ميدل إيست آي: تحالف الإمارات وإسرائيل يستهدف تركيا وليس إيران
- الجزيرة نت الإثنين, 14 سبتمبر, 2020 - 08:49 صباحاً
ميدل إيست آي: تحالف الإمارات وإسرائيل يستهدف تركيا وليس إيران

[ ميدل إيست آي يرى أن تقرّب الإمارات من إسرائيل مرده خوفها من تصاعد النفوذ التركي بالمنطقة (رويترز) ]

قال موقع ميدل إيست آي (Middle East Eye) الإخباري البريطاني إن التحالف الإماراتي الإسرائيلي لا يستهدف إيران كما هو مزعوم، بل تركيا التي "يشكل نفوذها في المنطقة تهديدا لحكام الخليج".

 

ويؤكد رئيس تحرير الموقع ديفيد هيرست في مقال له أن المحللين أصابتهم الحيرة إزاء خطة السلام الأميركية بالشرق الأوسط، المعروفة إعلاميا بـ"صفقة القرن"، والتي أماط عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب اللثام قبل أشهر من إعلان الإمارات أنها بصدد الاعتراف بإسرائيل في إخلال بالوضع الذي ظل قائما بألا تطبيع إلا بعد أن يقيم الفلسطينيون دولتهم.

 

وتساءل هيرست عن المغزى وراء بذل ترامب جل طاقته من أجل إبرام صفقة يقاطعها القادة الفلسطينيون وترفضها الدول العربية، ولن يُكتب لها النجاح. واستطرد قائلا "إن إعلان أبو ظبي عن تطبيع علاقاتها مع إسرائيل لم يقدم إجابة عن ذلك السؤال".

 

ورغم أن كلا من البحرين وصربيا وكوسوفو أعلنت أنها ستحذو حذو الإمارات، فإن دولا كبيرة أو ذات كثافة سكانية رفضت مثل تلك الخطوة، إذ لم تنضم إليها دول مثل السعودية أو السودان أو سلطنة عمان أو الكويت.

 

فإذا لم يكن الفلسطينيون هم الهدف المنشود من وراء هذه الصفقة، فمن هم المستهدف؟ يتساءل الصحفي البريطاني قبل أن يجيب بالقول إن هدف جاريد كوشنر كبير مستشاري الرئيس ترامب وصهره "يهودي وقومي الطابع ألا وهو إقامة دولة إسرائيل الكبرى كحقيقة دائمة على أرض الواقع".

 

لكن ضد من ينشد هذا التحالف الإماراتي الإسرائيلي الدفاع عن نفسه؟ فلطالما ظلت إسرائيل لبعض الوقت تقول للدبلوماسيين العرب إنها ما عادت تعتبر إيران تهديدا عسكريا، حتى إن رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) يوسي كوهين أبلغ المسؤولين العرب أن إيران "يمكن احتواؤها".

 

كما كان ترامب على وشك الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران، إلا أنه غض الطرف عن ذلك، حسب تعبير ميدل إيست آي.

 

تهديد إيران

 

ولما ردت إيران على اغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، ببغداد في يناير/كانون الثاني الماضي بإطلاق وابل من الصواريخ على القوات الأميركية بالعراق، لم يجد ترامب بدا من حل القوة الضاربة التي قام هو نفسه بتجميعها في الخليج.

 

ويعود هيرست ليتساءل مرة أخرى "إذا لم تكن إيران هي المستهدفة من التحالف الإماراتي الإسرائيلي الناشئ، فمن تكون إذن؟".

 

غير أن الإجابة عنه أتت هذه المرة -كما يقول رئيس تحرير الموقع البريطاني- في شكل سلسلة من البيانات هذا الأسبوع صدرت في أعقاب اجتماع لجامعة الدول العربية في القاهرة. لم تكن الدولة المستهدفة أو "العدو الحقيقي" سوى تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO).

 

ويضيف أن "الغزاة الأجانب الجدد الذين يهددون العالم العربي ليسوا الفرس ولا الروس بطبيعة الحال، بل الأتراك".

 

ويمضي الكاتب إلى القول إن دول شرق البحر الأبيض المتوسط برمتها غاضبة جدا من تركيا بذريعة أنها تريد استعادة الحكم العثماني.

 

ومن المفارقة أن الوفد الفلسطيني الذي ترأس اجتماع الجامعة العربية كان قد أعد مسودة بيان "غاضب" يدين الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي ويعتبره "خيانة". غير أن مجلس الجامعة أسقط البيان وقرر إنشاء لجنة فرعية دائمة لرصد "العدوان التركي".

