هل يتخلى بايدن عن حقوق الإنسان مقابل العلاقة مع الرياض؟
- متابعات الجمعة, 24 يونيو, 2022 - 01:09 صباحاً
هل يتخلى بايدن عن حقوق الإنسان مقابل العلاقة مع الرياض؟

نشر معهد واشنطن للدراسات، مقالا للكاتب دينس روس، السفير والمساعد الخاص السابق للرئيس الأمريكي باراك أوباما، قال فيه إن جو بايدن سيظل قادراً على وضع حدود مع الرياض - بينما يعالج قضايا رئيسية أخرى مثل الأمن القومي، وارتفاع تكاليف الطاقة، والتطبيع مع "إسرائيل".

 

ورأى الكاتب أن الرؤساء الأمريكيين يواجهون صعوبة في كيفية تحقيق التوازن بين المصالح والقيم في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، مشيرا إلى أن واشنطن لطالما دافعت عن المبادئ الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان. ومع ذلك، لطالما حافظت أيضاً على علاقات وثيقة مع الدول التي كانت غير ديمقراطية وتنتهك حقوق الإنسان.

 

واعتبر أنه "يتعين على الرؤساء الأمريكيين اتخاذ الخيارات وتحديد الأولويات - وهذه الخيارات، تبدو في كثير من الأحيان، وكأنها تدل على تقديم المصالح على القيم".

 

وأشار إلى أن مخطط بايدن لزيارة السعودية في الشهر المقبل، تثير الانتقادات لأنه يتسامح مع السعوديين ويرُدّ الاعتبار لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، دون المحاسبة على عملية القتل الشنيعة التي ارتُكبت بِحقّ الصحفي جمال خاشقجي.

 

وأضاف: "يتصرف أولئك الذين ينتقدون الآن الزيارة المرتقَبة للرئيس بايدن كما لو أنه ليست هناك اعتبارات أخرى. لكنّ هذه الاعتبارات قائمة في الواقع".

 

ونبه إلى أن الغزو الروسي لأوكرانيا شكل حدثاً مزعزعاً على الصعيد الدولي، كما أن فرض تكلفة حتمية على روسيا يتطلب بذل كل ما في وسع الولايات المتحدة لحرمانها من عائدات النفط التي تساعد على دعم مجهودها الحربي، لكنّ إخراج أكبر قدر ممكن من النفط الروسي من السوق يؤدي أيضاً إلى ارتفاع الأسعار ويتطلب التوسع في إنتاج النفط من أجل التعويض عن بعض الخسائر. والسعودية هي الدولة الوحيدة في العالم التي تتمتع بقدرة احتياطية ملحوظة على إنتاج النفط.

 

ووفق الكاتب فإن الحرب التي شنتها روسيا تذكر بأنه لا يوجد شيء يُدعى الاستقلال النفطي طالما أن هناك سوقاً واحداً للنفط، ويؤدي اضطرابُه إلى تكبُّد الولايات المتحدة والدول الأخرى مستوياتٍ أعلى بكثير لسعر النفط.

 

ويشكّل بلوغ سعر الغالون الواحد في الولايات المتحدة خمسة دولارات شهادةً على ذلك.

 

وأوضح أن الاستقلال الفعلي سيتحقق عندما تحُلُّ مصادر الطاقة المتجددة محل الوقود الأحفوري، لكن الولايات المتحدة لن تبلغ هذا الواقع إلا بعد عقودٍ من الزمن، بينما قد يبقى استهلاك النفط في ذروته في السنوات القادمة المتراوحة من عشر إلى خمس عشرة سنة.

 

وتابع: "بالطبع، هناك دول أخرى مُنتجة للنفط مثل إيران وفنزويلا اللتين يمكن إضافة نفطهما إلى السوق إذا رُفعت العقوبات المفروضة عليهما. ولكن مثلما لا تريد واشنطن أن تدعم العدوان الذي تنفّذه روسيا عبر جعلها تستمر في الاستفادة من عائداتها النفطية، فإن إيران وفنزويلا تخضعان للعقوبات لأسباب وجيهة، تشمل دعمهما للإرهاب والتهديدات التي تطرحانها على أنظمتهما الإقليمية".

