المصادر غير الإسلامية للتشيع في الخرافة السلالية الهاشمية (12- 12)
- أحمد الكاتب اليمني الجمعة, 06 يناير, 2017 - 04:17 مساءً
المصادر غير الإسلامية للتشيع في الخرافة السلالية الهاشمية (12- 12)

في هذه السلسلة يكشف (الموقع بوست) حقيقة ما يسمى بالخرافة السلالية الهاشمية، من خلال (12) حلقة متتالية، توضح كيف تم صناعة هذه الخرافة، و كيف جرى الترويج لها، واقناع الناس بها تأريخيا.
 
السلسلة تشكل مجموعة ابحاث تأريخية عميقة، استغرقت وقتاً طويلاً في سبيل الوصول الى الحقيقة.

وبهذه الحلقة يختتم (الموقع بوست) هذه السلسلة التي تشكلت من (12) حلقة تم نشرها اسبوعيا، على آمل أن نقوم بعمل ملخص بكل ما أحتوته جميع الحلقات بمادة واحدة، اضافة لوضعها في مادة واحدة، بحيث يسهل الرجوع إليها في رابط واحد.

وترحب هيئة تحرير الموقع بأي نقاشات حول هذه المادة، كما تفتح الباب لقضايا أخرى من هذا النوع، أمام الباحثين للنقاش والملاحظة وإثراء الموضوع، شاكرين لكل القراء والمتابعين متباعتهم للمادة منذ الحلق  الاولى.

 
 
يتميز الفكر الشيعي عموماً بخصائص تنبثق عن مقولتين رئيسيتين تتلخصان في الاصطفاء الإلهي وتوارث الاصطفاء. وفي سبيل تثبيت وترسيخ المعتقدين استعار أدوات فكرية ذات منبت غير إسلامي لتشكل مميزات وقاعدة ناظمة للاستشهادات الشيعية وتفسير، واختلاق نصوص دينية إسلامية تؤمّن استمرار المقولات الشيعية في نفوس المتشيعين، يمكن التطرق لبعضها في الآتي من النقاط المترابطة في مفاهيمها:
 
مركزية الإمامة:
 
لعل هذه الأداة الفكرية مستقاة بصورة غير مباشرة عن الديانة المسيحية، والبوذية بدرجة أقل، فكلا الديانتين حورت نفسيهما في شخصيتي المسيح وبوذا، فأصبحت الأطروحات اللاهوتية – رغم أن البوذية بالأساس ديانة سلوكية لا غيبية – تدور حولهما. وبصورة أكثر وضوحا  استُعيرت  فكرة الإمامة -قبل أسلمتها- من الديانتين الزرادشتية واليهودية المتمحورتين في زرادشت ويعقوب وذريتهما. وبشكل مقارب حور الفكر الشيعي الإسلام في مقولة الإمامة وحول أشخاص الأئمة ففسروا عديد آيات قرآنية بمتعلقات الإمامة، واختلقوا الكثير من الأحاديث والأساطير الدائرة حول الإمامة حتى ظهرت مقولة الدين هو الولاية، أي ولاية الإمام علي وذريته.
 
المسحة الإلهية على الأئمة:
 
مما كان سائداً في الديانات القديمة اصطباغ الملك بالمسحة الدينية والإلهية، فكان هو الإله ذاته، أو ابن الإله، أو وكيل الإله في الأرض والكاهن الأعظم الذي يعبر عن إرادة الإله، أو الإنسان النصف إلهي. وفي بعض الحالات كان الإنسان المميز مخلوقاً من أجزاء إلهية. ومن تجليات ذلك في الفكر والوجدان الشيعي مادة الخلق النورانية للأئمة والعصمة منذ الولادة حتى الوفاة، غير ما نسب لهم من خوارق وخصائص فوق بشرية.
 
استمرارية الوحي الإلهي:
 
بشكل أو بآخر، ويتكشف من خلال تصريحات مرتبطة بتواصل الأئمة مع الله عن طريق وسائل إيحائية إلهية كالإلهام، أو العلم اللدني.
 
