كيف تعمل السعودية والإمارات على تدمير الاقتصاد اليمني؟!
الثلاثاء, 28 سبتمبر, 2021 - 07:25 مساءً

من الغرائب التي تفردت بها اليمن أنه في الماضي وعندما كانت السلطة تبشر باكتشاف بئر نفط جديدة كان المواطن اليمني يضع يده على قلبه خوفا من خبر كهذا فالاكتشافات النفطية الجديدة تعني ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وارتفاع كافة الأسعار تبعاً لذلك وهي مفارقة إذ أن الطبيعي أن يكون العكس ولكن لأن اليمن لا تنقضي عجائبه ولا تفنى غرائبه وقد تبدلت فيه الموازين وانقلبت فيه المعايير فما تبشر به السلطة يحدث عكسه تماما في الواقع ، ولا يزال هذا الطابع الغرائبي باق ويتمدد في اليمن إلى أن يشاء الله .!
 
فمثلا من الغرائب والعجائب ان رئيس وزراء حكومة " الشرعية " معين عبد الملك فور تعيينه في منتصف أكتوبر تشرين الأول 2018م أعلن أنه سيركز على معالجة الجانب الاقتصادي وسيعمل على تقوية العملة الوطنية " الريال " والنهوض بالاقتصاد الوطني ومن يومها والاقتصاد اليمني يزداد انهيارا والريال يفقد قيمته في مناطق سيطرة حكومة معين عبد الملك حتى وصل سعر الدولار الواحد إلى 1200 ريال !!
 
في الإعلام تتواصل تصريحات معين عبد الملك بالنهوض بالاقتصاد ودعم العملة المحلية ، وفي الواقع يزداد الاقتصاد اليمني انهيارا وتفقد العملة المحلية قيمتها ، والكل مستمر في مجاله رئيس الوزراء يواصل التصريحات المبشرة بالنهوض والتنمية والاقتصاد يواصل الانهيار .!!
 
معالجات غريبة لانهيار قيمة الريال !!
 
والغريب والعجيب أن السلطات المليشاوية بعدن والتابعة للإمارات والسعودية كلما ارتفع سعر الدولار والعملات الأجنبية وكلما انهار سعر الريال اليمني أرسلت بضعة اطقم عسكرية تقوم بإغلاق محلات الصرافة والتحويلات لأيام وبعد أن يدفع أصحابها الاتاوات المطلوبة للمليشيا تطلق سراح ملاك محلات الصرافة فيخرجون لفتح محلاتهم ورفع أسعار الدولار والعملات الأجنبية مجددا وحينها تأتي المليشيا وتغلق محلات الصرافة مجددا وهكذا.!!
 
 هم يرفعون أسعار العملات والمليشيات تسجنهم بعدها يدفعون ويخرجون ليعوضوا ما دفعوه للمليشيا برفع أسعار الصرف وهكذا دون أن تقوم الحكومة بأية معالجات جادة وإجراءات حقيقة لوقف انهيار الريال خصوصا وقد أصدرت في عام 2017م توجيهات للبنوك باستخدام سعر الريال الذي يحدده السوق بدلا من تثبيت سعر محدد له ، كما يقف البنك المركزي موقف المتفرج إزاء المضاربة بأسعار العملات الأجنبية متخليا عن دوره في إدارة سعر الصرف تاركا العملية كلها لشركات الصرافة ، بل إن البنك المركزي يقوم بشكل دائم بأخذ حصته من عائدات الفساد المصرفي وتدمير العملة الوطنية فيقوم بعملية المضاربة بالعملات ويساهم في رفع سعر الدولار وهو ما يؤكد أن إدارته تفتقر لأدنى رؤية للحفاظ على سعر الصرف ناهيك عن تثبيتها عند حد معين .!!
 
هكذا يدورون كجمل معصوب العينين في معصرة ، ويظل هذا الدوران في حلقة مفرغة متواصلا بينما المواطن يطحن في دوامة لا ترحم من الفقر والغلاء وانهيار قيمة الريال وبينما مسؤولو الحكومة في الخارج في شغل فاكهون .!! 
 
من المفارقات الغريبة في اليمن أن حكومة صنعاء استطاعت المحافظة على قيمة الريال اليمني في مناطق سيطرتها فسعر الدولار في صنعاء بحوالي 600 ريال أي بنصف قيمته في عدن ومارب وحضرموت رغم أن حكومة صنعاء لم تنل اعتراف العالم ، ورغم أنه تم نقل البنك  المركزي من صنعاء إلى عدن ولا يوجد لديها ايرادات من المطارات والموانئ باستثناء ميناء الحديدة ، وهذا ما يحسب لحكومة صنعاء وكنت قد دعوت في مقال سابق حكومة عدن للاستفادة من خبرة حكومة صنعاء في المحافظة على قيمة الريال اليمني ولكن هذه الدعوة وقعت في أرض غير ذي زرع ولم تجد لها أي تفاعل إيجابي .!
 
