حرب التحالف في اليمن.. محاولة لفك طلاسم الصراع
السبت, 27 يونيو, 2020 - 05:17 مساءً

كثير من العك – بل كله - الحاصل منذ خمس سنوات (الصراع بين السعودية والشرعية بشكل خاص واليمن بشكل عام)، أن النظام السعودي يريد نسخة طبق الأصل من "البحرين" على مستوى الدولة، ونسخة طبق الأصل من "الانتقالي" على مستوى المكونات السياسية.؟!
 
وكلما أكد اليمنيون أن هذا المطلب مستحيل، وغير ممكن ولا يليق، وأن حجم التنازلات مهما كانت مذلة ومسفة لاعتبارات كثيرة، فإن هذا المطلب غير ممكن تحققه في الواقع، تقابل السعودية كل ذلك برفض مطلق، وإصرار عجيب على تنفيذ الشرط مقابل فعل كل ما يطلبونه بعد ذلك من السماح لهم بالحياة والعيش، والقبول بهم كدولة إلى جوارها.!!
 
تشعر السعودية – منذ بداية الحرب - وكأن اليمن قدمت رقبتها مع السكين، وهي التي كانت تنتظر هذه اللحظة من نصف قرن بفارغ الصبر، وها هي قد جاءت اللحظة ولن تجعلها تمر بسلام، إما تذبح وتحز الرقبة وتترك الجسد جثة هامدة اشفاء للغليل وانتقامًا لذاتها المكدودة من اليمن واليمنيين، أو تطمئن أن هذا البلد العنيد قد نزعت مخالبه، وكسر كبريائه وسحقت كرامته، وهنا: سيكون طائعًا راكعًا قابلًا للعيش معها بذل وتحنن كجيرانها الصغار، عين ما تفعله في هذه الأثناء. ولو فهمنا ذلك، سنفهم هذا التناقض الذي نلاحظه في طريقة إدارة الحرب بين الشرعية والسعودية – الذين هم في الأصل متحالفون نحو عدو واحد – وهذا التناقض الحاصل بسبب أننا لم نستوعب أهدافه فلم نستطيع فك شفراته والغوص في أسراره ودوافعه.
 
وفي خضم كل ذلك، فإن السعودية تعرف عن اليمنيين أكثر مما يعرفون عنها، وعن أنفسهم؛ وهذا يعود إلى الخوف والقلق الدائم الذي تعيشه وعاشته منذ عقود، ومن يعيش القلق من عدوه يحرص على معرفة كل تفاصيل حياته وقوته وضعفه، بل ويتحين الفرصة للانقضاض والإجهاز عليه.
 
لقد عاشت السعودية قلقة مرتابة متحفزة من اليمن منذ نشأتها ولا زالت، وتضاعف ذلك مع ثورة سبتمبر 1962 التي شعرت أنهم مرروا بالقوة والعناد نظاماً سياسيًا معاكسًا لها، إلى اللحظة التي ولد عندها خوف وقلق يتناقله الملوك وأبنائهم، ويصل منه جزء منه إلى الشعب بل ويمارسه على المستوى الشخصي كما تمارسه الدولة على المستوى الرسمي، فيما اليمنيون عاشوا حياتهم مطمئنين ينظرون لمن حولهم وكأنهم ينظرون إلى أنفسهم؛ جزء من ذلك بسبب الجهل والحياة البسيطة التي فرضت نمطها عليهم، وجزء منه بسبب الطيبة التي يتميز بها اليمني عن غيره، ويوم يقلق اليمني فردًا وحكومة سيتغير الحال لا محالة، وسيصنعون دولة ويستعيدون حضارتهم، وهل تصنع الدول تقوم إلا بالقلق.
 
يضاف إلى ما سبق – وهي قراءة مبسطة -، أن سلوك الملوك والدول الملكية تجاه الدول المجاورة لها والمغايرة لها في النظام السياسي واحد، ومن يقرأ تاريخ نجد والحجاز والجزيرة العربية بشكل عام لن يستغرب ما يجري الآن، بل يستوعبه وسيتوقعه حدوثه من أول لحظة، ويفهم سبب المشكلة وطرق الحل في نفس الوقت.
 
لقد تحدث القرآن الكريم في أبلغ وصف بقوله: {..إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ۖ وكذلك يَفْعَلُونَ} النمل (34). وهذا توصيف دقيق تعضده وقائع وأحداث خمس سنوات عجاف، بل وشواهد في التاريخ كثيرة.
 

التعليقات