إضراب بموانئ السودان.. شبح الإمارات يطل من صفقة مع شركة فلبينية
- الجزيرة نت الاربعاء, 20 فبراير, 2019 - 07:27 مساءً
إضراب بموانئ السودان.. شبح الإمارات يطل من صفقة مع شركة فلبينية

[ العاملون في الميناء الجنوبي يقولون إن الشركة الفلبينية على صلة بموانئ دبي (الجزيرة) ]

الإضراب العام هو ما خلص إليه العاملون في هيئة الموانئ السودانية، مساء الثلاثاء، لمقاومة خصخصة تستفيد منها شركة فلبينية، يقولون إن الإمارات تديرها من الباطن، وسط شبهات وعمولات تحيط بالصفقة.

 

ولم تجدِ مرابطة وفد حكومي رفيع المستوى ضم رئيس مجلس الوزراء معتز موسى ومساعد الرئيس موسى محمد أحمد ووزير النقل حاتم السر في بورتسودان منذ الاثنين الماضي في تليين مواقف آلاف العمال الرافضين.

 

ووقعت هيئة الموانئ السودانية في يناير/كانون الثاني الماضي على اتفاق مع شركة الخدمات الدولية لمحطات الحاويات (آي سي تي أس آي) المملوكة لرجل الأعمال الفلبيني إنريك ريزون، لإدارة وتشغيل الميناء الجنوبي للحاويات، أهم وأكبر الموانئ لعشرين سنة.

 

ومثّل الاتفاق مقصلة لآلاف العمال الذين ينحدّر أغلبهم من قومية البجا في شرق السودان، حيث يتفشى الفقر بشدة.

 

ويعمل في الميناء الجنوبي نحو 1800 عامل من جملة 13 ألفا يعملون في هيئة الموانئ، إلى جانب 37 ألف من عمال الشحن والتفريغ.

 

شبح الإمارات

 

ويوما بعد يوم تزداد الشكوك لدرجة تقترب من اليقين بأن الشركة الفلبينية ليست إلا واجهة لموانئ دبي.

 

ويقول عبود الشربيني من تجمع العاملين في الميناء الجنوبي للجزيرة نت إن الشركة الفلبينية على صلة بموانئ دبي، والدليل أن "مستر بول" رئيس عمليات شركة موانئ "بي آند أو" الذي اغتيل الشهر الحالي في الصومال كان يدير الشركة الفلبينية ببورتسودان.

 

وأدانت الإمارات اغتيال بول أنتوني فورموزا رئيس شركة ميناء بوصاصو بمنطقة بونت لاند الصومالية، الذي تديره شركة إماراتية مملوكة لموانئ دبي إثر إطلاق الرصاص عليه في الرابع من فبراير/شباط الحالي في عملية تبنتها حركة الشباب المجاهدين.

 

ومرر الشربيني صورة لمستر بول وهو يتناول الغداء في بورتسودان مع مسؤولين في الشركة الفلبينية وهيئة الموانئ السودانية قبل أشهر.

 

شركة وهمية

 

ويقول الشربيني إن الشركة الفلبينية "مجربة وفاشلة"، من واقع اتفاق مدته خمس سنوات سمح لها بالعمل في موانئ البلاد منذ عام 2013، كما أنها شركة وهمية لأنها في الحقيقة شركة إماراتية تضم مساهمين سودانيين، وفق تعبيره.

 

ويرى أن اغتيال بول جاء في توقيت مثالي حتى ينتبه السودانيون لخطورة الأمر، مشيرا إلى أن خبير تشغيل في الشركة يدعى "بابار" اكتشفنا أنه قليل خبرة لدرجة أنه لا يعرف الآلة الصغيرة من الكبيرة ولا الحاوية الفارغة من المليئة.

 

وسبق أن أبدى المستشار السابق بهيئة الموانئ والأكاديمي في مجال اقتصاديات النقل البحري أمين موسى الحاج شكوكه بشأن وجود علاقة بين الشركة الفلبينية وشركة موانئ دبي.

 

وأكد موسى للجزيرة نت أن ما يعزز هذه الشكوك أن الشركة الفلبينية ستدير الميناء الجنوبي ببورتسودان من فرعها في مدينة دبي.

 

وبموجب الاتفاق الموقع في يناير/كانون الثاني الماضي ستدير الشركة الفلبينية عبر فرعها في الشرق الأوسط بدبي محطة حاويات الميناء الجنوبي بموجب عقد امتياز لمدة عشرين عاما مع شركة "Sea Ports Corp" السودانية.