النزعة الكهنوتية:
 
وهي نزعة سادت كل الأديان، وانتقدها الدين الإسلامي، يقول تعالى " اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ" التوبة 31، فصار التلمود مساوياً بل ومتقدماً على العهد القديم بما فيه التوراة في تشكيل الموقف العقلي والوجداني والسلوكي لليهود. وتتجلى النزعة الكهنوتية في الأدبيات الشيعية من خلال الاعتقاد بالإلهام الإلهي للأئمة أولاً، وإفاضة هؤلاء لبعض أسرار العلم على خواصهم دون غيرهم من الناس ثانياً، وعبر هذا التخصيص بالإفاضة العلمية احتكر الخواص العلم واحتكروا معه حق التفسير للمراد الإلهي، وبالتالي انقسم العلم الديني إلى ظاهر وباطن، الباطن منه هو الجوهر والأئمة هم الأقدر على معرفته وعنهم احتكره الخواص، ما فتح الباب على مصراعيه لإمكانية الإضافات الدينية حتى على الدائرة الرمزية- الغيبة والشعائرية – وإعطائها نفس درجة القداسة والإلزامية للنص الديني الوارد عبر النبي، أكان قرآناً أو سنة. ونتيجة لهذا الاحتكار التفسيري للمراد الإلهي عبر الإمام أو وكلائه عززت المؤسسة الكهنوتية، تأسياً بكهنوتية ديانات مختلفة هندوسية ويهودية، ومسيحية، دورها وسطوتها في حياة الناس باستقطاعها جزءاً من مدخولاتهم المالية للقيام بدور الوساطة بينهم وبين الله، ما يؤمن لهذه المؤسسة سلطة روحية وسياسية بصرف النظر عن موقف السلطات السياسية الزمنية منها.
 
التضحية والاستشهاد:
 
كان الموقع المعارض أغلب فترات التاريخ الإسلامي للجماعات الشيعية ضد السلطات الرسمية وانكساراتهم المتكررة عاملاً في البحث عن أدوات إيديولوجية تحول الشهادة إلى منظومة تعبوية للوجدان الشيعي، فكانت الأديان القديمة هي المخزن الذي يمكن اللجوء إليه، وتولت المسيحية توفير تلك الأدوات، فظهرت نتيجة لذلك كثير من الشعائر والطقوس غير الواردة في المرجعيات الإسلامية. وبخاصة في العهد الصفوي وما تلاه من سيطرة قائمة اليوم على معظم المجال الشيعي. فكان الحسين هو المسيح الذي أريق دمه لخلاص الأمة.
 
النزعة الطبقية التمايزية:
 
وهي نزعة تتعدد أصولها، غير أن أبرزها جاء من الديانة الهندوسية الهندية، والزرادشتية، واليهودية التي تجعل الكهانة اختصاصا حصريا في أولاد ليفي ثم في نسل هارون. وتتمظهر النزعة التمايزية داخليا لدى الشيعة في الألقاب المضافة إلى كل إمام على حدة وذرياتهم إلى جانب اللقب العام كالسيد والشريف، وكذا في اللباس وغيرهما من المظاهر. لكن النزعة التمايزية لناحية صلتها بالهوية تتحدر بصورة رئيسية من الديانة اليهودية حيث تسكن هذه النزعة الحركة التاريخية والفكرية للأمة اليهودية.
 
المظلومية:
 
 قمع السلطات عبر التاريخ الإسلامي لحركات التمرد المنسوبة للعلويين والشيعة ولد ميلا عارما لاستعارة تنظيرات الفكر اليهودي وامتداده المسيحي – إلى حد ما- لتأطير إحساس المظلومية في أنساق فكرية، اعتقادية، وشعائرية ليشكل مفهوم المظلومية والنزعة التمايزية عاملين أساسيين في تكون الهوية الشيعية الخاصة.
 
النزعة الانتقامية الثأرية:
 
وتتمظهر هذه النزعة لدى الشيعة في ترانيم وقصائد ومسرحيات وخطابات المناسبات المختلفة. وتنبع هذه النزعة الانتقامية من معتقدات المخلّص ومعركته الفاصلة بين الخير والشر، المؤمنين وغير المؤمنين، كما هي الحال في العديد من الديانات بمقدمتها الديانة الزرادشتية، واليهودية، والمسيحية. فمعركة هرمجدون –المتسربة إلى التراث السني الإسلامي كذلك - لدى اليهودية والمسيحية تتجلى كوضع انتقامي في آخر الزمان. وكل طائفة ودين يحمل معتقد المعركة الفاصلة والمخلص يجير الخير لصالح منتسبيه. ويتولى الفكر الشيعي هذه الوجهة بقوة في مقولة المهدي المنتظر الذي ستكون من أبرز مهامه الثأر من غير الشيعة ابتداء بأبي بكر الصديق.
 
النزعة الأسطورية:
 
 يمتلئ التراث الشيعي في تأثر واضح بالديانات الهندية وإلى حد ما الزرادشتية بالكثير من الأساطير، من بينها على سبيل المثال لا الحصر خوارق الأئمة، والولادة غير المألوفة بشريا للرموز الدينية، كولادة المهدي في الحالة الشيعية.
 
