أثار تشكيل مسؤولين وعسكريين وسياسيين في عدن، ثاني كبرى مدن اليمن، الخميس الماضي، مجلسا انتقاليا لإدارة المحافظات الجنوبية المحررة، ردود أفعال واسعة يمنيا وإقليما ودوليا.
ويكشف رصد الأناضول أن أغلب هذه الرود اعتبر أن المجلس، المؤلف من 26 شخصية، برئاسة محافظ عدن المقال، اللواء عيدروس الزُبيدي، يشكل "تهديدا لوحدة أراضي اليمن"، بالسعي إلى انفصال الجنوب عن الشمال، وسط تحذيرات من "انقلاب في الجنوب" مشابه لـ"انقلاب الحوثيين وحلفائهم" في الشمال.
وبينما اتفق الفرقاء، الحكومة الشرعية وجماعة الحوثيين، على التنديد بتشكل المجلس الجنوبي، إلا أن الجماعة اعتبرت أن هذه الخطوة تعد "تجلٍ لأهداف الاحتلال الأمريكي الذي يسعى إلى تفتيت اليمن".
وانقسمت مكونات الحراك الجنوبي بين رافض للمجلس يعتبره "انقلابا"، ومؤيد له يراه "تتويجا لنضال شعب الجنوب"، بينما أعلن محافظون جنوبيون عن تأييدهم للمجلس، وفي الوقت نفسه دعمهم للرئيس عبد ربه منصور هادي.
وفيما يلي أبرز ردود أفعال الأطراف المعنية يمنيا وإقليميا ودوليا، وفق رصد الأناضول:
- الحكومة اليمنية:
عقب اجتماع عقده الرئيس هادي، مع مستشاريه، بحضور رئيس الوزراء، أحمد عبيد بن دغر، أعلنت الرئاسة، في بيان، رفضها تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي، معتبرة أنه "يعمق هوة الانقسامات، ولا يحقق الصالح العام لليمن كدولة واحدة".
ودعا رئيس الوزراء دول التحالف العربي، الداعمة للحكومة الشرعية إلى "الخروج عن صمتها بشأن ما يحدث في المناطق المحررة، خاصة مظاهر الأزمة في عدن"، التي اعتبر أنه يمكن للتحالف السيطرة عليها.
ومنذ 26 مارس 2015، يشن هذا التحالف عملية عسكرية في اليمن، لدعم القوات الحكومية والمقاومة الشعبية في مواجهة مسلحي جماعة الحوثيين والرئيس المخلوع علي صالح، المدعومين من إيران، والذين سيطروا بقوة السلاح على محافظات، منها صنعاء في 21 سبتمبر 2014.
وأضاف بن دغر أنه "ليست هناك حلول لأزمة البلد المعقدة يمكن لطرف أو محافظة أو حتى إقليم فرضها على سائر أطراف المجتمع، وإذا كان ما يشهده اليمن هو نتاج لانقلاب الحوثيين وحلفائهم، فالخشية أن يتكرر الأمر في عدن".
- الحوثيون:
حذر المتحدث باسم جماعة الحوثيين في صنعاء، محمد عبدالسلام، من تبعات المجلس الانتقالي، ومما يحدث في جنوب اليمن، معتبرا ذلك "تهديدا لوحدة أراضي اليمن".
وقال عبدالسلام إن تشكيل مجلس انتقالي جنوبي هو "مخطط تقسيمي بإشراف غربي"، معتبرا أن ذلك يعد "تجلٍ لأهداف الاحتلال الأمريكي الذي يسعى إلى تفتيت اليمن".
- الحراك الجنوبي:
تباينت ردود الأفعال في أوساط مكونات الحراك الجنوبي، إذ أيد نائب الرئيس اليمني السابق، على سالم البيض، الذي يقود كبرى فصائل الحراك المطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله، تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي، بينما أعلنت فصائل أخرى رفضها القاطع للمجلس.
واعتبر البيض أن تشكيل المجلس يمثل "إنجازا تاريخيا عظيما وتتويجا لنضال شعب الجنوب العربي العظيم".
بينما عبر المجلس الأعلى للحراك الثوري، بزعامة حسن باعوم وأتباعه، ومؤسس الحراك الجنوبي اللواء ناصر علي النوبة، والقيادة العامة لائتلاف المقاومة الجنوبية، عن رفضها تشكيل هذا المجلس.
وقال اللواء النوبة في بيان "من خلال موقعي النضالي كمؤسس للحراك الجنوبي وباسم مناضلي الحراك على الساحة الجنوبية من المهرة إلى باب المندب، أدين إعلان المجلس الانتقالي، واعتبره غير شرعي، وأدعو جميع القوى والتيارات السياسية في الجنوب والشمال إلى إدانة هذا العمل الانقلابي".
