[ غارات للتحالف استهدفت مدنيين باليمن ]
قالت صحيفة واشنطن بوست إن مقتل الصحفي جمال خاشقجي هذا الشهر من قبل ما وصفتهم بعملاء سعوديين - ونفي السعودية المتكرر لأي معرفة بمصيره - يثير مخاوف جديدة حول الرواية التي تسوقها السعودية في الحرب التي تخوضها على اليمن .
واعتبرت الصحيفة في تقرير أن الرواية السعودية القائلة بأن التحالف ينتقي أهداف غاراته الجوية بعناية، وإن أعداد الوفيات المدنية المتزايدة بشكل كبير والتقارير التي تحذر من مجاعة وشيكة سببتها الحرب والتي أبلغت عنها الأمم المتحدة والمجموعات الإنسانية مبالغ فيها إلى حد كبير، ضعيفة وغير مقبولة.
وأشار التقرير الذي كتبة الصحافي سودران راجفان وترجمه " الموقع بوست " إلى أن الائتلاف لا يتدخل بأي حال من الأحوال في المساعدات الإنسانية ولا يقوم بمساعدة الاقتصاد اليمني المحاصر.
وقالت إليزابيث كيندال، وهي باحثة يمنية في جامعة أكسفورد: "لقد فتحت السعودية أبواب الشك في الحرب التي تخوضها في اليمن، مضيفة أنها " أي السعودية " لم تعد قادرة على إخبار العالم بما تريد أن تفكر به دون أن تكون مثار للشبهة والشك.
ومع تضاعف هذه الشكوك، فإنها تثير تساؤلات جديدة حول ما إذا كانت إدارة ترامب تثق في ما تقوله المملكة العربية السعودية للمسؤولين الأمريكيين عن سلوكها في الحرب في اليمن، وخاصة دورها في سقوط ضحايا مدنيين وانتهاك حقوق الإنسان .
وفي حين صرّح وزير الخارجية مايك بومبيو ووزير الدفاع جيم ماتيس للكونجرس الشهر الماضي بأن التحالف الذي تقوده السعودية كان يتخذ "التدابير اللازمة للحد من مخاطر وقوع إصابات بين المدنيين، إلا أن مسؤولا كبيرا في البيت الأبيض تحدث في القاهرة الأسبوع الماضي أن هذا الثنائي بالإشارة الى" بومبيو وماتيس " لم يقوما بالتشاور مع مجموعة متنوعة من المصادر، وأنهم كانوا متأكدين جدا من مصادرهم .
و تشمل تلك المصادر السعوديين أنفسهم وهم من يقوم بالتحقيق في الخسائر المدنية الناجمة عن الغارات، والتي يعترف في عدد قليل منها بقتل المدنيين، مما يتناقض مع المعلومات التي جمعتها الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية.
ويقدر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن أكثر من 16 ألف مدني قد قتلوا أو أصيبوا منذ بدء الحرب، وغالبيتهم بالغارات الجوية، في حين أن التحالف الذي تقوده السعودية هو الطرف الوحيد في الصراع الذي يستخدم الطائرات العسكرية.
في معظم الحالات التي يتم فيها الإبلاغ عن وفيات مدنية، لا توجد تحقيقات لاحقة، ويقول المسؤولون السعوديون بانتظام إن الإصابات في صفوف المدنيين هي حوادث عرضية وأضرار جانبية نتجت عن ضربات ضد أهداف عسكرية مختارة بعناية.
كيندال أضافت أن الأمر لم يعد يبدو وكأنه حادث، مثلما لم تكن حادثة مقتل خاشقجي مصادفة.
أما المشرعة البريطانية إميلي ثورنبيري، وهي مشرعة بريطانية، للبرلمان في بلدها: ترى أن تعامل السعودية مع مقتل خاشقجي لم يكن سوى نموذجا مكررا لتعاملها مع الحملة التي تقودها في اليمن.
تقول ثورنبيري، وهي عضو في حزب العمل المعارض، إنه عندما يتم الإبلاغ عن عدد كبير من الضحايا المدنيين، فإنهم ينكرون أن التقارير صحيحة، ثم ينكرون المسؤولية، "وعندما يصبح الدليل غير قابل للجدل، يقولون إنه خطأ فادح، ويلومون عناصر مارقة يعدون بأنه سيتم معاقبتهم وبأن ذلك لن يحدث مجددا، إلى أن يأتي ذلك الوقت الذين يكررون فيه فعلتهم.
