وفد مصري رسمي في طرابلس.. هل تُطوى صفحة الخلاف بين البلدين؟
- الجزيرة نت الإثنين, 28 ديسمبر, 2020 - 09:49 صباحاً
وفد مصري رسمي في طرابلس.. هل تُطوى صفحة الخلاف بين البلدين؟

السراج (يسار) والسيسي في لقاء سابق بالعاصمة الأردنية على هامش القمة العربية (صفحة الرئاسة المصرية على مواقع التواصل)

تتجه الأنظار إلى العاصمة الليبية طرابلس التي يزورها وفد مصري رسمي رفيع المستوى، في إطار مساع جديدة لتذليل العقبات وإنهاء قطيعة دبلوماسية بين البلدين تواصلت لسنوات.

 

وقال مصدر خاص في الخارجية الليبية إن الوفد المصري يزور طرابلس بعد تنسيق الخارجية الليبية لمناقشة بعض الملفات المهمة بين الجانبين في إطار عودة مبدئية للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين في ظل حكومة الوفاق الوطني.

 

وأضاف المصدر للجزيرة نت أن السلطات الليبية طالبت بتفعيل الاتفاقية المشتركة الموقعة بين مصر وليبيا والتي تعرف بالحريات الأربع وهي حرية التنقل والتملك والإقامة والعمل.

 

وتناقش السلطات الليبية خلال زيارة الوفد المصري منح الإذن للجهات الليبية المختصة للوقوف على أوضاع السجناء الليبيين في السجون المصرية، إضافة إلى تفعيل تقديم الخدمات القنصلية للمواطنين المصريين في ليبيا من داخل العاصمة طرابلس والاتفاق حول رسوم الإقامة للمواطنين المصريين.

 

الحركة الجوية

 

ومن بين الملفات المطروحة على جدول المباحثات إعادة الحركة الجوية بين البلدين وفتح المطارات المصرية أمام الطائرات الليبية، إضافة إلى فتح المنافذ البحرية وإعادة الحركة التجارية بين طرابلس والقاهرة.

 

وتابع المصدر أنه "بلا شك أن مطالب السلطات المصرية هي أمنية، ولذلك نسقنا -في الخارجية الليبية- للوفد المصري الاجتماع بالمسؤولين العسكريين والأمنيين الليبيين رفيعي المستوى إضافة إلى مناقشة الوضع السياسي".

 

وأفاد المصدر بأن أي مطالب مشروعة بين الجانبين ستكون في إطار الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة بين الدولتين وفقا للاتفاقيات الثنائية ومبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى واحترام السيادة الوطنية.

 

نتائج غامضة

 

من جهته، اعتبر عضو المجلس الأعلى للدولة بالقاسم دبرز أنه من المبكر الحديث عن نتائج لاجتماعات الوفد المصري الذي يزور طرابلس خاصة بعد التوتر الأخير بين البلدين.

 

وأردف للجزيرة نت "الشق الأمني هو الجزء الرئيسي في المحادثات بين الجانبين، إضافة إلى الحديث عن الأوضاع السياسية ومن بينها خيار استمرار حكومة الوفاق الحالية في أداء مهامها".

 

وأوضح رئيس اللجنة الأمنية بالمجلس الأعلى للدولة أن الجانب الليبي سيطالب بتفعيل الاتفاقيات المشتركة الموقعة سابقا والتي تخدم البلدين، إضافة إلى تنسيق الترتيبات بين الجانبين بعد معرفة خيارات الدولة المصرية في التعامل مع الملف الليبي.

 

ويرى دبرز أن السلطات المصرية لن تفرط في حليفها حفتر في ليبيا إلا عند الحصول على ضمانات تعتقد أنها متوفرة في شخص حفتر فقط، مشيرا إلى أن مواقف السلطات الليبية في طرابلس من حفتر واضحة لا تحتاج إلى تفصيل.

 

موقف القاهرة

 

على الجانب المصري، اتفق محللون وخبراء، على أن زيارة الوفد المصري تأتي في سياق تغير رؤية القاهرة في التعاطي مع الأزمة الليبية، التي تشهد تهدئة بعد تصعيد عسكري وصل ذروته الصيف الماضي بتلويح مصري بالتدخل العسكري لصالح اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

 

واعتبر الأكاديمي والمحلل السياسي المصري خيري عمر أن للزيارة طابعا سياسيا لا عسكريا، قد يمتد لضبط أمن الحدود، وتبحث عن فكرة الحلول وليس الصراع، وربما يظهر من نتائج مباحثاتها ما يتعلق ببعض التسويات المختلفة كاختيار حكومة جديدة أو إجراء انتخابات في ليبيا.

