التي سماها "الرقص على رؤوس الثعابين". مع ذلك بقي اليمن ضعيفًا، لم يندمج الجنوب أبداً بشكل كامل، وكانت البلاد فقيرة للغاية، وفي استياء وغضب من علي صالح.
 
أوضح التقرير أنه خلال هذه السنوات، تدخلت السعودية من وقت لآخر، في محاولة لشراء قادة محليين، ووقف الإرهابيين المرتبطين بالقاعدة في شبه الجزيرة العربية، وإضعاف القوات الماركسية في الجنوب، وتقويض الحكومة في صنعاء عندما تعارضت رغبات الرياض، بالإضافة إلى انتشار نفوذها.
 
وحسب التقرير، بدت السياسة والقادة اليمنيون تحت سيطرة عائلة آل سعود. لتغيير البلد من القاع إلى القمة، شجعت الرياض على انتشار السلفية في اليمن، وتمويل المساجد والوعاظ، ومحاولة دفع تفسيرها المتشدد المعادي للشيعة، ومع ذلك، في حين أن المملكة في بعض الأحيان فازت بقائد معين أو قتلت إرهابياً، بقي معظم اليمنيين قوميين وارتابوا من الرياض، كانوا سعداء بأخذ المال السعودي، لكنهم غالباً لم يصلوا إلى تحقيق طموحات الرياض.
 
وذكر التقرير أن عدم الاستقرار اشتد في ما بعد عام 2000. مشيرا إلى أن الحوثيين الذين يقع مقرهم في منطقة صعدة  قد شكلت مشكلة معينة. وقال "لقد استاء الحوثيون من سوء معاملتهم من قبل صنعاء وفقدانهم رعاية الدولة، لسنوات عديدة، حاربوا لتلقي بعض غنائم الولاية بدلاً من الانفصال أو استبدال صالح، لكنهم أصبحوا أكثر راديكالية عندما أدركوا أن سنوات المفاوضات وثورة 2011 خلال الربيع العربي لن يعيدوا هيكلة السلطة في اليمن كما كانوا يأملون. إضافة إلى ذلك، أثارت رسالة السلفيين المريرة المعادية للشيعة غضب الحوثيين.
 
ولفت التقرير إلى أن الجولة الأخيرة من التدخل السعودي في اليمن بدأت عام 2015، حيث امتد الربيع العربي إلى اليمن في عام 2011، مما أجبر صالح على التنازل عن السلطة لصالح نائبه، عبد ربه منصور هادي، استمرار العنف من القاعدة في شبه الجزيرة العربية، والشعور الانفصالي، ومحاولة صالح لتقويض هادي واستعادة وضع عائلته، وانهيار الاقتصاد، وغيرها من الأمراض أبقى حكومة هادي ضعيفة رغم النوايا الدولية الحسنة.
 
وقال بيمان  إن "الحوثيين استفادوا من الفوضى وسيطروا على صنعاء وفي نهاية المطاف سيطروا على أجزاء كبيرة من اليمن في عامي 2014 و 2015، وهرب هادي أولاً إلى عدن في الجنوب ومن ثم إلى الرياض".
 
واضاف "صالح، المعروف أنه دائم الانتهازية، تحالف بالقوات العسكرية التي ما زالت موالية له مع الحوثيين، على الرغم من أنه حاربهم بشراسة عندما كان في السلطة، في ذلك الوقت، كان لدى الحوثيين صلات محدودة لكن حقيقية مع إيران، مما أثار قلق الرياض وأبو ظبي، اللتين رأتهما صعودًا ليس فقط في اليمن ولكن أيضًا في العراق ولبنان وسوريا. تمتد منطقة الحوثي الأساسية أيضًا إلى الحدود اليمنية مع المملكة العربية السعودية، والتي غالباً ما تفسرها كوجود إيراني على حدودها.
 
وتابع "تدخلت الرياض وأبوظبي لإعادة هادي إلى السلطة ، وأعلن المسؤولون السعوديون أن التدخل سوف ينتهي خلال أسابيع، وانضمت كل من البحرين ومصر والأردن والكويت والمغرب والسودان إلى هذا التدخل، افتتحت جيبوتي وإرتيريا والصومال مجالها الجوي ومرافقها للتحالف، كانت قطر أيضا عضواً رمزياً في التحالف حتى التوتر بين الدوحة والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية أدى إلى طردها".
 
