قبل شهر وعقب أحداث سيطرة المجلس الانتقالي على عدن كتبت أن هذه الحكومة لا تستحق أن يقاتل معها حتى جندي واحد وفي أي حرب، وكان ذلك احتجاجا على إهمال الحكومة لمصير بعض الجنود الذين من المحتمل أن تكون قد تمت تصفيتهم كما أظهر ذلك فيديو مصور من مدينة عدن.
قبل أسبوعين تقريبا كانت على الجهة الشمالية من اليمن وفي الأطراف البعيدة تحدث مأساة كبيرة لجنود مجهولين يقاتلون مليشيا الحوثي على الحدود الجنوبية السعودية وتحديا في منطقة كتاف.
ينتمي المقاتلون للواء الفتح التابع للمنطقة العسكرية السادسة، وقد وقع أفراد هذا اللواء الذين يقدر عددهم بأكثر من أربعة آلاف في حصار خانق من قبل الحوثيين.
كانت الأنظار آنذاك منشغلة بما يحدث في الجنوب، لكن سرعان ما أصبحت الأخبار البسيطة القادمة من كتاف تتصدر المشهد.. تحدث كل الناس عن المصير الغامض لهؤلاء الجنود.
تقول المصادر إن ما يقرب من ألف جندي وقع أسيرا لدى مليشيا الحوثي وقُتل مثلهم أو أكثر، المحاصرون أيضا بالآلاف، هذه المعلومات ليست رسمية غير أننا متأكدون من أن مأساة كبيرة تحدث في تلك المنطقة البعيدة ولا نعلم عنها إلا الشيء البسيط.. هذه الأخبار كلها لم تشكل لدى الحكومة وقادة الجيش أي اهتمام للخروج والتحدث للشعب.
ليس هناك أي تحقيق مع قائد هذا اللواء وكيف أوقع الآلاف في الأسر والحصار الخانق، وليست هناك أي روايات رسمية عن هذه الحاثة لهذا الشعب التائه.
كان لمثل هذه الحادثة إن وقعت في بلد آخر أن تعيش الدولة حالة طوارئ لأسابيع وأشهر، لكنها في اليمن.
استمعت إلى تسجيل صوتي سجله قائد لواء الفتح رداد الهاشمي، وقد جاء هذا التسجيل بعد أن اتهم ناشطون وصحفيون قيادة اللواء بتسليم الجنود للحوثيين والتواطؤ معهم.
التسجيل الذي جاء بصوت الهاشمي في ست عشرة دقيقة لم يذكر مرة واحدة ماذا حدث للجنود وكيف حدث ذلك ولم يتحدث مصير أحد منهم، ولم يقل أي شيء أو أي معلومة ولو حتى عابرة يمكن أن يستند إليها الناس.. خلال الست عشرة الدقيقة كان يتحدث قائد اللواء البائس عن فضائل الموت في سبيل الله وعن الجهاد وعن صحابة الرسول صلى الله وعليه وسلم وكيف بذلوا حياتهم للموت، وأن من مات في هذه المعركة هو أفضل ممن يعيش الآن، وخلال هذا التسجل الطويل لم نحصل حتى على معلومة صغيرة عن هؤلاء المقاتلين على الحدود الجنوبية السعودية، لكنه في المقابل كانت لديه كل المعلومات عن أولئك المقاتلين في المعارك التي دارت قبل أربعة عشر قرنا وكأنه كان قائدا للواء أبي ربيعة بدلا من لواء الفتح.
وعندما كتبت الأسبوع الماضي عن هذه الحادثة بناء على مصادر خاصة تواصل معي الكثيرون الذين يسألون عن مصائر أهلهم أو إخوانهم، إن كانوا جرحى أو قتلى أو محاصرين أو مفقودين، ومنذ أكثر من أسبوعين وحتى الآن لا أحد يعرف أي شيء عن ما الذي حدث في تلك البقعة الصحراوية لجنود خرجوا دفاعا عن بلادهم التي لم تفعل حتى مؤتمرا صحفيا للحديث عن مأساتهم أو تطمين تلك الأسر القلقة على أبنائها في الجانب الآخر من البلاد.