الاردن : بين عصا "بيتر" وروح "مؤيد"
الإثنين, 02 أكتوبر, 2017 - 10:07 صباحاً

بعث مسن بريطاني يدعى "بيتر إند "برسالة لصحيفة "جوردن تايمز" الاردنية الناطقة بالانجليزية، يشتكي فيها من مصادرة الأمن في مطار الملكة علياء الاردني عصاً تساعده على المشي قبل أن يستقل طائرة العودة لبلده في نوفمبر 2015.

قال الرجل الثمانيني أن العصا المصنوعة من خشب الأبنوس في مالاوي، تعتبر قيّمة جداً بالنسبة له.

بعد أيام نشرت الصحيفة خبرا يقول، ان الملك الاردني عبد الله الثاني قرأ رسالة بيتر في "جوردن تايمز" و طلب من المسؤولين في الديوان الملكي اتخاذ الاجراءات المناسبة لمساعدة الرجل في استعادة العصا المصادرة.

وفي الاسبوع التالي ، نشرت الصحيفة رسالة أخيرة للسيد بيتر، يؤكد فيها أن العصا أرسلت إلى بيته في بريطانيا، شاكراً الملك و المسؤولين في السفارة الأردنية في لندن على مساعدته.

بين عصا "بيتر" و روح " مؤيد"، سنرى بوضوح الفرق في تعامل الاردن الهاشمي بين مواطن بريطاني وآخر يمني ، ففي مطار العاصمة الاردنية صادر افراد الأمن روح الشاب اليمني “مؤيد علي عثمان”، امس السبت ، بينما كان في طريقه للعلاج في الهند.

يمني من بلاد الحرب والكوليرا ، مات وحيدا و بعيدا، لن تكتب عنه "جوردن تايمز" ، ولن يهتم الملك بموته ، روحه ليست عصا صنعت في مالاوي و يتكأ عليها مسن بريطاني.

قالت سفارة اليمن لدى الاردن ، أن المتوفي (مؤيد علي عثمان) المصاب بفيروس الكبد، بات ليل الأربعاء، حتى فجر الخميس في الفندق منتظرا رحلة طيران الاتحاد التي أقلعت فجر الخميس، إلا أن "طيران الاتحاد رفض صعود المريض على متن الطائرة بسبب حالته الصحية، ولعدم إظهار شهادة طبية تفيد بإمكانية مواصلة الرحلة إلى الهند.

لم تطلب سفارة علي العمراني التحقيق في الحادثة ، بل أنها حاولت تبرئة سلطات الأمن الاردني في مطار الملكة علياء وقالت أنها قدمت المساعدة ، وهي تكذب ، كل الشهادات تؤكد ان سلطات المطار احتجزت مؤيد ليومين ولم تسمح له بالسفر في موعد رحلته الى الهند، كما صادرت علاجه واغراضه الشخصية ، و "مؤيد" ليس الحالة الأولى ، فأمن المطار الاردني يمارس على الدوام، البلطجة والتعسف والابتزاز بحق المسافرين اليمنيين .

ولن تهتم السلطات الاردنية بالتحقيق في حادثة وفاة مؤيد ولن يوجه الملك، الديوان الملكي باتخاذ الاجراءات اللازمة، لان عصا "بيتر "، أهم وأغلى من روح مسافر يمني أتى من بلد فقير تطحنه الحروب ويسقط مواطنية فريسة للأمراض.

من سوء حظ اليمنيين، ان الاردن منفذ رئيسي لهم في ظل حصار السفر الذي تفرضه السعودية على بلدهم وفي ظل حظر السفر الذي تقره دول كثيرة بحق اليمنيين.

وخلال عامين ونصف العام من الحرب ، ظل الأمن الاردني يمارس التعسف ضد اليمنيبن ، ونهاية العام الماضي وخلال العام الجاري، أطلق مهاجرون يمنيون حملة واسعة لمقاطعة مطار الملكة علياء وطيران الملكية الأردنية جراء المعاملة السيئة والإهانة والإذلال التي يتعرض لها المسافرون اليمنيون على متنها والانتهاكات التي يواجهونها في مطار الملكة علياء.

لا يقتصر التعامل السيء على الأمن في المطار ، اذ يشتكي المسافرون اليمنيون على متن الطيران الأردني من سرقة الأمتعة بشكل دائم بالإضافة إلى فقدانها في أوقات كثيرة أو فرض رسوم غير قانونية بحجة حماية حقائب المسافرين من الفقدان.

ونتذكر ، حملة واسعة أطلقها يمنيون سافروا الى امريكا عبر مطار الاردن وطيرانها، بعدها أعلنت السفارة اليمنية في واشنطن عقد اجتماع مع نظيرتها الأردنية لمناقشة ذات الإشكالية.

وقال عادل السنيني، المسؤول الثاني بالسفارة اليمنية بواشنطن ، في بيان، بأن اللقاء مع مسؤولي السفارة الأردنية ، ناقش التعامل غير الحسن من سلطات مطار الملكة علياء عند الوصول والمغادرة مع اليمنيين بشكل عام سواء القادمين من اليمن أو من أي دولة أخرى وكذلك المضايقات وعمليات الفرز في طوابير طويلة والتحقيقات وسحب الجوازات وإلغاء التأشيرات وإبقائهم لساعات وعدم السماح لهم بالدخول إلى الصالات واحتجازهم في قسم الترحيل.

وفقا للسنيني ، فان السفير الاردني في واشنطن اعتبر تلك التصرفات فردية وقال انها لا تمثل الاردن وقال كلاما كثيرا عن العلاقات القوية واحترام بلده لليمن أصل العرب!!.

يتعرض المسافرون عبر الخطوط اليمنية ، للاهانات في مطار العاصمة الاردنية ، وللنهب ومصادرة اغراضهم الشخصية ومنها الهدايا مثل العسل او الزبيب وكثيرا ما تعرض مسافرون لسرقة اجهزة الكمبيوتر المحمول ، وغالبا يمارس الامن الاردني الابتزاز للحصول على أموال من المسافرين اليمنيين.

عشرات المسافرين اليمنيين فاتتهم رحلاتهم الى دول أخرى لان الأمن الاردني يحتجزهم ليومين او أكثر في قسم الترحيل وهو مكان اشبه بزنزانة، تظل فيه بدون ان تعرف ما هو السبب ولا يسمح لك باستخدام الحمام الا كل 6 ساعات ، وتدفع بالدولار ليحضروا لك القليل من الماء والأكل المعلب .

اليمني طيب وبريء، وكثيرا من اليمنيين يسافرون لأول مرة خارج بلدهم للعلاج او للدراسة ، وفي مطار العاصمة الاردنية أمن سيء ووقح، يستغل افراده طيبة اليمني لاهانته وابتزازه.

من ظلم القدر وسوء حظ اليمن ، أنها بجوار السعودية ، ومن سوء حظ اليمنيين ان تحاصرهم السعودية في سفرهم، وتضع لهم مطار اردني كمنفذ الى العالم ومحطة وحيدة للسفر.

*من حائط الكاتب على فيسبوك 

التعليقات