 
حكومة "الشرعية" لا شأن لها بالريال اليمني !!
 
 
في الواقع ان حكومة معين عبد الملك تتقاضى رواتبها بالدولار وتعيش في فنادق الرياض والقاهرة واسطنبول وغيرها ولذا لا يهمها أمر الريال اليمني ولا ما يحدث في اليمن من إفقار وغلاء وانهيار للاقتصاد طالما أن هذه النار الذي يصطلي بها المواطن اليمني لم تصل إليها .!!
 
كل هذا التدمير الممنهج للاقتصاد اليمني يتم وفق خطة مدروسة من قبل التحالف الذي أغلق الموانئ والمطارات والمنشآت الغازية وقام بتجفيف الموارد المالية للدولة اليمنية وسلم البنك المركزي لمليشيا الانتقالي المسلحة المتمردة بعدن وأنشأ الكثير من المليشيا المتمردة التي تعيق عمل الحكومة ومنع عودتها إلى داخل اليمن ، وعمل على أن تظل الحكومة اليمنية في الخارج ولا عمل لها سوى التصريحات الإعلامية وتأسيس مشاريع تجارية للمسؤولين وأولادهم وأقاربهم ، بينما الشعب اليمني يقف وحيدا يواجه الفقر والغلاء والأزمات ومؤامرات التحالف .
 
اذا كانت حكومة معين عبد الملك عاجزة عن العودة إلى العاصمة المؤقتة عدن أو إلى أي مدينة يمنية والعمل منها فكيف ستقوم بالنهوض بالاقتصاد اليمني وكيف ستعمل على تقوية العملة المحلية ومعالجة الفقر وانهيار الاقتصاد وهي محتجزة في الفنادق ومشغولة بمشاريعها التجارية والاستثمارات في الخارج ؟!!
 
كيف تعمل السعودية والإمارات على تدمير الإقتصاد اليمني؟
 
 
التحالف بقيادة السعودية يعمل منذ سنوات على تدمير الإقتصاد اليمني بشكل ممنهج وتجويع أبناء اليمن واهانتهم وإذلالهم ولذا جاء بهذه السلطة الفاشلة من الأدوات التي تعمل معه ضد وطنها وشعبها ووضعها في الفنادق ومنعها من العودة إلى اليمن وأوجد على الأرض انقلابات ومليشيات وأغلق المطارات والموانئ والمنشآت الاقتصادية ولذا عندما تحرك محافظ شبوة محمد صالح بن عديو لإخراج القوات الإماراتية من منشأة بلحاف الغازية التي كانت تدر على خزينة الدولة اليمنية قرابة 4 مليار دولار سنويا وتوظف 10 ألف عامل يمني تدخلت السعودية للإبقاء على القوات الإماراتية في منشأة بلحاف ومنع تشغيلها ، كما قامت الإمارات بتحريك أدواتها في الداخل والإيعاز لمليشيا الانتقالي للتحرك لإثارة الفوضى والعنف وزعزعة الأمن والاستقرار في شبوة ، كما رأينا مسلحو الحوثي يتقدمون نحو شبوة في تصعيد عسكري مفاجئ وهذا كله عقاب لأبناء شبوة الذين تجرأوا وطالبوا بتشغيل منشأة بلحاف الغازية , ورسالة من الإمارات والسعودية تقول لأبناء شبوة : أما أن تسكتوا وتدعونا نواصل تجويع أبناء اليمن وتدمير اقتصادهم وإهانتهم وإذلالاهم أو سنأتيكم بأدواتنا من اليمنيين وبالمليشيا المسلحة من كل جانب .!
 
منعت السعودية والإمارات الشركات النفطية الأمريكية والفرنسية والنمساوية من العودة للعمل في اليمن وأرسلت لها خطاباً رسميا في منتصف مارس آذار 2016م تؤكد فيه على منعها من العودة إلى اليمن ووجهت الحكومة اليمنية بعدم الموافقة على عودتها للعمل في القطاعات النفطية والغازية باليمن  بذريعة أن الأوضاع غير مستقرة أمنيا رغم أن محافظتي حضرموت وشبوة فيها أكبر قدر من الاستقرار باليمن ، كما أصدرت السعودية والإمارات توجيهات لوزارة النفط اليمنية بمنع تشغيل القطاعات النفطية والغازية في شبوة وحضرموت باستثناء 15 % من هذه القطاعات فقط كما منعت المنظمات الدولية من التعامل مع البنك المركزي بعدن وتحويل المساعدات المقدمة لليمن عبره وأصرت على أن تفتح هذه المنظمات حساب في عمان بالأردن وبعدها تأتي هذه التحويلات عبر مؤسسة النقد العربي السعودي ومنها عبر المنظمات العاملة في اليمن وليس عبر البنك المركزي اليمني حتى لا يتقوى سعر الريال اليمني بوجود مئات الملايين من الدولارات في البنك المركزي بعدن .!
 
