في مدينة الأحلام "نيوم".. قصور ملكية تعلو على أنقاض قرى البسطاء
- الجزيرة نت الخميس, 07 مايو, 2020 - 02:33 مساءً
في مدينة الأحلام

منذ أكتوبر/تشرين الأول 2017 أطلق ولي العهد السعودي محمد بن سلمان العنان لأحلام السعوديين حين وعدهم بـ"مشروع القرن" مدينة نيوم التقنية والترفيهية، غير أنه بعد نحو 3 سنوات لم يجن السعوديون سوى تدمير بيوتهم وتشييد قصور ملكية بدلا منها في "المدينة الحلم".

 

وتؤكد صور حصلت عليها الجزيرة أن مشروع نيوم يسير بخطى متعثرة باستثناء القصور الملكية الضخمة التي شيدت على مساحة مليونين و350 ألف متر مربع، وفي محيطها 24 مبنى للحراس والعمال، وقد بنيت على النمط الإسلامي والطراز المغربي، وتربط بينها أنفاق تحت الأرض، كما توجد فيها عشرة مهابط لطائرات مروحية.

 

وكان بن سلمان أعلن أن مشروع نيوم سيتكون من 12 مدينة حديثة بمقاييس عالمية تعتمد على التقنيات المتقدمة في إطار إصلاحات تهدف لخلق وظائف وتشجيع الاستثمارات الأجنبية وتوفير المزيد من الحريات للسعوديين، كما تصل تكلفته إلى 500 مليار دولار.

 

وفي الوقت الذي يتطلب فيه البدء بأي مشروع العمل على البنية التحتية وإعطاء أولوية للمصالح العامة للناس فإن الصور تظهر أن أي من مشاريع البنى التحتية لنيوم لم ينجز باستثناء القصور الملكية التي شيدت على أنقاض مبان كانت موجودة حتى نهاية 2017، بالتزامن مع البدء في تشييد تلك القصور التي بدأ العمل عليها في 2017 وانتهى في فبراير/شباط 2020.

 

ويمر المشروع بمرحلتين تشملان 8 قرى في تبوك على طول ساحل البحر الأحمر، وتضم المرحلة الأولى قرى شرما والخريبة والعصيلة وقيال، بينما تشمل المرحلة الثانية قرى المويلح والصورة والبدع ومقنا.

 

ففي قرية شرما التي تعد الأكثر تضررا من المشروع بدأت أعمال تشييد منتجع وفندق في مارس/آذار 2018 جنوبي القرية ولم تنته عمليات البناء حتى الآن، بينما شيدت قصور ملكية ضخمة ومطار صغير، ويتوسط القصور قصر ملكي ضخم بمساحة 31 ألف متر مربع.

 

وفي صيف 2019 توجه الملك سلمان ومعه وفد كبير من المرافقين والأمراء والمستشارين في البلاط الملكي ليقضوا "بعض الوقت من أجل الراحة والاستجمام"، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية حينها.

 

وكانت مصادر كانت قد أبلغت وكالة رويترز في فبراير/شباط 2018 أن الحكومة طلبت من شركات محلية بناء خمسة قصور للملك ولولي العهد وأعضاء كبار آخرين في الأسرة المالكة على ساحل البحر الأحمر على بعد 150 كيلومترا تقريبا غربي مدينة تبوك، وتلك المشروعات من بين أول العقود التي تم إرساؤها بخصوص نيوم.

 

وذكرت الوكالة أن تشييد بعض تلك القصور على الأقل قد اكتمل خلال شهور بتكلفة لم يتم الكشف عنها.

 

في المقابل، استحوذت الحكومة السعودية على أراض وقرى بعد أن أجبر ساكنوها على تسليمها، وتظهر الصور أن نحو 4000 وحدة سكنية سيكون مصيرها الزوال ضمن ثماني قرى سيقوم مشروع الحلم لولي العهد السعودي على أنقاضها، كما ستدمر مساحات زراعية واسعة على امتداد مشروع نيوم الذي يمتد على ساحل البحر الأحمر بطول يصل إلى 300 كيلو متر وعلى مساحة إجمالية تبلغ 26.5 ألف كيلومتر مربع.

 

وعلى عكس الوعود التي أطلقها ولي العهد السعودي بأن تكون مدينة "ريفيرا" أول مدن نيوم جاهزة عام 2020 وأن يتم الانتهاء من بقية المدن في السنوات الخمس اللاحقة فإن الصور تظهر أن هذه المدن ما زالت حبرا على ورق، ولم تقم لها أي قائمة بعد على أرض الواقع.

 

وسيفقد سكان القرى مصادر رزقهم من الصيد والزراعة بعد أن فقدوا بيوتهم ومنازلهم، كما سيطال التدمير الآثار السياحية التي تكتنزها تلك المناطق.

 

وكان أفراد من قبيلة الحويطات -التي تقع أراضيها ضمن حدود مشروع نيوم- اعترضوا على مخطط السلطات لترحيلهم من أراضي أجدادهم، رافضين ما وعدتهم السلطات من مساكن بديلة وتعويضات مالية.

 

وتقول علياء أبو تايه الحويطي -وهي أحد أفراد القبيلة وناشطة سياسية مقيمة في لندن- إن القبيلة ترى في نيوم مشروعا سيقام على دمائها وعظامها.

 

وأضافت علياء في حديث لصحيفة غادريان البريطانية أن المشروع لن يكون بالتأكيد لصالح أفراد القبيلة التي يعيشون هناك، بل هو موجه للسياح وللأثرياء.

 

وقد مثل مقتل عبد الرحيم الحويطي في 13 أبريل/نيسان الماضي برصاص قوات الأمن على إثر رفضه الترحيل من منزله علامة فارقة على التوتر الحاصل بين قبيلة الحويطات وسلطات الرياض وخططها لإقامة مشروع نيوم.


التعليقات