تقسيط الموت
الاربعاء, 29 ديسمبر, 2021 - 03:15 مساءً

ظننت أن ما تعيشه صنعاء حالة لا تشابهها أي حالة. فالحرب الظالمة تترك يوما بعد يوم أثارها، جدران تغطيها شعارات القتال، صور قتلى الجبهات.. صور القادة مع عبارات التعظيم. حتى كنت في عدن، جابهتني نفس المظاهر. فما تبقى من جدرانها تغطيها ما يشابه شعارات صنعاء وصور القتلى والقادة.
 
المارة بملابس عسكرية، صباح مساء. حتى أنهم ينامون بها. فلا يملكون ملابس أخرى، كذلك أكثر الناس مثل ما في صنعاء يسيرون حفاة.. وقلة يلبسون شنابل، وقلة قليلة صنادل.. وندرة ما يرى أحدهم يلبس حذاء مقفلة. لكن المفارقة أن النساء يسرن منتعلات أحذية مقفلة. ونادر ما ترى إحداهن بصندل أو حذاء مكشوف!. أتابع تلك التحولات  متمتما "إنها الحرب". حتى أن هشاشة الكائنات متشابهة. فالناس يتشاركون ملامح كئيبة متربة، ضامرة. الإنهاك باديا على محياهم، وقد غزت وجوه الصغار شيخوخة مبكرة.
 
لم يقتصر أوجه التشابه بين المدينتين على البشر، بل أن جدران المباني. قد شوهتها القذائف الثقيلة، وصواريخ الغارات. وحولت بعضها إلى أنقاض. وتلك التي لم تطالها القذائف تنخرتها الرطوبة والإهمال، أحياء بأكملها أيلة للسقوط، بعض تقف جدرانها العارية. وبعظها برزت أحشاء، وكثيرة التي سقطت سقوفها وتهاوت جدرانها. أحياء قديمة، كالخور وكريتر والتواهي. كما هي في صنعاء العتيقة وقاع اليهود... تكدس المخلفات هي الأخرى غيرت ملامح الشوارع، تلك التي تنتشر مناظرها في كل مكان، بعضها أمست أكوام مألوف، بالذات في الزوايا وأطراف الساحات والأزقة. ولم يتوقف التشابه عند ذلك بل سادت عشوائية الشوارع، باكتظاظ السيارات وقد تحولت الشوارع إلى مواقف للسيارات، تزاحمها سلع باعة أفترشوا كل شيء الأرصفة وأطراف الشوارع.
 
إنها الحرب الحرب، وحدت المدينتين، ووحدتنا نموت بالتقسيط!
 

التعليقات