 

وفي تصريحات للجزيرة نت، قال عمر إن تغير السياسة المصرية تجاه الأزمة الليبية، يأتي ضمن حالة انتقال نحو المشاركة الفاعلة في الترتيب لمرحلة جديدة، بعد فشل حملة حفتر العسكرية على طرابلس، والذي أصبح موقفه مطروحًا للنقاش مع تراجع حظوظه لدى القاهرة، وأنه لن يحقق المصلحة المصرية في الفترة المقبلة.

 

ومنذ ذلك الحين، بحسب عمر، فإن وجهات نظر مصرية خرجت تطالب بإعادة ترتيب الموقف المصري في ليبيا، إلى جانب ظهور اتجاهات قوية بضرورة التحول بقوة نحو البحث عن السلام، ودعم الجهات التي تبحث عن تسوية سلمية، بعد تثبيت وقف إطلاق النار مؤخرًا.

 

تطوير العلاقات

 

وبناء على ذلك، رأى عمر أن مصر وجدت الفرصة، لتطوير العلاقات مع الأطراف الليبية المختلفة، وهو ما بدا في استقبالها فرقاء الأزمة، ونشاط دبلوماسيتها، وفتح قنصلية في سبها "جنوب غرب" كمؤشر على تنشيط العلاقات مع الغرب الليبي.

 

أما عن تزامن الزيارة مع زيارة وزير الدفاع التركي، فقال عمر إنها ربما تحمل دلالات تشير إلى أن هناك إمكانية لتنسيق مصري تركي في ضوء مساحات مشتركة في الملفات بين البلدين، لكن ذلك يتوقف على تحركات أطراف أخرى دولية على غرار واشنطن وموسكو.

 

بدوره، قال مدير منتدي شرق المتوسط للدراسات السياسية والإستراتيجية محمد حامد، إن الزيارة تهدف إلى دعم الجهود الأممية في تثبيت وقف إطلاق النار ودعم الحل السياسي وبحث التنمية والانتخابات البرلمانية والرئاسية وكتابة الدستور، وإفراز حكومة جديدة وإنهاء حقبة حكومة الوفاق المؤقتة.

 

الوجود التركي

 

وأضاف في تصريحات للجزيرة نت أن بلاده "تبقى رافضة للنفوذ والوجود التركي المؤثر على حكومة الوفاق، طالما يؤثر على الأمن القومي المصري بشكل أو بآخر"، غير أنه تطرق إلى ما أثير بشأن وجود حوار على المستوى الاستخباراتي بين القاهرة وأنقرة.

 

وثمة إشارة مهمة لفت إليها حامد، تتمثل في أن القاهرة لا تزال تعترف بحكومة الوفاق باعتبارها حكومة معترفا بها دوليا، كما أن علاقاتهما الدبلوماسية لم تنته.

 

وأكد أن الخلاف المصري مع حكومة طرابلس "خلاف في الرؤى"، مستشهدا بتصريحات سابقة للسيسي بأن بلاده "لا تنحاز لطرف في الأزمة الليبية، لكنها تحمي أمنها القومي".

 

وفيما يتعلق بموقف مصر من استمرار دعمها لحفتر، أكد حامد أن "مصر مع قرار الشعب الليبي في الانتخابات، فهي لا تملي أي شيء على الشعب الليبي، وتقف على مسافة واحدة من الجميع".

 

من جانبه، قال الخبير العسكري المصري اللواء المتقاعد جمال مظلوم إن الزيارة تأتي ردا على زيارة وزير داخلية حكومة الوفاق فتحي باشاغا أوائل الشهر الماضي، ومحاولةً لاستقطاب الأطراف في الغرب الليبي، موضحا أن مصر تريد التأكيد على وقوفها مع جميع الأطراف، ومع استقرار وأمن ليبيا.

 

وتأتي هذه الزيارة بعد أسبوع من زيارة وفد مصري برئاسة رئيس المخابرات المصرية عباس كامل إلى مدينة بنغازي شرق ليبيا التقى خلالها اللواء المتقاعد خليفة حفتر. كما أنها تتزامن مع زيارة وفد عسكري تركي رفيع إلى طرابلس.

 

 


التعليقات