في ناحية الاستعارات من الأديان الأخرى للفكر الشيعي على الدائرة الرمزية العقائدية والشعائرية – التوقيفية على الله – نورد بعض أوجه الشبه في الأديان غير الإسلامية والتشيع:
 
المهدي:
 
يأتي أخر الزمان من نسل زرادشت من يحيي الدين ويقضي على الظلم وينشر العدل، هذا في الديانة الزرادشتية. وفي بعض فرق البوذية لا يزال "دلاي لاما" الذي اختفى في دير بوتالا العظيم يطل على مدينة لاهاما، موقع عقيدة عند أهل التبت "بوذا المنتظر". وهذه عقائد شديدة الشبه بعقيدة المهدي المنتظر من نسل النبي، مختفي في سامراء ويعيش في هذا العالم، ويظهر في آخر الزمان للثأر من الظلمة ونشر العدل.
 
الوحي:
 
في الدين البابلي لاشيء يمكن أن يعرف إلا بالوحي الإلهي، وفي الزرادشتية قرارات الملك وأحكامه يوحيها إليه الإله. وهذه تشبه إضفاء القداسة لدى الفكر الشيعي على الأئمة واستمرار اتصالهم بالسماء.
 
الكهانة:
 
في الدين اليهودي لم يكن أحد غير الكهنة يستطيع أن يقرب القرابين بالطريقة الصحيحة أو يفسر الطقوس أو الأسرار الدينية تفسيراً آمناً من الخطأ. وفي الدين الهندي (الهندوسي) الخلاص الكامل لأعلى الأرواح وأكملها، ومن هؤلاء تتكون طائفة "الأرهات" أي السادة المعظمون، كما أن من حق البرهمي السيادة على سائر الكائنات. وهي صور متشابهة لدور الإمام ورجل الدين الشيعي المتدرج مثل البرهمي إلى منصة الوكالة عن الإمام، في التوسط بين الله والناس وما يستتبعه من هيمنة وسيادة عليهم.
 
المال الكهنوتي:
 
 في الدين المصري لم تكن الحياة الصالحة سبيل السعادة الأبدية بل السحر والطقوس وإكرام الكهنة، وفي الدين البابلي كان الأغنياء والفقراء يخصصون للهياكل من مكاسبهم الدنيوية، وفي الدين الهندي كان رأس التقوى السخاء في رسوم تقديم القرابين للكهنة. وهي معتقدات مشابهة لمركزية مسألة دفع الشيعة جزءاً من مدخولاتهم المالية على المرجعيات.
 
العلم الخاص:
 
في الدين الهندي الحقيقة المطلقة لا تتكشف إلا لهؤلاء المخلّصين للبشر الذين يظهرون على فترات منتظمة "الجنا"، وفيه أن أسرار المعلم يمنحها لخيرة تلاميذه وأحبهم إليه. وفيها تشابه في معتقدات التشيع عن العلوم الخاصة واحتكار الحقيقة وإيداعها من الأئمة لتلاميذهم المقربين.
 
العلم الباطني:
 
في الزرادشتية نزعة باطنية في تفسير المراد الإلهي، والنصوص المقدسة ذات ظاهر حرفي وباطن جوهري، وفي الدين الهندي لا ندرك أتمان (روح العالم) بالتحصيل، بل بالبصيرة، البصر الباطني للعقل. وهذا المعتقد والأسلوب يشابه ما يعتقده الشيعة ويفسرون على أساسه الكثير من النصوص القرآنية.
 
عقدة الذنب:
 
الشعور بالذنب تفيض به ترانيم البابليين، والخطيئة هي الفكرة الأساسية في الدين اليهودي، والمسيحي. وهي تشابه عقدة الشيعة بالأخص فيما يتعلق بخذلان الأئمة.
 
النحيب:
 
في الدين البابلي والفارسي القديم، والكنعاني، احتفالات بذكرى وقائع مأساوية لموت كائن مقدس في يوم يحزن فيه المحتفلون وينتحبون ويبكون، ولا يخفى ما فيها من تشابه مع مجالس عزاء الشيعة في أئمتهم لاسيما في الحسين.
 
المواكب:
 
في الدين البابلي كان أهم ما يجب أن يعمله البابلي التقي الاشتراك في المواكب الطويلة التي كان الكهنة ينقلون فيها صورة "مردك" من هيكل إلى هيكل ويمثلون فيه مسرحية موته وبعثه المقدسة، وكذلك في الديانات الفارسية القديمة مواكب حزن ونحيب وضرب على الصدور، وفي الأعياد الدينية الكثيرة لدى البوذية كان الناس يسيرون في مواكب عظيمة أو أفواجً من الحجاج قاصدين إلى الأضرحة القديمة. وهي تشابه مواكب الشيعة ومراسمهم التمثيلية في مناسباتهم وزياراتهم أضرحة أئمتهم.
 