 

ولم تمر بيانات الجامعة العربية مرور الكرام في أنقرة، فقد نقل موقع ميدل إيست آي عن مصدر حكومي تركي رفيع القول إن الإمارات ظلت تضطلع بمهمة عزل تركيا على الأصعد العملية.

 

وأردف المصدر أن الإماراتيين ظلوا يشاركون في كل عمل من شأنه إقامة تحالف ضد تركيا.

 

والمفارقة أيضا أن هناك لجنة فرعية أخرى تابعة للجامعة العربية مناهضة للتطبيع مع إسرائيل لا تزال موجودة ومتمسكة بمبدأ الأرض مقابل السلام المدرج في مبادرة السلام العربية التي أطلقتها السعودية في عام 2002. لكن هذه اللجنة تم تجاهلها، إذ لم تعد إسرائيل عدو الجامعة العربية إنما تركيا.

 

ولا تقتصر جهود عزل تركيا عن محيطها الإقليمي في شرق المتوسط على الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات والجامعة العربية، فهناك أطراف خارجية أخرى.

 

ووفقا لديفيد هيرست، فإن الدور العسكري الفرنسي في دعم اللواء الليبي المتمرد خليفة حفتر في محاولته للسيطرة على العاصمة طرابلس، جرى توثيقه تماما مثل استخدامه الطائرات الإماراتية والقراصنة الروس لتحقيق تلك الغاية.

 

وخلال زيارتيه الأخيرتين إلى بيروت، أفرد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أجنحته الخطابية -وفق تعبير هيرست- حيث أعلن أنه إذا لم تضطلع فرنسا بدورها، فإن الإيرانيين والأتراك والسعوديين سيتدخلون في شؤون لبنان الداخلية بدافع من مصالحهم الاقتصادية والجيوسياسية.

 

وما انفك ماكرون يصرح بأن خلافه ليس مع الشعب التركي بل مع الرئيس رجب طيب أردوغان، بيد أن هذا التكتيك -برأي هيرست- قد جُرِّب من قبل ولم يلاق نجاحا.

 

ومهما يكن من أمر الانتقادات التي يوجهها العديد من معارضي أردوغان في الداخل التركي، فهناك أيضا من يدعمه باعتباره قائدا قوميا للسياسة الخارجية خصوصا في شرق المتوسط.

 

ومن بين هؤلاء الداعمين له رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو، الذي ما برح يسعى جاهدا لتقويض القاعدة الإسلامية المحافظة المؤيدة لأردوغان أكثر من أي سياسي تركي آخر.

 

تركيا وأردوغان

 

ويرى كاتب المقال أن أردوغان جعل من تركيا دولة مستقلة بجيش قادر على مواجهة القوات الروسية في سوريا وليبيا، وفي الوقت ذاته الاستغراق في التفاوض مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

 

ولتركيا اقتصاد يوازي حجم نظيره السعودي، كما أن جيشها مكتف ذاتيا. وقد شرعت في تصنيع طائرات من دون طيار بتقنية عالية بعد أن رفضت الولايات المتحدة وإسرائيل تزويدها بها.

 

كما أثبتت الشركات التركية أن لديها من التقنية ما يمكنها من تطوير حقول الغاز الطبيعي المكتشف حديثا في البحر الأسود، وتزويد السوق المحلي بالمنتجات التكنولوجية.

 

وأشار هيرست في مقاله إلى أن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أدرجت في تقريرها لعام 2020 تركيا ضمن قائمة المنظمات والدول التي تهدد الأمن القومي لإسرائيل، على أن التقرير استبعد اندلاع مواجهة عسكرية بين البلدين.

 

وعلق رئيس تحرير الموقع البريطاني على تقرير الاستخبارات الإسرائيلية بالقول إن "النظامين الإماراتي والسعودي الاستبداديين والدمويين ليس لديهما مثل هذا الوازع".

 

وتابع القول "إن الإمارات والسعودية تخشيان وقوف تركيا إلى جانب شعبيهما"، مشيرا إلى الصراع بين أنقرة والرياض على زعامة العالم السني حيث "ولى زمن ادعت فيه السعودية ريادتها للعالم الإسلامي السني"، ولن يعود الأمر كذلك إذا طبّعت الرياض علاقاتها مع إسرائيل في نهاية المطاف، وفق الكاتب.


التعليقات