أبو ظبي ولعبة تبديل السياسات بالمنطقة
- الجزيرة نت الخميس, 01 أغسطس, 2019 - 09:36 صباحاً
أبو ظبي ولعبة تبديل السياسات بالمنطقة

[ قائد قوات حرس الحدود الإيراني قاسم رضائي مع قائد قوات خفر السواحل الإماراتي محمد علي مصلح الأحبابي (مواقع إيرانية) ]

التحولات الحاصلة والسريعة في سياسات الإمارات تجاه قضايا وملفات عديدة خاصة بالمنطقة، يمكن وصفها باللعبة الاستراتيجية التي تخوضها أبو ظبي وفق تكتيكات مناسبة لكل موقف يخدم إستراتيجيتها بعيدة المدى.

 

من التحولات التي لن تكون الأخيرة ما جرى للموقف الإماراتي من القوة الإقليمية الأولى النشطة بالخليج (إيران) التي ترتفع الأصوات الإماراتية ضد سياساتها حينا وتنخفض أحيانا أخرى، تبعا للأجواء السياسية الغالبة وكيفية إدارة مصالحها وفق ما يدور في تلك الأجواء.

 

منذ تفجر أزمة النووي بين إيران وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووصولها إلى مستوى قال كثيرون إنها الحرب لا غيرها، حيث كانت أبو ظبي بمعية الرياض -وبشكل ضمني مع توجهات ترامب القاضية بتوجيه ضربة عسكرية نوعية تبعثر أوراق إيران، بعد استفزازها أو استدراجها لشرك أو فخ معين- حتى إن شكوكا كثيرة ما زالت تحوم حول التخريب الذي طال أربع ناقلات في ميناء الفجيرة الشهر الفائت، وأنها أشبه بفخ يراد لطهران أن تقع فيه، فيسهل اصطيادها عسكريا.

 

بل إن أصواتا وأقلاما إماراتية لها ارتباط بجهات رسمية، أشارت بأصابع الاتهام إلى إيران فورا قبل أن تبدأ التحقيقات، حتى أدركت أبو ظبي خطورة ذلك التسرع فبدأت بلملمة الأمر قبل أن يتعقد، مما جعل طهران تندد مرات عدة بالتخبط الإماراتي في تعاملها مع الدولة الإيرانية، وكان أبرز أشكال التنديد دعوة نحو أكثر من خمسين نائبا في البرلمان الرئيس حسن روحاني لإعادة النظر في العلاقات مع الإمارات على كل المستويات بسبب مواقف أبو ظبي المعادية -بحسب وجهة نظرهم- وتوافق سياساتها مع العداء الأميركي لطهران.

 

أبو ظبي والرياض ضد إيران

 

دخلت أبو ظبي بشكل واضح مع الرياض على خط معاداة طهران، ودعمهما لتوجهات ترامب المتقلبة أيضا نحو إيران، منذ أن بدأت الأزمة بين واشنطن وطهران. لكن شعرت كل من أبو ظبي والرياض مؤخرا أن التعويل على ترامب في ضبط السلوك الإيراني كما تريده العاصمتان لن يجدي نفعا.

 

وكعادتها (أبو ظبي) في سرعة التحرك والخروج من مواقف الأزمات، انسحبت بشكل مفاجئ من مشهد التعاضد مع ترامب ومواجهة إيران، كما فعلتها المرة الأولى حين اشتد الضغط الدولي على كارثة حرب اليمن، وكثرت أصابع الاتهام الموجهة للعاصمتين في الكارثة الإنسانية الحاصلة بهذا البلد، والتي على إثرها أسرعت أبو ظبي في خطوة أسمتها إعادة تموضع لقواتها، وهي في الحقيقة -التي ستكشفها الأيام بشكل أوضح- لم تكن سوى انسحاب تكتيكي تدريجي من المستنقع اليمني، حتى إذا ما وقع أي أمر أو فعل دولي تجاه الأزمة ستكون هي على مسافة أمان مناسبة، أو هكذا تعتقد أبو ظبي.

 

إذن وقبل أن يبرد النقاش حول الانسحاب الإماراتي من اليمن تحت أي مسمى كان، قامت المنطقة فجأة على خبر تواصل إماراتي إيراني فيما يتعلق بشأن أمن السواحل، حيث تم تفعيل الاجتماعات الدورية بين أمن السواحل الإماراتي والإيراني التي توقفت منذ 2013، في إشارة إلى رغبة إماراتية واضحة في التعاون مع الجانب الإيراني في مسألة أمن مياه الخليج الذي تعسكر وامتلأ بالبوارج والسفن الحربية الأميركية والبريطانية، في مشهد يعيد إلى الأذهان أجواء وظروف حرب الناقلات أيام الصراع الدموي بين العراق وإيران في ثمانينيات القرن الفائت.

 

الأسئلة تتكاثر

 

-  ماذا عن الرياض والتحالف مع أبو ظبي؟

 

- كيف اتخذت أبو ظبي قرارا مثل هذا وتركت حليفتها تلك في مواجهة مجهولة مع الحوثي، وهي بأمس الحاجة إلى التعاون؟

 

- هل هي ضربة ثانية من أبو ظبي لحليفتها في أقل من أسبوعين؟

 

- كيف تفسر الرياض هذا التحرك الإماراتي المفاجئ -للشعوب على أقل تقدير- لأنه من غير الواضح إلى الآن إن كان الإجراء الإماراتي فرديا أم بتفاهم مع السعودية، تمهيدا لتهيئة الأجواء لتعاون سعودي إيراني قادم قريب كنظرية ثانية تحتمل الصواب؟

 

- هل هناك تحركات أخرى مفاجئة لأبو ظبي تصحو الرياض عليها، وخاصة أن الأسلوب الإماراتي السياسي وطريقة تعاملها مع الملفات المختلفة بات شبه واضح للمراقبين؟

 

الأسئلة لا تقف عند هذا الحد، خاصة مع التبدل التدريجي الواضح لمواقف القوتين الكبريين المتنازعتين في المنطقة (إيران والولايات المتحدة) وهو ما يدعو أي مراقب لمزيد ترقب وتركيز.

 

التبدل السريع في المواقف من لدن أبو ظبي ربما يدعو الرياض إلى إعادة النظر في كثير من تفاهمات وتحالفات سابقة مع جارتها، ومن المتوقع ألا ينتهي صيف الخليج الساخن هذا إلا وقد فترت العلاقة بين العاصمتين في كثير من الملفات، بل ربما تجد الرياض نفسها وحيدة في غالبية تلك الملفات، ولات حين مناص.


التعليقات