 

إعلان الإضراب

 

ومساء الثلاثاء، وفي نادي البجا بمدينة بورتسودان، عقدت منظمات المجتمع المدني ندوة خرجت بإعلان الإضراب العام بكل موانئ بورتسودان وسواكن.

 

وبحسب مسؤول الإعلام في نقابة الإصلاح بهيئة الموانئ البحرية سامي الصايغ، فإن الندوة أسفرت عن إعلان اللجنة العليا لمناهضة الخصخصة بمشاركة من عمال الموانئ ومنظمات المجتمع المدني ونواب من المجلس التشريعي لولاية البحر الأحمر.

 

وتزامنت الندوة والإضراب في الميناء الجنوبي مع مشاورات يجريها وفد الحكومة برئاسة رئيس مجلس الوزراء في بورتسودان مع ممثلين للعمال.

 

ويبدو عبود الشربيني واثقا من أن العمال لن يسمحوا بالخصخصة ومزاولة الشركة الفلبينية عملها في إدارة وتشغيل الميناء الجنوبي -أكبر الموانئ السودانية على الإطلاق- بالرغم من أسفه على عدم إنزال أي حاوية منذ الاثنين الفائت.

 

وطبقا للاتفاق بين حكومة السودان والشركة الفلبينية فيجب أن يتسلم الطرف الثاني الميناء في الربع الأول من العام الحالي.

 

وتشمل أصول الميناء رافعات وآليات مناولة في مساحة تقدر بنحو 120 هكتارا.

 

ويعتبر ميناء بورتسودان -الذي تم افتتاحه عام 1909- أكبر مرفأ بحري بالسودان والميناء الرئيسي للبلاد، وتبلغ سعة الموانئ التي يضمها 1.3 مليون حاوية سنويا.

 

مصير الأموال

 

وحصلت الحكومة السودانية بموجب عقد امتياز تشغيل الميناء الجنوبي من الشركة الفلبينية على 530 مليون يورو، دُفع منها 410 ملايين يورو، على أن يدفع الباقي بالأقساط، إلى جانب دفع مليون يورو أجرة شهرية تزيد مستقبلا إلى 1.5 مليون يورو.

 

لكن مسؤول الإعلام في نقابة الإصلاح بهيئة الموانئ البحرية لا يخفي حيرته من أن هذه الأموال لا توجد أي جهة رسمية أقرت بأنها تسلمتها، وكل من وزارتي المالية والنقل تنفيان حتى الآن تسلم أي أموال.

 

ويقول القيادي في مؤتمر البجا حسن أوهاج للجزيرة نت إن "العقد يمكن إلغاؤه وإرجاع المبلغ، لكن العمولات هي الفضيحة الكبرى".

 

ويشير إلى أن الشركة كشف أمرها وثبت أنها إماراتية بعمالة فلبينية وسودانيين لهم أسهم في الشركة، محذرا من أن الموانئ ليست مجرد وظائف، لكنها حاضنة اجتماعية لكل السودانيين.

 

ماذا عن العمال؟

 

وبدأت اللجنة العليا لمناهضة خصخصة الموانئ عملها بتشكيل واسع يضم وكلاء التخليص وشركات الملاحة البحرية وعمال الشحن والتفريغ.

 

ولوح المتحدث باسم اللجنة محمد أحمد مختار بتصعيد مناهضة الخصخصة بكل السبل، وعدم تسليم الميناء الجنوبي لشركة أجنبية وفق اتفاقية "كارثية ومشبوهة" لا تخدم السودان، كما يقول.

 

وانتقد الدولة لعدم طرحها أي معالجات بديلة لامتصاص آثار الاتفاقية، متهما قيادات -لم يسمها- في العاصمة الخرطوم بتحقيق مصالح شخصية من وراء الاتفاقية.

 

في المقابل، تعهد وزير النقل حاتم السر بعدم تشريد عمال الميناء الجنوبي وحفظ حقوقهم.

 

وأكد أن اجتماع اللجنة العليا لمعالجة أوضاع تشغيل الميناء وجهت بتحقق التطوير والتحديث وزيادة كفاءة الميناء الجنوبي الذي تمر عبره الصادرات الواردات.

 

وستبقى اللجنة، وفقا للوزير في بورتسودان لتلتقي كل الأطراف وتستمع إلى وجهة نظرها، مقابل طرح وجهة نظر الحكومة حول الأمر.

 

وبحسب تسريبات، فإن اللجنة الحكومية تعمل على إقناع الشركة الفلبينية لاستيعاب ثمانمئة من عمال الميناء الجنوبي، وهي خطوة إن مضت لن تعصم نحو ألف عامل من التشريد، عدا المصير المجهول الذي ينتظر الآلاف من عمال الشحن والتفريغ.


التعليقات