نحتاج لقليل خيال وليس بيانات سخيفة!
الأحد, 01 أكتوبر, 2017 - 09:27 صباحاً

اذا كانت الأمور مرعبة بهذا الشكل. لدرجة ان البعض أصبح يتحدث عن سيناريو مصغر لسيناريو 2014. حيث الامارات ترتب لإسقاط تعز وتسليمها لأتباعها. 

لو ان المخاوف حقيقية فعلا, المفروض المحافظ مش بحاجة لبيانات ومناشدات سخيفة تطالبه بالعودة عن الاستقالة. ما يحتاجه ومعه اصحاب هذه المخاوف هو قليل من الخيال السياسي. 

كما نعرف, استقالة المحافظ كان لها علاقة بتلكؤ البنك المركزي وعدم انصياعه لتوجيهات الرئيس ورئيس الوزراء القاضية باستكمال صرف مرتبات شهر لبعض المكاتب الحكومية وصرف مرتب شهر آخر لجميع موظفي تعز. 

المحافظ كان يشتي الرواتب تصرف قبل 26 سبتمبر, حتى يصبح ابتهاج الناس بهذا اليوم له دلالة أعمق. فاقتران ذكرى الثورة بصرف الرواتب كان سيعطي الناس امل ودافع أقوى لمزيد من الصمود بل ومعنى اضافي لابتهاجهم. 

لكن العراقيل المعتادة منعت ذلك, ووضعت المحافظ أمام مأزق حقيقي كان لابد ان يدفعه للتصرف على ذلك النحو المسئول الذي تصرف به بعد اشهر طويلة من الخذلان المستمر. فقد اعتقد ومعه حق ان الاوامر الجديدة لا تختلف عن سابقاتها. 

في اليوم الثاني, بعد الاستقالة, تجاوبت السلطات وقام البنك المركزي بصرف المبالغ المالية وايصالها الى تعز, وبدأ الموظفون باستلام رواتبهم. 

اذن استقالة المحافظ تتعلق بجزئية معينة وكان قد تم الاستجابة لها. وهذي الاستجابة السريعة تعني ضمنيا ان الرئيس ورئيس الوزراء رافضين قبول الاستقالة. 

طيب ايش نعمل الآن؟ 

المطلوب مش بيانات ومناشدات سخيفة. بالنسبة لي أكره هذه السلوكيات التي تنم عن عجز سياسي واستغفال للناس. 

المطلوب من المحافظ أن يضع قائمة بمطالبه كاملة امام الرئيس ورئيس الوزراء لكي يقبل الاستمرار في أداء مهامه. وأبرز هذه المطالب الالتزام بصرف رواتب الموظفين شهريا وجدولة رواتب الأشهر المتبقية ليتم صرفها على دفعات. الى جانب الزام وزارة الدفاع بصرف رواتب الجيش المتأخرة والالتزام بصرف رواتب الاشهر القادمة بانتظام. 
 
المطلب الثاني مثلا, ايقاف عارف جامل عند حده, او اقالته ومحاسبته لأنه المتسبب الأول في كثير من المشاكل التي حدثت في تعز مؤخرا ولعل ابرزها عرقلة عمل مؤسسات الدولة ونهب الايرادات العامة ومنعه لفتح فرع البنك المركزي في المحافظة. 

هناك مطالب أخرى ايضا تمس حياة الناس, خصوصا ما يتعلق بالاغاثة, وخطة استكمال تحرير المحافظة, وتوفير الدعم اللازم لها. هذه المطالب وغيرها على المحافظ ان يضعها في قائمته ويطرحها على طاولة الرئيس وحكومته, بالتزامن مع اشهارها واعلانها للناس. 

هنا سيكون لدعم الناس معنى, فهي ستدعم المطالب وليس الشخص. حتى في حال قبل الرئيس الاستقالة, سيكون المعمري مطالب اخلاقيا وشعبيا بتوضيح كل العراقيل التي واجهته وتسببت للناس بكل تلك المعاناة التي عاشوها. 

بالنسبة للأحزاب الداعمة لمطالب المحافظ, لو ان لديها مخاوف مشروعة, فأمامها أمرين: 

الأول: هو اعلانها دعم قائمة مطالب المعمري, وضرورة الاستجابة لها. والضغط بكل الوسائل في سبيل ذلك. (لا داعي للحديث عن قبول الاستقالة او عدم قبولها). 

الثاني: في حال رفضت الحكومة والرئيس نقاش مطالب المعمري والاستجابة لها وقبلت الاستقالة, سيكون على هذه الأحزاب أن تتوجه للناس وتصارحها بكل المخططات المشبوهة التي تحاك ضد تعز, وفتح نقاش عام حول كيفية مواجهة اية خطوات قد تؤدي لوقوع سيناريو مصغر عن ذلك الذي حدث في 2014. 

ما نحتاجه هو قليل من الخيال وبعض من الصدق. لا الارتباك والذهاب تحت وطأة المخاوف للتصرف بسذاجة. فالبيانات التي تطالب المعمري بالعدول عن استقالته, سوف تجعل الناس تسخر من هذه الاحزاب, ولن يصدقوا عندما يقال لهم ان هناك مخاوف حقيقية تضطرهم للقيام بهذه الخطوة, لكنهم سيصدقون ان هذه الاحزاب أصبحت تتزلف بالفعل للمحافظ الذي يعطيها بعض الامتيازات ويفشل في ادارة مصالحهم والتخفيف من المعاناة التي يعيشونها. 

وبعد ان يقع الفأس في الراس, صحيح الناس ستعود وستصدق ان تلك البيانات لم تكن تزلفية, لكنها ستظل تكره هذه الطريقة في التعاطي مع السياسة, ولن تتجاوب معها. 

اليوم حتى لو عاد جمال عبدالناصر رئيسا, وقدم استقالته, بعد عامين من الفشل الذريع, فلن يجد احدا يناشده العدول عن الاستقالة. 

تقول القاعدة التي يعرفها الناس: المسئول الحكومي اما ان يقوم بواجبه او يستقيل. 

الناس لا تفهم العراقيل, ولا تصدق ان الاوهام المناطقية والطائفية هي من تعرقل مصالحها, خصوصا مع وجود مسئولين من هذا النوع: غير قادرين على مصارحة الناس وخائفين على مناصبهم. 

ما نحتاجه هو قليل من الخيال يا هؤلاء.

*من حائط الكاتب على فيسبوك 

التعليقات