التعيين الذي حصل عليه بعض الصحفيين يفسد الشأن العام، ويعزز من إمكانية أن يتحول معظم الصحفيين إلى مشاريع ارتزاق.. إذا اخترت أن تكون صحفيا فعليك أن تبقى صحفيا.
في عهد هادي تعين صحفيون في مناصب حكومية، بقي الصحفيون الآخرون يبحثون عن مناصب أخرى.
حتى الآن لم يفسد هذا البلد بعد.. سار الأمر على النحو التالي، بقية الصحفيين استمروا في مهاجمة مسؤولين في الحكومة، لأنهم كانوا عقبة في طريقهم أمام اعتماد بعض قراراتهم، والبعض الآخر بحث عن رضا مسؤولين لتسير أمورهم على النحو الذي يرغبون.
الصحفي الذي يرجو أو يخاف لا يمكن أن يشكل خطرا على فاسد، خطره الأكبر سيكون على الحقيقة.
نبيل الأسيدي لديه قرار بتعيين حكومي لكنه تعرقل.. حاليا نبيل الأسيدي مهتم جدا بحملة "اللهم لا حسد".. لا أقول إنه مخطئ في حملته، بل هو على صواب، لكن ستتغير الأمور.. عندما يتم تعيينه سينسى أي حملة قادمة، وسيغض الطرف عن كل المسؤولين الذين عينوا أقاربهم، ستتحول الحقيقة لديه إلى حقيقة ناعمة، ولن يكون تعيين الأقارب من قبل المسؤولين خطرا يهدد المستقبل السياسي للبلد عند نبيل.
صحفيون آخرون كانوا يظهرون في كل القنوات محذرين وناقدين للوضع السياسي وعندما تم تعيينهم في مناصب رأوا أن الحياة السياسية لا تستدعي كل ذلك النقد، وأدركوا فجأة بإلهام من الله أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح، نظرا إلى التعقيدات وظروف المرحلة ثم غابوا في مكان لا يعلمه أحد.
بملفات وأوراق يلهثون في الرياض ومصر وتركيا بحثا عن قرار، مستغلين هذا الوضع الرخو وضعف الدولة.
وفق هذه الأطماع ستتحول الصحافة إلى نوع من الابتزاز أو نوع من المهادنة.
لا يمكن أن تكون حرا كصحفي ولديك قرار منتظر في منصب حكومي، ستكون إما متحاملا على البعض أو ستكون متملقا لهم.
كان مروان دماج نقيب الصحفيين.. وكان قادرا على قول الحقيقة، عندما عُين وزيرا للثقافة كتب جملة مرتجفة "سنكون النخبة التي تلعنها الأجيال القادمة" ثم بعد دقائق حذف ما قال، لأنه رأى أن الرسالة وصلت، فهو قد أصبح سياسيا، وعليه أن يكون حصيفا.
لبلد ينهار اعتقد مروان أن جملة يتم حذفها بعد عشر دقائق ستكون كافية لإنقاذ البلد، أو على الأقل النوم مطمئنا بعد ذلك، باعتباره قال كلمته التاريخية في الظرف الحساس، المهم أن لا يفقد حصافته، حتى لو كان البلد ينهار.
كان محقا في أنهم أسوأ نخبة، لكنه أخطأ في أن الأجيال القادمة وحدها من ستلعنهم، نحن بدورنا سنلعنكم أيضا.