 

ولفت إلى أن السعودية ليست دولة ذات نزعة تحريفية تحاول قَلب الأنظمة الإقليمية والدولية. غير أن إيران وفنزويلا هما كذلك.

 

وبين أنه في حالة إيران، عندما تقوم الجمهورية الإسلامية وبشكل متزايد بإلغاء قدرة "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" على مراقبة برنامجها النووي، وقيامها بتركيب مجموعتين جديدتين من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، وتخصيبها اليورانيوم إلى درجة قريبة من صنع الأسلحة النووية، وتقليل زمن تجاوزها العتبة النووية، فهذا ليس الوقت المناسب لمنحها إمكانية ضخ النقود من خلال السماح لنفطها بالعودة إلى السوق.

 

وبحسب مستشار أوباما السابق، فإن الولايات المتحدة تخوض الآن منافسة ذات مدى أطول مع روسيا والصين، فهي تحتاج إلى توسيع تحالُف الدول التي ستعمل معها. وبالطبع، تبدأ بالدول الديمقراطية الأخرى، لكنها بحاجة أيضاً إلى دولٍ ليست ذات نزعة تحريفية، مثل السعودية، لتشكّل جزءاً من التحالف. فمواردها مهمة وليس من الحكمة إبعادها، لا سيما نظراً إلى ما هو على المحك في هذه المنافسة.

 

ورأى أنه كان بإمكان واشنطن الحفاظ على نظام قائم على القواعد أو نجاح روسيا (بدعم ضمني من الصين) في إعادة تحديد المشهد الدولي على النحو التالي: "لا يُحرَّم التعدي على الحدود، واستخدام القوة لتغييرها هو أمرٌ مشروع".

 

ويمكن للدول الأكبر أن تفرض نفسها على الدول الأصغر، ولها الحق في التمتع بمجال نفوذ يسمح لها بإملاء كلٍ من السياسات الداخلية والخارجية الخاصة بالدول والشعوب داخلها.

 

ويمكن النظر في استهداف المدنيين عن قصد بهدف الترهيب والإحباط والإخلاء من السكان.

 

إن الحيلولة دون أن تصبح هذه القواعد أساساً لنظام دولي جديد (أو اختلاله) هي مصلحة وقيمة في الوقت نفسه. وفي السياق ذاته، حين يتحدث الرئيس بايدن عن الذهاب إلى المملكة العربية السعودية، فإنه يتحدث عن تعزيز السلام. ومن الواضح أنه يريد تعزيز عملية التطبيع بين السعودية وإسرائيل. ونبه إلى أن السعوديين يعتقدون أن العلاقات مع إسرائيل حتمية، وليس فقط بسبب مخاوفهم المشتركة من إيران، بل لأن السعوديين يريدون بناء اقتصاد مرِن وقائم على المعرفة، ورؤية إسرائيل كشريك طبيعي.

 

واعتبر أن مثل هذه الشراكة ستكون مفيدة لأولئك الذين يريدون بناء شرق أوسط فيه المزيد من الأمل، كما يمكن أن يكون ذلك أيضاً جزءاً من خطة لكسر الجمود بين الإسرائيليين والفلسطينيين لأنه في كل خطوة علنية يتخذها السعوديون تجاه الإسرائيليين، يمكنهم أن يطلبوا من الإسرائيليين اتخاذ خطوة تجاه الفلسطينيين.

 

وأيٌّ من ذلك لا يتطلب من واشنطن أن تتخلى عن اهتمامها بحقوق الإنسان.

 

ويجب أن يعرف السعوديون ما الذي سيثير ردود فعل عامة من قبل الولايات المتحدة. على واشنطن أن تضع حدوداً في العلاقة وأن نُنشئ تفاهماً معهم "خالياً من المفاجآت". وتشير التحديات الدولية القائمة اليوم إلى وجود دور للولايات المتحدة في المملكة العربية السعودية - وهو دور ينطوي على مصالح واشنطن وقيمها.


التعليقات