اليمن المفقود
السبت, 01 يوليو, 2017 - 01:28 صباحاً

الحرب اليمينة في عامها الثالث، ومن المعلوم ماهي مخلفات الحروب من أعداد القتلى والمهجرين وانتشار الجوع والفقر والخراب في البينة التحتية المادية منها وسلامة الروح الوطنية، وهنا ربما الاشكالية الأعظم.
 
 ذلك انه غالبا ما تقوم الحروب ولو مِن قبل أحد اطرافها، لمناهضة الطرف الاخر المعتدي على قيم الوطن من قبيل المثل المدعاة كالمواطنة والحقوق والعدالة والديمقراطية وغيرها، وننساق نحن كطرف ثالث حالم بتلك الخزعبلات الغير واقعية الا في عقول البسطاء الذين يتدثرون بها كملاذ قليل الحيلة.
 
فالمواطن قد ينتقل من موقع الحالم بالعدالة والمواطنة المتساوية الى موقع الاخر السياسي الانتهازي حين يقفز به الحظ ربما الى الموقع المخالف، فالمفاهيم المثالية المطلقة، ليست ذات قرار راسخ الا في اذهان قلة من الحالمين، غير ذلك هي سلعة رابحة للتنقل والوصول، ولربما هنا تستدعينا فكرة المثقف الوطني او السياسي الوطني او الوطني السياسي وعلاقة ذلك بفكرة الخلاص.
 
وهو ذلك الخلاص من مدبري الحروب، ومن هوامير الفاسدين، وكيف تتحول فكرة التحول من مجتمع اللادولة والعصابات الفاسدة الى دولة المواطن قليل الحيلة الذي تعتبر الديمقراطية والعدالة بالنسبة له سبيل للقمة العيش، وفى سبيلها ربما يتحول من الضحية الى موقع الجلاد.
 
هؤلاء ليسوا سوى اداة في ظل منظومة الأفكار الذي يقودها هوامير الفساد، ويحركونهم حسب رياح اتجاه لقمة رغيف قد تكون مغموسة بالدم والشديد من التنازلات، فما هو موقع المثقف المسيس الذي لم تبدو ملامحه بعد ان كان سياسي انتهازي بغلاف مثقف وطني او مواطن بعقل قارئ للكتب، رمته منظومة المعطيات الواقعية من حلم المثقف في ضفاف النخبة الى متسول في أوراق الصحف يستجدي الخلاص بابتذال المفاهيم القميئة المجردة من الروح والصدق.
 
 ففكرة الوطنية والمواطنة والسيادة والنزاهة وكل تلك العجائب، تنتهي عند أبواب السلطة عندما يلسع الجوع معدة المثقف، وتتحول المعدة الخاوية لطبل السلطان، ويتحول الخراب الوطني على كل تراب الوطن الى مادة مزايدة ووسيلة اثراء، فلا يعد إشباع البطن الخاوية اكتفاء بسد ذريعة الجوع فقط بل، نتحول الى نهم المرحلة الاخرى من منافسة الهوامير.
 
عامين من الحرب والخراب، تجلت الصورة كالشمس، وتوالت الاقنعة بالتساقط، المثقفون يتساقطون، والحالمون البسطاء يفقدون البوصلة، والسياسيون الادعياء تداعي اخر أقنعتهم، والمشهد وطن بلا أبناء حقيقيون.
 
انقلاب هدم وطن مهترئ، وشرعية تحارب الانقلاب بالفساد، رئيس دولة رخو، فاقد للخيال ومقدرات قائد ورجل الحرب، سلم اليمن الى الانقلابين لمواجهة التقليدين من القوي القلبية، بعدها عاد كي يعينهم في مناصب الجيش والدولة، يحارب بذهنية الخامل، ووسيلته الفساد بالفساد، وكلاهما الانقلابين والشرعيين يتلاقون عند موطئ اللادولة التي تبيح لهما ان يصبحا دون منافس عصابات أحدهما برسم شرعية الدستور، واخر لا شرعية له الا قوة الجيش المنتزع من ابنائه وزجه في القتال.
 
وبعد عامين حرب، الخلاص لن يكون لا بمنظومة النخب الفضاضة ولا الشرعية الفاشلة، ولا تفوق الانقلابين، وحده إيجاد وخلق شعب حي، من أبناء حقيقيون للوطن.
 
*ناشطة يمنية مقيمة في امريكا
 

التعليقات