- المحافظون الجنوبيون:
قاد محافظ شبوة أحمد حامد لملس، أمس الثلاثاء، مظاهرة تأييد للمجلس الانتقالي الجنوبي، وأعرب في الوقت نفسه خلال المظاهرة عن تأييده لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وأكد محافظ حضرموت اللواء أحمد سعيد بن بريك، في تصريحات صحفية، على عضويته في المجلس الانتقالي الجنوبي، ودعا إلى الاصطفاف مع قيادته.
لكنه في الوقت نفسه أكد "الاعتراف بدور رئيس الشرعية هادي كرئيس توافقي".
واعتبر محافظ لحج ناصر الخبجي أن المجلس الانتقالي الجنوبي هو "الإطار السياسي المعبر عن قضية شعب الجنوب في الداخل والخارج، وسيعمل على تغطية الفراغ السياسي المتعمد".
- السعودية:
بعد يوم واحد من تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي، استدعت السعودية رئيسه عيدروس الزبيدي، ونائبه، وزير الدولة المقال هاني بن بريك.
وخلال اتصال هاتفي مع نظيره اليمني عبد الملك المخلافي، أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير على استمرار دعم السعودية لليمن حتى استعادة الشرعية، وحرصها الدائم على أمن واستقرار اليمن وسلامة أراضيه ووحدته الوطنية.
وقال عضو مجلس الشورى السعودي (البرلمان) صدقة بن يحيى فاضل إن ما يحدث في جنوب اليمن "جريمة سياسية" بحق البلاد.
- الإمارات:
وفي سلسلة تغريدات، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش إن دور بلاده في اليمن "مساند للسعودية"، قائدة التحالف العربي، لكنه تجنّب تحديد موقفه بوضوح من رفض مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية تشكيل المجلس الجنوبي.
وأضاف قرقاش أن "من يدّعي مصالح ضيّقة لنا في ميناء أو قاعدة أو منطقة، حزبي جاحد لا يدرك توجّهنا وموقفنا".
وتابع "التزامنا ضمن التحالف العربي، بقيادة الرياض، يقضّ مضجع ثوار الثرثرة".
وكان قرقاش انتقد في وقت سابق قرار الرئيس اليمني إقالة الزبيدي من منصب محافظ عدن، وإعفاء وزير الدولة بن بريك من منصبه.
- مجلس التعاون الخليجي:
قال رئيس مجلس التعاون لدول الخليج العربي عبد اللطيف الزياني، في بيان، إن دول المجلس "تدعو جميع مكونات الشعب اليمني في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ اليمن إلى نبذ دعوات الفرقة والانفصال، والالتفاف حول الشرعية لبسط سلطة الدولة وسيادتها واستعادة الأمن والاستقرار في مناطق اليمن كافة".
ودعا المجلس إلى "إعادة الأمور إلى نصابها حتى يتسنى للشعب اليمني الشقيق استكمال تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل، التي عالجت القضايا اليمنية كافة، بما في ذلك القضية الجنوبية".
- الجامعة العربية:
أعرب أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط عن انزعاج شديد إزاء التطورات في جنوب اليمن.
وقال المتحدث باسمه محمود عفيفي في بيان إن "الأمين العام أكد دعمه الكامل لوحدة التراب اليمني".
وأضاف أن أبو الغيط "يرى أن الأولوية خلال المرحلة الحالية ينبغي أن تكون لمواجهة الجماعة الخارجة عن الشرعية (يقصد الحوثيين)، والوصول إلى تسوية سياسية شاملة في البلاد، على أساس المبادئ والمنطلقات التي حددها كل من قرار مجلس الأمن رقم 2216، ومخرجات الحوار الوطني، ومبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلياتها التنفيذية".
واعتبر أن "الأولى بالجميع في المرحلة الدقيقة الحالية دعم الشرعية لبسط سيادتها على كامل التراب اليمني، واستعادة الاستقرار إلى هذا البلد، الذي يتطلع أهله إلى السلام بعد سنوات من المعاناة والآلم".
- الأمم المتحدة:
أعلن مبعوث الأمم المتحدة الخاص باليمن إسماعيل ولد الشيخ عن وقوف المنظمة الدولية إلى جانب اليمن، والعمل على إعادة الأمن والاستقرار والسلام، والتزامها بسلامة البلد ووحدته وسيادته واستقراره.
وبينما تتواصل أزمة إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي وتفاعلاتها، فإن الحكومة اليمنية تجد نفسها اليوم، بفضل سلسلة المواقف اليمنية والإقليمية والدولية المؤيدة لها، أمام متنفس كبير للإقدام على تحركات مضادة لهذا المجلس الانفصالي، لكن ذلك لا يلغ الأزمة القائمة في الجنوب اليمني.
وبموازاة هذه الأزمة، أودت الحرب في اليمن بحياة أكثر من عشرة آلاف شخص، أغلبهم مدنيون، وجرحت عشرات الآلاف، وشردت قرابة ثلاثة ملايين من أصل 27.4 مليون نسمة، وفق الامم المتحدة، التي حذرت من أن ثلث محافظات اليمن الـ22 بات على شفا المجاعة.