الترانيم:
 
لدى المصريين القدامى ترانيم نصوص الأهرام، وفي ترانيم البابليين أو أناشيد التوبة ينشدها الكهنة والمصلون وهم يتمايلون. وفي الدين اليهودي والمسيحي كانت تقام في الهياكل الأغاني والمراسيم. وهذه تشابه ما يعمله الشيعة في المساجد والحسينيات، التي تمثل الترانيم وأداؤها بأساليب غنائية مع حركات تمايل المظهر الطقوسي الأبرز.
 
الحجارة المقدسة:
 
ظلت أقلية كبيرة من اليهود تسجد للحجارة المقدسة، ويغسل البوذيون حجر "اللنجا" في معبد "رامشفارام" كل يوم بماء الكنج، ثم يباع فيما بعد للمتدينين. وهي تشابه صنع أحجار خاصة من تربة النجف تباع للشيعة الاثني عشرية للسجود عليها.
 
مادة الخلق:
 
في الزرادشتية قصة الحمل الإلهي المقدس بزرادشت، إذ أن ملاكاً تسرب إلى نبات، وانتقل في عصارته إلى جسم كاهن، في الوقت ذاته دخل شعاع من أشعة العظمة السماوية إلى صدر فتاة راسخة النسب، وتزوج الكاهن بالفتاة، فامتزج الملاك والشعاع، فنشأ زرادشت من هذا المزيج. وفي ديانات أخرى قصص مشابهة. وهي تماثل اعتقادات الشيعة بمادة الخلق النورانية للأئمة، وتمازج النطفتين الساسانية والفاطمية في زواج الحسين من ابنة يزدجر وإنجابهما زين العابدين علي بن الحسين.
 
وزير للشعائر الحسينية
 
كانت تلك أمثلة من استقاء التشيع لمعتقدات غيبية وأساليب طقوسية – خاصة بالعلاقة بين الله والبشر أو بالدائرة الرمزية – من ديانات أخرى خارج الدين الإسلامي. ويوجد غيرها الكثير خصوصاً إذا قارنا أوجه الشبه بين أساطير شيعية وأساطير ديانات ثانية، لكن تم الاكتفاء بالأزيد بروزا وظهوراً وارتباطاً بأساسيات الفكر الشيعي.
 
ونختتم هذا القسم بنقل بعض من أقوال المفكر الشيعي الإيراني علي شريعتي من كتابه "التشيع العلوي والتشيع الصفوي".
 
يشير إلى أن النظام الصفوي استحدث منصباً وزارياً جديداً باسم وزير الشعائر الحسينية (القرنين السادس عشر والسابع عشر). وذهب وزير الشعائر الحسينية إلى أوروبا الشرقية وأجرى هناك تحقيقاً حول المراسيم الدينية والطقوس المذهبية والمحافل الاجتماعية المسيحية وأساليب إحياء ذكرى شهداء المسيحية والوسائل المتبعة في ذلك واقتبس تلك المراسيم والطقوس وجاء بها إلى إيران، ومن تلك المراسيم النعش الرمزي والضرب بالزنجيل والأقفال والتطبير واستخدام الآلات الموسيقية وأطوار جديدة في قراءة المجالس الحسينية جماعة وفرادى.
 
كما تضمنت مراسم العزاء المسيحي تمثيل حياة شهداء الحركة المسيحية الأوائل وإظهار مظلوميتهم وطريقة قتلهم بواسطة حكام الجور والشرك وقياصرة الروم، وكذلك التطرق لسيرة الحواريين ومأساة مريم وبيان فضائلها وكراماتها ومعاناتها، والأهم من ذلك تجسيد مأساة عيسى المسيح ........ المصائب، وهو مصطلح يطلق على مجموع هذه المراسيم التي اقتبسها الصفويون وأدخلوها إلى التاريخ الشيعي لتصبح جزءاً من الهوية الشيعية وتستخدم في تجسيد المصائب التي تعرض لها أهل البيت والزهراء (ع) والإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه، ومن الزرادشتية "هالة النور التي توضع على رأس صور الأئمة وأهل البيت هي مظهر مقتبس أيضاً وربما امتدت جذوره إلى طقوس موروثة عن قصص ايزد ويزدان وغيرها من المعتقدات الزرادشتية في إيران القديمة".
 
لمتابعة الحلقات السابقة على الروابط التالية:
 
الحلقة الاولى.
 
الحلقة الثانية.
 
الحلقة الثالثة.
 
الحلقة الرابعة.
 
الحلقة الخامسة.
 
الحلقة السادسة.
 
الحلقة السابعة.
 
الحلقة الثامنة.
 
الحلقة التاسعة.
                                                                                           
الحلقة العاشرة.
 
الحلقة الـ11
 


التعليقات