بالإضافة إلى الدور العسكري السعودي والإماراتي - حسب التقرير - دفعت الإمارات مرتزقة كولومبيين، بينما قامت السعودية بتجنيد الآلاف من الجنود السودانيين، كما تدعي الأمم المتحدة أن إرتيريا نشرت قوات، وأن الإمارات تستخدم مطار أسمرة في بعض عملياتها، دعمت الولايات المتحدة بهدوء التدخلات بالذخيرة والتزود بالوقود.
 
وأردف "في البداية، بدا أن الحملة السعودية والإماراتية حققت تقدماً، حيث ساعدت القوات الموالية لهادي على دخول عدن ومن ثم الجزء الأكبر من جنوب اليمن. دعمت الرياض مجموعة من المليشيات القبلية والعسكرية التي عملت مع حزب الإصلاح، أهم الأحزاب الإسلامية السنية في اليمن، ومنبثقة عن جماعة الإخوان المسلمين. تكره الإمارات الإخوان وتدعم الانفصاليين الجنوبيين والسلفيين الذين لا يثقون في الإصلاح ويرون الحوثيين مرتدين".
 
يقول بيمان "لكن التقدم تباطأ ثم توقف إلى حد كبير، مع محاولات القوات السعودية والإماراتية التحرك في مناطق أقرب إلى قلب الحوثي، وأثبتت الآمال السعودية في تحقيق نصر سريع، ومثل معظم آمالهم في اليمن، وهمًا".
 
يمضي بالقول "بعد أكثر من ثلاث سنوات، قامت الرياض بأكثر من 100 ألف طلعة جوية وتنفق مليارات الدولارات شهريًا على الحرب، تمكنت الغارات الجوية من تدمير الكثير من البنية التحتية المتعثرة بالفعل في اليمن وقتل الآلاف من المدنيين، لكن الحوثيين استمروا.
 
واستطرد "في هذه الأثناء، غالباً ما كانت الفصائل تنقلب على بعضها البعض، حول صالح طرفه ووافق على العمل مع السعوديين في عام 2017، لكن الحوثيين قتلوه قبل أن ينجح في هذا الطرف.
 
وقال "على الأقل بعض القوات التي كانت تحت قيادته (صالح) تعمل الآن مع الإمارات العربية المتحدة، لكن القوات المناهضة للحوثيين تعتبر منقسمة".
 
في عدن –حسب التقرير - قاتلت القوات المدعومة من الإمارات المقاتلين الموالين لهادي، الذي تدعمه السعودية، على القواعد والمرافق، وأفادت التقارير أن قادة الإمارات يعتبرون هادي رجلاً غير كفؤ لمنصبه، في حين أن السعوديين يعتبرون أكثر رغبة في العمل مع الإصلاح ، الذي حاول الإصلاح أن ينأى بنفسه عن الإخوان المسلمين لإرضاء الإمارات والرياض. لأسباب واضحة، تركز الرياض أكثر على أمن الحدود أكثر من الإمارات.
 
وأشار التقرير إلى ان الإمارات تأخذ زمام المبادرة حاليا في اليمن وقال "على الرغم من أن السعودية هي المتدخلة التاريخية في اليمن وكثيراً ما يصف الكثيرون التحالف بأنه "بقيادة سعودية"، إلا أن الإمارات تلعب اليوم دورًا مهمًا وقياديًا في كثير من الأحيان.
 
وأضاف "ينتشر أكثر من ألف جندي  من القوات الإماراتية في جميع أنحاء اليمن، معظمهم في الجنوب، ويتم تدريب الآلاف من السكان المحليين، بما في ذلك العديد من الانفصاليين الجنوبيين الذين يحاولون اغتنام الفرصة وإنهاء هيمنة الشمال، تأخذ السعودية زمام المبادرة في الحملة الجوية وتوفر تمويلاً كبيراً، لكنها لا تتطابق مع وجود الإمارات على أرض الواقع.
 
"في اليمن، تعتمد القوات الإماراتية على تجربة مكافحة التمرد التي اكتسبوها في القتال مع قوات الناتو في أفغانستان. ليس من المستغرب أن تكون الإمارات قد تسببت في سقوط ضحايا، أكثر من 100 شخص" –حسب التقرير.
 
