تظاهرت حشود من السودانيين في شوارع الخرطوم رفضا لبيان الجيش الذي أعلن تشكيل مجلس عسكري انتقالي يحل محل الرئيس عمر البشير. وبعد أن كان المتظاهرون يهتفون "تسقط بس" ضد البشير، صاروا اليوم يرددون "تسقط تاني".
وتحولت مشاعر المتظاهرين، المعتصمين أمام القيادة العامة للجيش السوداني لليوم السادس، من الاحتفال بالأنباء الأولى لرحيل البشير، إلى غضب واستنكار لبيان الجيش الذي أعلن تعطيل الدستور وبدء مرحلة انتقالية تستمر عامين.
وأعلن تجمع المهنيين السودانيين الذي قام بدور بارز في تنظيم الاحتجاجات الشعبية منذ أواخر العام الماضي رفضه لبيان الجيش الذي تلاه وزير الدفاع، ودعا التجمع كل المحتجين إلى مواصلة التظاهر حتى يتحقق "التغيير الشامل المنشود".
وبث التلفزيون السوداني في وقت سابق اليوم الخميس البيان الأول للجيش الذي قرأه وزير الدفاع عوض بن عوف معلنا "اقتلاع النظام والتحفظ على رأسه بعد اعتقاله في مكان آمن" في إشارة إلى عمر البشير.
كما أعلن بن عوف تعطيل الدستور وإعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر وتشكيل مجلس عسكري لإدارة شؤون البلاد لفترة انتقالية مدتها عامان تجرى في نهايتها انتخابات. وكذلك أعلن وزير الدفاع وقف إطلاق النار الشامل في جميع ربوع البلاد.
"انقلاب عسكري"
وقال تجمع المهنيين السودانيين -وهو كيان نقابي مستقل- في بيان إن سلطات النظام نفذت "انقلابا عسكريا تعيد به إنتاج ذات الوجوه والمؤسسات التي ثار الشعب السوداني عليها".
وأضاف البيان أن "من دمروا البلاد وقتلوا شعبها يسعون لسرقة كل قطرة دم وعرق سكبها الشعب السوداني العظيم في ثورته التي زلزلت عرش الطغيان".
وقال صلاح شعيب المتحدث باسم تجمع المهنيين للجزيرة إن وزير الدفاع قام "بتمثيلية جديدة" وإن بيانه "يبقي على الدولة العميقة"، مؤكدا أن ما جرى هو "انقلاب جديد ومحاولة للمراوغة وسنستمر في نضالنا". وأضاف المتحدث أن "الشعب سيتمرد على سلطة بن عوف وأي سلطة تحاصر أحلامه".
ودعا تجمع المهنيين الشعب السوداني إلى المحافظة على اعتصامه أمام مباني القيادة العامة للقوات المسلحة وفي بقية الأقاليم والبقاء في الشوارع في كل مدن السودان إلى حين تسليم السلطة إلى حكومة انتقالية مدنية تعبر عن قوى الثورة، وفقا للبيان.
وأشار بيان التجمع إلى أن "قوى إعلان الحرية والتغيير" -التي تشكلت مع اندلاع الاحتجاجات ضد البشير في ديسمبر/كانون الأول الماضي- ترفض ما ورد في بيان من سماهم "انقلابيي النظام".
وذكر المتحدث باسم التجمع أنه لا حوار بين قوى إعلان الحرية والتغيير وبين من تسلموا السلطة الآن.
وضمن ردود فعل القوى السياسية، قال رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، وهو أيضا أحد قادة قوى إعلان الحرية والتغيير، إن بيان وزير الدفاع مرفوض جملة وتفصيلا، ويمثل محاولة لإعادة إنتاج نظام البشير، مطالبا "بإسقاط النظام بكامل أجهزته ورموزه".
وأضاف الدقير أن قوى إعلان الحرية والتغيير تدعو إلى مواصلة الاعتصامات في كافة مناطق البلاد لحين تلبية كافة مطالب المتظاهرين.
من جهته، قال فتح الرحمن البدوي القيادي في الحزب الاتحادي الديمقراطي إن الحزب يرفض بيان الجيش جملة وتفصيلا. وأكد رفض تولي أي من قادة الجيش -الذين اعتبرهم جزءا من النظام السابق- تسيير أمور البلاد.
في السياق نفسه، قالت مريم الصادق المهدي القيادية في حزب الأمة القومي للجزيرة إن النظام نفذ انقلابا عسكريا وإن بيان وزير الدفاع "امتهان للجيش السوداني وكرامته".
وأضافت أن ما قاله الوزير يعبر عن "توازنات داخل نظام البشير"، داعية الشعب السوداني إلى مواصلة التظاهر في الميادين.