لـــــيلى والمتيمون
الأحد, 25 أغسطس, 2019 - 09:01 مساءً

عن أبي بَرْزَةَ الأسلمي قال: نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أسمع العواتق، فقال:{ يا معشرَ مَنْ آمَنَ بلسانه، ولم يدخُل الإيمانُ قلبَه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتَّبِعوا عوراتِهم؛ فإنَّه من تتبَّع عورة أخيه المسلم تتبَّع الله عورتَه، ومَنْ تتبَّع اللهُ عورتَه يفضحه ولو في جوف بيته }... صحيح الجامع.
 
رأيت أن استعير هذا الحديث لأنني ألفيت به ما حدث معي بالأمس، انهالت عليّ اتصالات من كل حدب وصوب كلٌ يسأل عن ليلى.
 
لم أعلم أن ليلى هذه ملئت قلوبهم شغفا، حتى أنهم لم يطيقوا أن يروها تختار من رأت فيه نفسها. فبدلا من الدعاء لها إنبروا ليتتبعوا مثالبها، هذا إن كان لها من الأساس مثالبا تذكر. ألم يعلموا هؤلاء السادة أن الدنيا كالمرآة ينعكس بها ما نفعل، وأن الله يمهل ولا يهمل وأن العقاب في الآخرة أشد من الدنيا.
 
ما رأيت حقيقة بالأمس، كان نوعا من الحسد الأسود الذي يحرق القلوب حتى تغدو رمادا، فتضر أصحابها وتجعلهم مخازنا للأحقاد. فأين أخلاق النبلاء وأين نحن من قول الله تعالى :{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}.
 
ووصلت بهم الجرئة أن يغتابوا ليلى ويذكرون ماليس بها ويزيدون في الأمر جورا وبهتانا، وليلى المسكينة لك الله ياغافل. فنقول لها :{ ليلى لا تحزني ولا تبتئسي، فإن ذلك لكِ زيادة أجرٍ ونقصان وزرٍ، وأن الدنيا لابد فيها من بلاء وامتحان لمن أحبهم الله}. فقد أخبر الله سبحانه جل في علاه في قوله:{ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا }... الفرقان : آية20
 
من السهل أن تُختلق القصص والأكاذيب، ولكن المستمع يدرك من تكون ليلى، وهم يعلمون علم اليقين أن ما يفترونه لا يمت لها بصلة. فلم أرى من ليلى إلا كل أدبٍ وحشمة وكانت تذكرني بأداب الحديث مع النسوة وأن لا أتعدى حدود الله، كل ذلك من وراء حجاب، وكانت مقلة بذلك.
 
وما لفت انتباهي أن من تحدثوا تكاد أقوالهم تلامس الصواب بحججهم التي تنطلي على الذين لا يعرفون من تكون ليلى. فأحاديثهم أشبه بالقصص البوليسية والمخابراتية حتى أنه خيل لي بأن تلك مشاهد في أفلام جمس بوند. قصص المآمرات الإقليمية وأن ليلى هي البطل الذي يظهر في المشاهد وأنها ليست الأصلية ولكن إختفت ثم ظهرت .... لا حدود من الخيال والإختلاق.
 
ربما لو سجلت أحاديثهم وعرضته على هاليود صانعة الأفلام لفزت بعقد مجزي من وراء ذلك. قال الله تعالى في أمثال هؤلاء :{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ}.
 
لمن لا يعرف ليلى هي إحسان الفقيه الكاتبة التي ملئت الدنيا وأقعدتها بعلمها وباسلوب مقالاتها الإبداعية، وفوق ذلك حباها الله جمالا يفوق العقل من وجهة نظر هؤلاء المتيمين بها. فرأيت لنفسي أن أترك مسافة بين مشاعري وبين لهفي للعلم. فكانت الفائدة التي مكنتني بأن اكتب لكم هذه الكلمات متمنيا أن ترقى إلى مستوى فكركم.
 
ومن هذا المنبر أناشد إخواني المتيمين بأن يتركوا ليلى لحياتها الجديدة لمن إختارة لنفسها مستقرا ومتاعا. وأن من خلق خلق غيرها، فالنساء محطات يمر بها الرجال فإن أعجبتهم واحدة استقروا معها على سنة الله ورسوله برباط رباني مقدس. فالله الله أذكركم ونفسي أن ليلى هي أخت لنا جميعا أعطت من وقتها للدفاع عن الحق ولم تحابي في ذلك احد، ولم تهاب لومة لائم. فمثل هذه الكريمة ألا تستحق منا كل تقدير واحترام. والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
 

التعليقات