وفي القاهرة، قال مسؤول كبير في البيت الأبيض إن العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية، وهي قريبة من الناحية التقليدية، يمكن تحسينها، مضيفا "أعتقد أننا بحاجة إلى مزيد من الشفافية بشكل عام".
وفيما يتعلق بالصراع اليمني على وجه الخصوص، تحدث المسؤول–شارطا عدم الكشف عن هويته- لمجموعة من الصحفيين إن الإدارة "واثقة" من المعلومات التي تقدمها السعودية، مضيفا " بالنسبة لليمن، لدينا قدر لا بأس به من الرؤية".
الأمين العام لمجلس اللاجئين النرويجي يان إيغلاند قال في بيان إن اليمن تعرضت منذ فترة طويلة لقصف جوي وتعرض لتكتيكات الحرب الخانقة، معتبرا المجاعة الجماعية نتيجة ثانوية قاتلة للإجراءات التي اتخذتها الأطراف المتحاربة والدول الغربية التي تدعمه، مضيفا أن الطريقة التي تشن بها الحرب تخنق المدنيين بشكل منهجي من خلال توفير كميات أقل من الغذاء متوفرا ومتاحا لملايين الأشخاص.
وتقول الصحيفة إنه لا يوجد حاليا أي إشراف أميركي مباشر على كيفية قيام الطائرات العسكرية التي تقوم الولايات المتحدة بتزويدها بالوقود، بتنفيذ غاراتها أو كيفية استخدام القنابل التي تزودها الولايات المتحدة، و يقول المسؤولون الأمريكيون إنهم يعتمدون على السعوديين في هذا النوع من المعلومات.
وفي حديثه في أغسطس، قال مسؤول كبير في إدارة ترامب إنه "من المحتمل" أن الطائرات التي تزود الولايات المتحدة بالوقود قتلت مدنيين "لكننا لا نعرف".
وقال هذا المسؤول: "أردنا تزويدنا بالمعلومات من قبل السعوديين، لكنهم لا يقومون برفدنا بالمعلومات في الحالات العادية".
ومع أن تلك التصريحات جاءت بعد أن قصفت غارة جوية نفذها التحالف السعودي في أغسطس أكثر من 40 تلميذاً في حافلة في شمال اليمن، عندما دعت الأمم المتحدة لإجراء تحقيق مستقل، إلا أن إدارة ترامب فضلت السماح للسعوديين بإجراء تحقيقاتهم الخاصة، وقال المسؤول "دعونا نعطي السعوديين فرصة للقيام بتحقيق ونرى ما ينتج عنها".
أعلن السعوديون في بادئ الأمر أن المتمردين الحوثيين كانوا في الحافلة وأنها كانت هدفاً مشروعاً، واصفاً الأطفال بالأضرار الجانبية، ولم يتحمل السعوديون المسؤولية إلا بعد الضغط الدولي الذي غدته صور الأجسام المتفحمة للأطفال".
ودعا تقرير للمحققين الدوليين فى أغسطس الماضى الدول إلى التوقف عن توفير الأسلحة التى يمكن استخدامها فى الحرب، وقد دفع ذلك منظمة العفو الدولية للتحذير في بيان بأن الولايات المتحدة، من خلال الاستمرار في نقل الأسلحة إلى حلفائها السعوديين ، قد يكونون معرضين لخطر التورط بجرائم الحرب في اليمن.
ويرى منتقدو القيادة السعودية أن هناك قسوة مماثلة في الحملة اليمنية ومقتل خاشقجي، واستشهدوا بشكل متزايد بما يقولون إن لولي العهد السعودي القوي محمد بن سلمان يد في كليهما، و يرى هؤلاء النقاد أيضا أوجه تشابه في الطريقة التي استجاب بها السعوديون لتقارير عن سقوط ضحايا من المدنيين اليمنيين ومقتل خاشقجي.
وبالإشارة الى مقتل خاشقجي تقول ثورنبيري، في حديثها عن ولي العهد بأنه يتخذ حلفاء معتوهين ويعتمد على حقيقة أن أكاذيبه سوف يتم تصديقها.
*يمكن الرجوع إلى المادة الأصل هنا.
* ترجمة خاصة بالموقع بوست