أمــــــة معرضة للخطـــــر
الثلاثاء, 04 أكتوبر, 2016 - 04:41 مساءً

أعترف أن عنوان مقالي هذا مستعار من تقرير حول حتمية إصلاح التعليم مقدم من اللجنة الوطنية المكلفة بدراسة وسائل التعليم في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1983.
 
(2)
 
أقر الكنجرس في الولايات المتحدة الأمريكية قانون (جاستا) رغم الفيتو الرئاسي، الذي يسمح بمقتضاه لأسر ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 بمقاضاة المملكة العربية السعودية كدولة بتهمة الإرهاب. هذا القانون أثار جدلا كبيرا في أكثر من دولة عبر العالم بما في ذلك روسيا الاتحادية، علما بأنه قد صدرت براءة المملكة العربية السعودية أمريكيا من تلك التهمة الظالمة.
 
المملكة العربية السعودية ليست مستهدفة بمفردها في هذا القانون الرهيب، وإنما كل دول مجلس التعاون دون استثناء، يقول الرئيس الأمريكي أوباما "أن الدول الخليجية أغدقت الأموال وأوفدت أعدادا ضخمة من الأئمة والمدرسين إلى إندونيسيا في تسعينيات القرن الماضي مولوا بشكل مكثف المدارس والمعاهد التي تعلم النمط الأصولي من الإسلام، وبذلك انتقلت إندونيسيا من إسلام توفيقي إلى نموذج أكثر تعصبا" يؤكد الرئيس الأمريكي أوباما والكثير من أعضاء إدارته بأن الإسلاميين الذين شاركوا في أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 من أتباع الإسلام السني وليس الشيعي، هذه الكلمات لها دلالات ولم يُدل بتلك الأقوال على عواهنها، من هنا نجد التقرب إلى إيران إلى حد الإشادة بقياداتها ومفكريها ومناشدة دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة أن تتقاسم مع إيران إدارة المنطقة.
 
(3)
 
دأب بعض المشتغلين بالقلم في دول مجلس التعاون مناشدة القراء العرب خاصة موطني الدول الخليجية بعدم التهويل والتخوف من قانون (جاستا) الرهيب، فهو قانون عبارة عن دعاية انتخابية كما ذكروا، صدر في عز التنافس الانتخابي على الصعيد الرئاسي والبرلماني أي الكونجرس بمجلسيه النواب والشيوخ، وراح البعض يؤكد أن الكونجرس القادم والرئيس المنتخب لن يفعّلوا ذلك القانون. أقول لأصحاب النوايا الحسنة من المشتغلين بالقلم هنا، إن ما تقولون به قد يحدث في عالمنا العربي أما في أمريكا فلن تستطع أي جهة مهما علا منصبها، أن يمنع أي مواطن أمريكي من التوجه إلى القضاء بدعوى ضد فرد حاكما كان أو دولة مطالبا بتعويض عما لحق به أو بأسرته من أضرار، ولن تمتنع أي محكمة على أي مستوى كانت من النظر في أي دعوى ترفع أمامها، من أي مواطن وقد تحكم لصالحه إذا ثبتت صحة دعواه. الدليل أن الأمريكية استيفاني روس دي سيموني رفعت أول دعوى أمام أحد المحاكم الأمريكية في واشنطن في 30 / 9 / 2016 بعد يومين فقط من دخول قانون يسمح للمواطنين الأمريكان بمقاضاة حكومات دول أجنبية بزعم أنها قامت بدور في أي هجمات إرهابية على الأراضي الأمريكية (وكالة بلومبيرج الأمريكية للأنباء)، وعلى ذلك فإني أطالب كل صاحب رأي عدم التهوين من شأن هذا القانون الرهيب. نحن لسنا في مجال الطمأنة، أمتنا تواجه خطرا داهما يجب أن نعترف بذلك.
 
البعض ذهب إلى القول إن المتضرر الأكبر إن لم يكن الوحيد من هذا القانون، هو إيران وليس نحن أهل الخليج العربي، ولست أدري على أي أساس استندوا على هذا القول، إلى جانب أن إيران لا تملك أي استثمارات أو ودائع أو سندات في أمريكا تضاهي ما لدول الخليج العربية. ويؤكد الرئيس الأمريكي وإدارته ومعظم القيادات السياسية في الغرب القول بأن الإرهاب هو"الإسلام السني" ونحن القلب من الإسلام السني وغيرنا أطراف، ويعتبرون "الإسلام الشيعي" إسلام براجماتي وعلى النقيض من أنصار السنة والجماعة.
 
(4)
 
المهم القانون صدر وأقر من قبل الهيئة التشريعية العليا في الولايات المتحدة الأمريكية فما العمل لمواجهة ذلك القانون الرهيب؟ الرأي عندي (1) أن تدرك جميع دول مجلس التعاون الخليجي إدراك اليقين أنها في خطر وأموالها واستثماراتها في أمريكا أيضًا في خطر بعد صدور هذا القانون، ولو جُمد لفترة فإنه سرعان ما يستدعي عند أول ذبذبة تحدث في المنطقة. أن السعودية ليست هي المستهدفة بمفردها فأنظمة الحكم هنا متشابهة وتوصف حسب توصيف الرئيس الأمريكي أوباما بأنها أنظمة قبلية تسود فيها قواعد الظلم والاستبداد والفساد وانعدام الديمقراطية.(2) الإسراع في حسم المسألة اليمنية بوحدة القوة والصف والكلمة لدول الخليج العربية، لا بالتراجع أو الانصياع للتهديدات من أي طرف دولي أو إقليمي بل بتحقيق الهدف بعودة الشرعية إلى سابق عهدها قبل سبتمبر العام الماضي، وإنهاء مسألة الحزب الحوثي المسلح والقبول به كحزب سياسي كغيره من الأحزاب اليمنية غير المسلحة، والإصرار على تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي بحق الرئيس المخلوع على عبد الله صالح. (3) الإسراع بتوحيد العملة الخليجية، والمالية العامة، وتشكيل الجيش الخليجي الموحد العقيدة والإسراع في إعداد خطة تصنيع عسكري يغني المنطقة عن حاجتها لاستيراد السلاح إلا في الأسلحة المتعلقة بالطيران العسكري والمضادات للطائرات وتصيد الصواريخ البالستية (4) توحيد الصناديق السيادية، والاستثمارات الخارجية، وكل بحصته وتشكل إدارة موحدة يتكون مجلسها من وزراء المالية والتخطيط في الدول الأعضاء، ويتناوب الوزراء رئاسة مجلس الإدارة حسب الأحرف الأبجدية سنويا أو كل نصف سنة. (5) تقوية وتوحيد العلاقات الخليجية ـــ التركية فهي السند الوحيد اليوم لدول الخليج العربية (6) الإسراع في اعتماد الصيغة الفيدرالية في المنطقة والاتجاه نحو الصين فهي الدولة العظمى التي لم تشن على العرب أي حرب كما فعلت الدول الغربية وأمريكا وروسيا الاتحادية.
 
آخر القول: كانت زيارة الأمير محمد بن نايف آل سعود لتركيا تمثل نقطة تحول في السياسة الخارجية السعودية بعد صدور القانون الأمريكي الرهيب، مطلوب منا أهل القلم والرأي في خليجنا العربي تشكيل خط الدفاع الأول عن دولنا وأنظمتنا السياسية ونؤجل كل اجتهاد أو اختلاف مع هذه الأنظمة في الوقت الراهن. الخطر يداهمنا.
 
الشرق القطرية
 

التعليقات