وقال إن القوات التي تقودها الإمارات اليوم، تحاول القيام بدفعة دراماتيكية وإنهاء الجمود من خلال الاستيلاء على ميناء الحديدة، وهو أهم ميناء للحوثي والذي يذهب من خلاله الطعام والإمدادات الأخرى إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
 
ويزعم السعوديون أن الأسلحة الإيرانية تتدفق أيضاً عبر الميناء، كما جمعت الإمارات ما يصل إلى 25 ألف مقاتل مدعومين بغطاء جوي ومركبات مدرعة ضد بضعة آلاف من الحوثيين، ومعظمهم مجندون حديثون، وتضم القوات التي تدعمها الإمارات المقاتلين الذين قاتلوا في وقت ما حلفاء الإمارات لأنهم كانوا مخلصين لعلي عبدالله صالح، والآن يتبعون ابن أخيه، بالإضافة إلى ذلك، فإن القوات الإماراتية –حسب التقرير- تدربت بشكل أفضل مما كانت عليه في عام 2015.
 
وقال مع ذلك فإن ميدان القتال في المدينة يساعد المدافعين بشدة، وربما علمت إيران وحزب الله الحوثيين كيفية استغلال هذه التضاريس. علاوة على ذلك، ليست الحديدة المنفذ الوحيد المتاح للحوثيين، والتهريب هو تقليد يمني قديم. وعلى هذا النحو، من المرجح أن يحصل الحوثيون على السلاح في أي حال. بالإضافة إلى ذلك، لديهم صواريخ باليستية مزودة برؤوس إيرانية يمكن أن تضايق السعودية.
 
وتابع "من غير المحتمل أن يكون الفوز العسكري المباشر للتحالف أمراً محتملاً، على الرغم من أن القوات المدعومة من الإمارات تتمتع بميزة هائلة في الأسلحة والأعداد والأموال، مما يجعل من المرجح الاستيلاء على الحديدة.
 
ولفت إلى أن الحوثيين سيواصلون احتلال الأراضي الشمالية، حيث يعيش الكثير من سكان اليمن، بالإضافة إلى ذلك، قال "حتى لو خسر الحوثيون صنعاء والمدن الكبرى الأخرى، فقد أثبتوا أنهم قادرون على شن حرب عصابات لا هوادة فيها"، مشيرا إلى أنه لا يزال لديهم عشرات الآلاف من الرجال المسلحين.
 
وقال "حتى إذا وضعنا الحوثيين جانباً، فليس من الواضح ما هو الحل السياسي الذي يرضي التحالف المتباين الذي وضعته الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية".
 
يتابع محرر السياسة الخارجية في Lawfare ، قائلا حتى مع تجاهل الكارثة في اليمن، فشل التدخل السعودي والإماراتي وفق شروطها الخاصة، هادي ليس في السلطة، وحلفاؤهم يقاتلون بعضهم البعض، والقاعدة أقوى ، واليمن أقل استقرارا من ذي قبل". بالإضافة إلى ذلك، والأهم من وجهة نظر السعوديين والإماراتيين، إيران أصبحت أقوى، على الرغم من أن الحوثيين هم دمى إيرانية بالكاد، فإنهم يعملون مع إيران بالضرورة، وقد نما تأثيرها نتيجة لذلك، الآن، لدى طهران حليف يمكن أن يهدد السعودية والشحن البحري في البحر الأحمر".
 
يقول بيمان "تقدم الإمارات بعض المساعدات الإنسانية، كما توفر السعودية دعماً محدوداً، ولكن ليس بما يكفي لتعويض الكارثة التي تواجه البلد بأكمله"، مضيفا "لقد تعثرت محاولات الأمم المتحدة المتكررة للتفاوض، واليوم أصبحت اليمن موطناً لأسوأ أزمة إنسانية في العالم".
 
------------------------------------------
 
*دانييل بيمان هو محرر السياسة الخارجية في Lawfare. وهو زميل قديم في مركز سياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينغز، حيث يركز على مكافحة الإرهاب وأمن الشرق الأوسط. وهو أيضا أستاذ في كلية الشؤون الخارجية بجامعة جورج تاون.
 
*يمكن العودة للمادة الأصل على الرابط هنا
 
*ترجمة خاصة بالموقع بوست.


التعليقات