دلالات تكريم الجنرال قاسم سليماني بأرفع وسام إيراني
الأحد, 17 مارس, 2019 - 06:36 مساءً

الذين يظنون ان العقوبات الأمريكية والضغوط الاقتصادية التي تمارسها ضد النظام الإيراني ستجبره على تغيير سياسته في المنطقة هم واهمون لا يعرفون النظام الإيراني جيدا فالدستور الإيراني ينص على ما يسميه ب " الجهاد العالمي"  و" مقاومة المستكبرين" و" الوقوف مع المستضعفين " و" دعم محور الممانعة " و" تقوية محور المقاومة " وكلها أدبيات ولافتات للتدخل الإيراني بشكل أو بآخر ووفق الرؤية الإيرانية الخاصة التي يحتفظ النظام الإيراني بتفسيرها وفق مصالحه ومشاريعه وهذا أولا وثانيا الامريكان لا يريدون من ايران تغيير سياستها في المنطقة بما يخدم المصالح العربية هم يريدون من إيران ان تتفاوض معهم حول ملفات وقضايا المنطقة لإيجاد تفاهم مشترك يخدم مصالحهم أو بالأصح " مصالح الجانبين " والعرب هم خارج اللعبة وثالثا إيران بارعة في التحايل على هذه العقوبات أو الضغوط الاقتصادية بأشكال متعددة ولديها خبرة كبيرة في هذا المجال وتبذل جهودا كبيرة لتجاوزها وتحقق نجاحات لا بأس بها كما أنها ترفض الرضوخ للضغوط الأمريكية المتواصلة بغية الجلوس على طاولة حوار للتوصل للتفاهمات المطلوبة في قضايا وملفات المنطقة حتى الآن وهناك حدث هام يؤكد ما ذهبنا اليه وهو تكريم المرشد الإيراني علي خامنئي لقاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني والذي حدث موخرا حيث تم تقليده لوسام " ذو الفقار " وهو أعلى وسام عسكري إيراني.
 
ويعتبر الجنرال قاسم سليماني أول من يحصل على هذا الوسام منذ الثورة الإيرانية عام 1979م اي منذ 40 عاماً كما ان هناك إجماع لدى القيادات العسكرية والسياسية في طهران وفي المنطقة على أن سليماني يعد الشخصية العسكرية الأكثر سطوعاً والأكبر تأثيراً في دوائر صنع القرار في إيران وخصوصا في المجال العسكري .
 
وهذا التكريم هو إشارة واضحة على أن النظام الإيراني لن يغير من سياساته في المنطقة بل انه يعتبرها مفخرة له وهذا التكريم هو مباركة واحتفاء ودعم لا محدود من قبل المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي لتحركات قاسم سليماني وقوات فيلق القدس التي يقودها والمخصصة للمهام الخارجية وخصوصا في المنطقة العربية .
 
ومن وجهة نظري فهذا التكريم يعد إشارة إلى تدشين مرحلة جديدة من التدخل والحضور في المنطقة وملفاتها خاصة وان النظام الإيراني في هذه الأيام يرى بأن   قوات فيلق القدس نجحت وانتصرت في سوريا والعراق وكان حضور قاسم سليماني للقاء الرئيس السوري بشار الأسد بالمرشد الإيراني خامنئي في طهران مؤخرا نوعا من الاعتراف بجهوده والاحتفاء بهذا الانتصار الذي حققته قوات النظام السوري بدعم من قوات فيلق القدس التي يقودها في سوريا والمنطقة .
 
إيران و- أقصد بإيران النظام الإيراني-  ستواصل سياستها الحالية في المنطقة بل وستزيد من تدخلاتها في المنطقة مستقبلا فهي ترى أن قواتها نجحت في مهامها في المنطقة وانتصرت في سوريا والعراق وأنها ستواصل حربها في سوريا دعما لنظام الأسد وفي العراق ضد داعش وان قواتها عززت حضورها في المنطقة وان سياستها عززت من مكانتها الإقليمية ورسخت مصالحها وكرست حضورها كلاعب رئيسي في المنطقة وأن تدخلاتها في المنطقة مشروعة تماما طالما ان المنطقة صارت ساحة لصراعات ومشاريع أمريكية روسية تركية اوربية مختلفة وانها من حقها ان يكون لها مشروعها ووجودها مثل غيرها .
 
من وجهة نظري لا مؤتمر وارسو ولا خروج ترمب من الاتفاق النووي الإيراني ولا العقوبات الأمريكية ولا الضغوط الاقتصادية ستجعل إيران تغير سياستها وتوقف تدخلاتها في المنطقة طالما وهذه المنطقة ساحة رخوة مهيئة للتدخلات الخارجية ومشاريع الهيمنة القادمة من هنا وهناك.
 
وحتى يوجد مشروع عربي استراتيجي مدروس وفاعل تنخرط فيه الأمة العربية كلها وتنهض وتتوحد وتمتلك قرارها وتوقف أية تدخلات خارجية في شؤونها ستظل ساحة مفتوحة للجميع وفي مقدمتهم إيران التي ترى أنها أولى من غيرها في الحضور والتواجد والتدخل في المنطقة وان أمريكا تنسحب من المنطقة وأنها من ستجني ثمار هذا الإنسحاب  .
 
* باحث متخصص في الشأن الإيراني
 

التعليقات