التهاوش على الصيدة
الاربعاء, 24 أبريل, 2019 - 08:16 مساءً

قال لي :" ألا تعتقد ان الحوثيين يملكون قدرة التقدم صوب "عدن"..؟
 
قلت له :" لا ولا حتى الضالع ذاتها .. كل مافي الأمر ان التحالف ذاته بات يمارس ألعابا خشنة ضد سيقانه وسيدميها ويدمينا.
 
قال لي :" لم افهم ..
 
قلت له :" أقرا ما سأكتب وستفهم..
 
قال :" ومتى ستكتب؟
 
قلت له :" سأحاول تجميع قواي فالحديث خطير..!
 
قال :" سأنتظرك..
 
عدت إلى أوراقي وجلست أدون ..وبعد ان انشر مقالي هذا ستنتابني حالة خوف كبيرة مما كتبته.
 
لايحتاج المرء في اليمن ان يفهم لماذا تقدم "الحوثي" بكل هذه السرعة في مناطق شمال الضالع وصولا إلى البيضاء خلال أيام معدودات .
 
ثمة حديث يجب ان يُقال مهما كانت خطورته ولكنها الحقيقة التي يجب ان تقال للشعب وان يفهمها الجميع.
 
ان تُقال الحقيقة للناس خيرا من تغييبها..
 
من يظن ان الحوثيين يملكون قدرة التقدم بهذه السرعة في السيطرة على مناطق كثيرة شمالا دون استفادة من إرباكات التحالف العربي لذاته فهو "واهم" .
 
منذ اللحظة الأولى لبدء الانقلاب في اليمن كان فعليا يمكن إنهاء الانقلاب خلال مدة زمنية لاتتجاوز الـ3 أشهر لكن ذهاب دول التحالف صوب معركة بأهداف مختلفة أربك كل الحسابات.
 
ذهب الجميع صوب "اليمن" ومعركتها ، بشعار واحد وبأهداف مختلفة كان السؤال الحاضر في وعي الجميع .. ماذا بعد الحوثي؟
 
ولو ان "التحالف" أجاب عن هذا السؤال منذ الوهلة الأولى لكانت الحرب قد طويت في عامها الأول.
 
كانت أولى الحسابات الخاطئة هي جبهة "نهم" وقف تقدمها ، كان السؤال الحاضر في صفوف طرف من التحالف ماذا لو تقدمت قوات يقودها "علي محسن الأحمر" وسيطرت على صنعاء .. وأثير السؤال الكبير ماذا لو حكم "الإصلاح" مجددا؟.. إذا فلتتوقف جبهة نهم حتى إشعارا أخر.
 
كانت "نهم" أولى الإشكاليات في ملف الحرب اليمنية ، أذعن طرف من التحالف العربي لأخر وقرر البحث عن بدائل في الطريق صوب صنعاء واستعيض عن نهم بطرق طويلة وبعيدة منها "الجوف" وطرق صعدة الوعرة.
 
كانت جبهة الساحل الغربي ثاني إشكاليات حالة الإرباك داخل صفوف "التحالف" ذاته ، قبل أشهر كانت القوات تطرق أبواب الحديدة وكانت فلول "ميليشيا الحوثي" تتهاوى ، بدأ واضحا ان احد طرفي "التحالف" سيكسب الجولة وستضاف إلى حضوره على الأرض مدينة يمنية أخرى ، مدينة بحضور الحديدة مكسب لا يُصدق .
 
وعلى نحو مفاجئ ولنفس الحسابات التي أوقفت جبهة "نهم" توقفت جبهة الساحل الغربي وجاء السؤال كبيرا ومقلقا ماذا لو تقدمت القوات وحكم المدينة "طارق محمد صالح"؟.
 
ماذا لو؟ كان السؤال الأكثر طرحا في سياقات التنافس الخليجي في اليمن.
 
لايتحرك "الحوثي" لقوة ما يملكها على الأرض ، هو فقط يستفيد من حالة التباين والصراع التي باتت واضحة في صفوف التحالف ذاته ، ويمضي وفق التسهيلات التي يقدمها كل طرف ضد "الأخر".
 
غرق "التحالف" بدلا عن تركيز جهوده في الاتجاه صوب صنعاء إلى التركيز على ما الذي يمكن السيطرة عليه من المناطق المحررة ذاتها.
 
يشبه الأمر صيادين اثنين ذهبا للصيد وحينما اصطادا غزالا انصب وعيهما على من سيمسك بالغزال الميت وتوقف التفكير فيما يخص مواصلة الاصطياد.
 
في سيئون قبل أسابيع كان التحرك السعودي واضحا ، تحرك على نطاق كبير وحقق مكاسب سياسية بعقد جلسة مجلس النواب ..
 
جاء الرد سريعا ، شمال الضالع في عمق الجبهة التي تقودها السعودية ، القيادات المؤتمرية تذهب واحدة تلو الأخرى إلى أحضان الحوثي والجبهات تتساقط تباعا.
 
في معركة غير مفهومة المعالم وضمن حسابات الكبار يُصارع التحالف العربي ذاته ويكسب "الحوثي" ، فيما يقف غالبية عظمى من اليمنيين في حالة من "التيه"ولا شيء غيره..
 
في "عدن" كان ثمة وجه أخر للصراع بين أطراف التحالف ذاته ، فالشرعية سعودية صرفة والانتقالي وأطرافه إماراتيون "اقحاح" .
 
بدأت عناوين الصراع سخيفة للغاية فكل الأطراف المحلية تتسلم قيمة حفاظات "البامبرز" من التحالف ولن يُعصى للتحالف امر متى ما اتفقت اطرافه ذاتها..
 
خاض الجانبان صراعا من جولات مختلفة، بين الفينة والأخرى يكون احدهما أعلى والأخر أسفل ، سرعان ماتتغير المعادلة لاحقا ، كر وفر ، لاتبدو المدينة بيد طرف ولا انتصار لطرف ضد أخر.
 
في المهرة مددت "السعودية" رجليها ، عززت الإمارات حضورها بالقرب من منابع النفط في "شبوة" ردت السعودية بتعزيز الحضور في وادي حضرموت ومؤخرا يبدو أنها كسبت"البحسني" إلى صفها.
 
يتهاوش" السعوديون" والإماراتيون" على صيدتهم في المناطق المحررة في اليمن دون إدراك حقيقي لحجم المخاطر التي تحيط بهما ، فعل الخليجيون نفس الأمر في "سوريا" ذات يوم ،فلتت الصيدة وانتصر بشار الأسد ،ونخشى ان يكرروا نفس الخطأ في اليمن ..
 
قطر -عُمان_إيران_تركيا وحدها الأطراف المستفيدة من صراع كهذا.
 
سيغضب "السعوديون" من مقالي هذا ، سيغضب الإماراتيون أيضا ،لكنها الحقيقة ولا شيء غيرها ، الحقيقة التي لا يجروء الكثير من الصحفيين على قولها.
 
يحتاج "السعوديون" والإماراتيون" إلى الجلوس مجددا على طاولة واحدة لترتيب الأولويات في اليمن فمعركة الجميع واحدة.
 
لاتتهاوشوا على الصيدة لكي لاتفلت وتفلتون معها ..
 
لا تمنحوا الأطراف المعادية فرصة النيل منكم.
 
توقفوا .. وراجعوا حساباتكم..
 
نصيحة من قلب محب لكم

* نقلا من صفحة الكاتب بالفيسبوك

التعليقات