كما منعت السعودية والإمارات عبر حكومة معين عبد الملك تشغيل ميناء قنا بشبوة وضغطت على السلطة المحلية لايقافه .!!
 
 "اليمن بلد فقير" أكذوبة كبيرة
 
اليمن ليست بلد فقير كما تروج أغلب وسائل الإعلام ، اليمن دولة فيها موارد نفطية وغازية وثروات كبيرة وموانئ ومطارات ومؤسسات إيرادية ضخمة ولكن هذه المؤسسات مغلقة ومعطلة بقرار من التحالف السعودي الإماراتي الذي يعمل على تدمير الاقتصاد اليمني وتجويع أبناء اليمن وإهانتهم وإذلالهم بشكل ممنهج وذلك لكي يظل أبناء اليمن تحت رحمة السعودية والإمارات وبانتظار معونتها ووديعتها المالية وحتى تفرض السعودية والإمارات شروطها المجحفة والقاسية على اليمنيين وتبتزهم وتمزق بلادهم وتدمر ما بقي من السيادة اليمنية وتستهدف حاضر اليمن ومستقبله .!!
 
اليمن يمتلك كل مقومات النهوض والتنمية وفيه موارد ضخمة ومناطق جذب سياحية وثروة بشرية وكفاءات وعقول قادرة على النهوض به لكن السعودية والإمارات وأدواتها ومليشياتها التي تمولها في الداخل تصر على تدمير الإقتصاد اليمني وتكريس الفقر والجوع وتعطيل المنشآت الاقتصادية وإغلاق المطارات والموانئ وتجفيف منابع الإيرادات اليمنية ليظل اليمن في دوائر الفقر والأزمات ومرتع خصب للمخططات والأجندة السعودية الإماراتية التخريبية وأدواتها في الداخل والتي وجدتها فرصة لتطل برؤوسها وتحيي مشاريعها الصغيرة على حساب اليمن الكبير .
 
خيانة حكومة معين عبد الملك
 
حكومة  معين عبد الملك ارتضت بأن تقوم بهذا الدور ، دور الكومبارس والديكور في عملية تدمير حاضر اليمن ومستقبله وتدمير الاقتصاد وبيع السيادة ونهب الآثار وتدمير كل المجالات الحيوية باليمن ولذا تتحمل نصيبها من الوزر وتتحمل مسؤولية كبيرة كونها ارتضت بالقيام بهذا الدور الإجرامي وكونها ارتكبت الخيانة العظمى وصمتت على احتلال الإمارات والسعودية لأرخبيل سقطرى وتحويله إلى قاعدة عسكرية إماراتية اسرائيلية ، وهو ما تكرر في جزيرة ميون بريم بباب المندب حيث تحولت إلى قاعدة عسكرية إماراتية إسرائيلية ، بينما صمتت الحكومة عن كل هذه الاختراقات الخطيرة للأمن اليمني والعربي وكل ما فعلته أنها أعلنت عن تشكيل لجنة تقصي الحقائق وذلك لدفن هذه الخيانات وإهالة التراب على هذه القضايا المصيرية واسكات الرأي العام ، بينما لم يسمع أحد بعد ذلك بما عملت لجنة تقصي الحقائق التي شكلتها الحكومة لتقصي الحقائق في سقطرى ولا بلجنة التحقيق التي شكلتها الحكومة لتقصي الحقائق في جزيرة بريم ميون في باب المندب ، إذ لا يعدو الامر مجرد خبر صغير تم نشره لإسكات الرأي العام ولشراء الصمت عن كل ممارسات الإمارات والسعودية التدميرية في اليمن وهي ممارسات تؤكد ضلوع هذه الحكومة في ارتكاب الخيانة العظمى وبيع جزر اليمن وثرواته وأرضه وحاضره ومستقبله للسعودية والإمارات ولإسرائيل أيضا دون أن يرف لها جفن وكأنها لا تبيع وتتاجر بحاضر اليمن ومستقبله .!!
 
لا خلاص لليمن ولليمنيين إلا بإنهاء نفوذ ووجود التحالف وقواته في اليمن والقضاء على أدواته المدنية ممثلة بحكومة معين عبد الملك والقضاء على أدواته المسلحة ممثلة بالمليشيا في الشمال والجنوب ، ما لم فإن اليمن سيمضي إلى نفق أكثر ظلاما وسيظل يدور في مربع الفوضى والأزمات وعدم الاستقرار ، رفعت الأقلام وجف الصحف .
 

التعليقات